جواز سفر

03:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
كتب: إيهاب عطا

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
ضاقت به الدنيا في بلده حيث قلة فرص العمل، وليس له دخل ثابت ينفق منه ولا أسرة تساعده، فقد تفرق عنه أهله فلا أخ ولا أب ولا أم ولا أخت، وشغلته أمور الحياة، وكعادة الشباب في موطنه يستقل الشاب أو الفتاة عن الأسرة ويتحمل مسؤوليته بمجرد بلوغه سن الثامنة عشرة ليعتمد على نفسه ويشق طريق حياته فيعمل لينفق على نفسه.بحث «ك.ش» عن بلد يسافر إليه ويبدأ فيه مشواره الجديد ويكون فيه من المميزات ومستوى الحياة ما يمكنه من العمل وتوفير المال ليعود إلى بلاده كغيره بالمال الذي يسهل له إنشاء مشروع ولو بسيط يعيش منه، أو خبرة تسجل في سيرته الذاتية عندما يتقدم إلى عمل جيد في بلاده. كانت دولة الإمارات وتحديداً دبي هي الموطن الجديد له والذي قرر أن يسافر إليه محملاً بآمال كبيرة، فلا مانع عنده من الاستقرار في الإمارات بقية حياته إذا سمحت له الظروف وتوفرت له فيها فرصة العمل والدخل الجيد، فلا مانع لديه أن يعيش فيها حتى ولو لم يحصل على جنسية أو إقامة دائمة، فسمعة دبي العالمية تسبقها وكثير من أصدقائه يتحدث عنها سواء من صادفه الحظ وسافر إليها أم حلم بالسفر والعمل والعيش بها.
حط «ك.ش» رحاله في دبي، وتعرف إلى مؤجر للسكن الجماعي «شيرنج» عبر أحد التطبيقات عبر الإنترنت وسكن عنده.
استيقظ «ك.ش» مبكراً في اليوم التالي لوصوله، واتجه إلى قلب المدينة بحثاً عن عمل حيث المطاعم والفنادق والشركات، وحالفه الحظ أن وجد مطعماً تديره مقيمة تحمل جنسيته، وبعد أن أجرت له مقابله قبلته للعمل معها على أن يجتاز فترة اختبار لمدة ثلاثة أشهر فإما أن يستمر في العمل وإما أن يتم الاستغناء عنه، وبدأ «ك.ش» عمله نادلاً في المطعم في اليوم التالي مباشرة، فكان يقدم الطعام إلى الزبائن ويخدمهم، واستمر في العمل ثلاثة أشهر لكن التقييم من قبل مديرة المطعم والمشرف عليه لم يكن في مصلحته، حيث صدرت شكاوى عديدة خلال عمله من زملائه والزبائن أيضاً، فمن سلوكياته ما لا يحبه الزبائن وهو الفضول، فكان لا يرفع عينيه عن الزبائن المميزين، خاصة الذين يترددون كثيراً على المطعم، إضافة إلى أنه كان ينشغل بالنظر في الهاتف المحمول في أوقات كثيرة خلال العمل متابعاً الرسائل والإشعارات مع علمه بأن هذا التصرف ممنوع خلال ساعات الدوام.
انتظر «ك.ش» فترة الاختبار على أحر من الجمر مترقباً النتيجة، إلى أن أخبرته مديرة المطعم بالاستغناء عنه، فانتابته نوبة حادة من الانفعال وسيطر عليه الغضب وارتفع صوته حتى سمعه كل من في المطعم من الزبائن والعمال، فجاءته إحدى موظفات المطعم محاولة تهدئته وإفهامه أنه إذا كان قد خسر وظيفته فبالتأكيد سيجد وظيفة أخرى ربما أفضل، لكنه فقد السيطرة على نفسه وغلبه الغضب فأخذ منها هاتفها وألقاه أرضاً بعنف فانكسر.
وحضرت الشرطة بناء على استدعاء المديرة والموظفة صاحبة الهاتف وطالبت الموظفة بثمن هاتفها، وتم الاتفاق بعد التشاور على أن يستمر «ك.ش» في العمل حتى يسدد ثمن الهاتف، وبالفعل سمحت له المديرة بمزاولة العمل لكنه لم يلتزم بواجباته وكان مهملاً وغير مكترث لأمور كثيرة فازدادت الشكاوى ضده، فلم تجد المديرة بداً من التوجه إلى الشرطة حيث أودعت جواز سفر «ك.ش» لديها وقدمت بلاغاً ضده، وجاءها «ك.ش» طالباً جواز سفره بعد علمه بما فعلته، فأخبرته بأن جواز سفره أصبح في حوزة الشرطة، فما كان منه إلا أن دخل إلى مطبخ المطعم واستل سكيناً وأشهره في وجهها على مرأى ومسمع من الجميع وهددها بأنه سيقتلها إذا لم تحضر له جواز سفره، فعمد أحد الموظفين إلى الاتصال بالشرطة التي حضرت مرة ثانية وقبضت عليه، وهو الآن ينتظر صدور حكم قضائي في قضيته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"