«كاتبين»

05:26 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

«كاتبين» مصطلح عامي نسمعه في اليوم عشرات المرات من المعارف والأصدقاء، ونحن نتبادل الحديث عما يدور في الدنيا من أخبار وحكايات. والقصد ب«كاتبين» أنه عندما يريد أحد أن يخبرك بقصة يقول لك: هل سمعت عن «كذا وكذا..»؟ وعند السؤال عن مصدر الخبر إن كنت تهتم بالدقة طبعاً تكون إجابته «كاتبين».
من هم هؤلاء ال«كاتبين» الذين يملأون الدنيا بالقصص والروايات بعضها يحاكي الخيال، وبعضها صحيح مع التهويل و«التتبيل» حتى ترتقي إلى مقاس راويها، وبعضها للأسف يسيء ويؤذي ولا يكون بريئاً.
الحديث هنا سببه الفضاء الإلكتروني المزدحم جداً جداً بالمعلومات، من كل حدب وصوب، فلا حدود لدولة ولا حاجب لمعلومة، والفضاء أصبح أكبر من القيود والحدود، وما على كل واعٍ إلا تنظيم بيته الداخلي ومراقبة مصادر ما يدلف إلى أهله من معلومات.
«كاتبين» أصبحت لسان حال كل راوٍ لقصة سمعها أو قرأها على أي موقع من مواقع التواصل، من «فيسبوك»، أو «إنستجرام» أو «تويتر» وليس آخرها طبعاً «سناب» أو «تك توك»، والكثير من المواقع القادمة المستحدثة كل يوم.
وما زاد الطين بلة في هذا المضمار، هو أن إمكانية التعديل والتزييف كبيرة، عبر تلك المواقع التي يمكن لأي شخص أن يضيفها إلى هاتفه، فيجري ما يشاء من تغييرات على أي نبأ يريده، ثم يبثه في هذا الفضاء بلا حسيب أو رقيب، وتبقى يد العدالة تلاحقه إن اشتكى أحد أو ألحق منشوره أذى بشخص أو دولة.
بالتأكيد لا ينفع تقييد الحريات في زمن الفضائيات، ولا يمكن حجب المعلومات في زمن التواصل، وإذا كانت «الإنترنت» سابقاً حوّلت العالم إلى قرية صغيرة، فإن «مواقع التواصل» حولته إلى أصغر من «غرفة»، ولا تكاد معلومة تتداول في أقصى شرقي الكرة الأرضية، إلا ويعلم بها من يسكن في غربيّها في اللحظة والساعة.
هذه التدفق غير المعقول للمعلومات والصور والفيديوهات، جعل من الصعوبة أن تجد إنساناً يحمل مفاجأة لآخر، فلا تكاد تفتح فاكَ لتخبر شخصاً بقصة، وإلا يقول لك «عندنا خبر»، أو «شفتها» أو «وصلتني».
والتدفق القادم أكبر بكثير مما نعيشه الآن، فالتطور في هذا المجال إن كان يأخذ دورة سنوية لكي يحدث، أصبح الآن يحتاج إلى شهور وبعدها بالتأكيد لأيام، شأنه شأن برامج الاتصال المجاني التي تستدل إليها الناس، كلما أغلق واحد وفتح آخر.
كل ذلك مدعاة لأمرين: تعديل التشريعات لجعلها قادرة على المواكبة أكثر وأكثر لكل متغير، والثاني بالغ الأهمية وهو ضرورة توعية الأبناء والأهل لمتابعة المواقع الإخبارية الحقيقية أو المعتمدة أو الصفحات الرسمية للجهات نفسها، وعدم استقاء قوت حياتنا المعلوماتي من مواقع مشبوهة لا نعرف مالكها ولا غرضها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"