النخيل.. إبداعات ومهارات

نقوش الماضي
03:23 صباحا
قراءة دقيقتين

الشارقة: مها عادل

النخيل، حياة تنبض في وحشة الصحراء، تغوص جذوره عميقاً وترتفع هامته عالياً، فيبدو كروح متدفقة بين الأرض والسماء. ارتبط بأهل الإمارات وارتبطوا به منذ قديم الأزل وعاش دائماً في تراثهم ووجدانهم وارتبط بإبداعهم وفنونهم؛ حيث يزرع النخيل في كل إمارات الدولة، ويعد محصوله السنوي من التمر، جزءاً من الخيرات المباركة لهذه الأرض الطيبة. فهو رمز العطاء والخير وعنوان الكرم والترحاب في التراث العربي.
ويتميز نخيل الإمارات بالتنوع الكبير في صفاته وأشكاله؛ حيث ضمت واحات النخيل في الإمارات أجود أنواعه، وأهمها النغال، الفرض، أشهل، خصاب، خاضوري، جش سويح، عين يقر، خنيزي، خلاص، هلالي، خشكار، جش، حبش، حمري. ولكل نوع طعمه المميز ونكهته الخاصة التي يجدها الناس في التمور التي تنتجها.
ولكن عطاء النخيل لا يتوقف عند التمر. فكل ما في هذه الشجرة المباركة يستخدمه الناس ويجدون فيه الكثير من المنافع. خاصة أن بيئة الصحراء تفتقد إلى مصادر أخرى للأخشاب، ولذلك اتجه الناس للتوسع في استخدام ما يقدمه النخيل من موارد تصلح للبناء أو لصناعة الأثاث والحلي، ومن سعف النخيل اعتاد أهل الإمارات منذ قديم الأزل على صناعة الكثير من الأدوات التي يستخدمونها في الحياة اليومية. وتتجلى روح الإبداع في طريقة التعامل مع هذه المادة البسيطة لتنفيذ قطع فنية تتألق بالجمال.


سعف وخوص


وأهم ما يميز سعف النخيل، أنه يجمع ما بين الصلابة والمرونة وهو ما استغله الصانعون الذين تعاملوا مع هذه المادة منذ قديم الأزل في الإمارات. واستطاعوا بفهمهم العميق لطبيعة هذه المادة أن ينتجوا منها العديد من المنتجات التراثية التي ما زالت تحصد الإعجاب في الأسواق الشعبية. فمن سعف النخيل ازدهرت صناعة الخوص أو السفافة وهي واحدة من المهارات التي أتقنتها النساء فاستطعن أن يؤمن احتياجات بيوتهن من سعف النخيل الذي كان يتوفر في الطبيعة من حولهن؛ حيث اقتصرت أدواته على أمور قليلة أهمها مهارة اليدين والصبر والدقة في العمل لإنتاج مصنوعات تؤدي ما صنعت من أجله بنجاح. وتتنوع الأشياء التي تبدعها أناملهن الماهرة وهي تتعامل مع سعف النخيل؛ حيث تصنع القراقير للصيد وكذلك الأقفاص والكراسي، كما عرفت أنواع عدة من الأدوات المنزلية منها ما يستخدم لحفظ المواد الغذائية مثل السلال التي تأتي بأحجام مختلفة، والمكبة مثلثة الشكل وتستخدم لتغطية الأطعمة وحفظه من الحشرات والغبار، والجراب الذي يكون مستدير الشكل عميقاً يحفظ فيه التمر، ومثل الضميدة التي تكون أصغر حجماً ويحفظ بها التمر كذلك، أما المخرفة فهي سلة من الخوص يعلقها الرجل في رقبته حين يصعد النخل لجمع التمر.
وتعددت الأدوات التي تصنع من الخوص منها المشب وتستخدم في إيقاد النار، أما المهفة فهي مروحة يدوية يمكن أن تلون أو تنقش لتكون لوحة فلكلورية رائعة تثبت على يد خشبية من جريد النخل أو تستخدم لتبريد الأكل الساخن وتلطيف الجو.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"