بورصة ترامب الحمراء

05:18 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

اللقاء، الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره المكسيكي أندريس امانويل لوبيز أوبرادور، يمكن أن يكون برهاناً واقعياً على تقلبات المصالح، وتغير السياسات؛ حيث إن الرجلين اللذين أقاما مهرجاناً لتبادل المشاعر الودية بينهما، كانا إلى وقت قريب على خلاف كبير؛ بسبب «أربع سنوات من الإهانات والهجمات والسياسات المسيئة» التي وجهها ترامب تجاه المنحدرين من أصول لاتينية.

المعلقون في الولايات المتحدة والمكسيك أجمعوا على أن عبارات المديح التي أزجاها كل من الرئيسين إلى الآخر، لا تعدو أن تكون نزوة عابرة؛ لغايات في نفس كل منهما، فترامب يريد أن يشطب كل مواقفه تجاه المكسيكيين، وتهدئة الأجواء قبل مواجهة الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وأوبرادور، بدوره، يسعى للظفر بصفقة، علها تنفعه في السنوات المقبلة، إذا استمرت الإدارة الجمهورية في البيت الأبيض؛ لكن أغلب المعلقين يشككون في تحقق شيء من هذا، فترامب يمر بأيام عصيبة، وبورصته السياسية الحمراء على كل المستويات، وسهام النقد تصيبه من كل مكان؛ بسبب قراراته ومواقفه غير المدروسة، خصوصاً في التعامل مع تداعيات جائحة «كورونا». فبينما كان هذا الرئيس ونظيره المكسيكي يحتفيان، تحت شمس حارقة، بمعاهدة جديدة؛ للتبادل الحر بين دول أمريكا الشمالية، وجه رئيس الوزراء الكندي سهماً نادراً إلى واشنطن؛ حين تحدث بشيء من الفخر عن نجاح بلاده في التصدي للجائحة، مقابل تعثر الجهود الأمريكية التي تجاوز عدد الإصابات فيها الثلاثة ملايين. ولم يخل هذا الموقف من غمز إلى الاستياء الكندي الشديد من سياسة ترامب، ومن الاتفاقات التي يوقعها، كما اتفق، من دون أن تكون مؤسسة على رؤية ثاقبة تضمن لها الاستمرار والديمومة.

ماجرى بين ترامب ولوبيز أوبرادور، لا يعدو أن يكون مناورة انتخابية لا أكثر، وهو ما كشفه على الفور الديمقراطيون في الولايات المتحدة، والمعارضون في المكسيك، واعتبروها لعبة مكشوفة، ولا جدوى منها؛ بل إن بعض الشخصيات المكسيكية لامت رئيسها على التسرع، وأملت لو أجل زيارته إلى حين اتضاح المشهد بعد الانتخابات الأمريكية، مؤكدين أن في الأمر مخاطرة، قد تؤثر في مستقبل العلاقات بين البلدين، إذا أصبح جو بايدن رئيساً، وحتى إذا فاز ترامب فلا يمكن لأحد أن يضمن وفاءه بعهوده، خصوصاً إذا أخذته العزة بالفوز وبقي في البيت الأبيض ولاية ثانية.

النظرة الخاطفة إلى المستقبل؛ تكشف أن معاناة ترامب ستتعاظم في الأسابيع المقبلة؛ بسبب قرارات يتخذها وصراعات يخوضها. ومن أطرف ما يصدر عن رئيس أن يهدد بفرض عقوبات مالية على المدارس الفيدرالية إذا لم تستجب لرغبته بفتح أبوابها أمام الطلاب في الخريف المقبل؛ من أجل أن يقول لخصومه إنه انتصر على الإغلاق الذي فرضه فيروس «كورونا»، في الوقت الذي يقر فيه نائبه مايك بنس بصعوبة الوضع، ويشهد كبار الأطباء والخبراء أن الجائحة تستفحل بقوة، مما يعني أن انتخابات نوفمبر استثنائية، وقد تغير ليس إدارة البيت الأبيض فحسب؛ بل الوضع الأمريكي وكل علاقاته الدولية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"