الورم العصبي الليفي يسبب فقدان السمع والتأخر التعليمي

02:21 صباحا
قراءة 6 دقائق


يصنف الأطباء الورم العصبي الليفي كأحد الأمراض الوراثية، والتي تؤدي إلى تكوين أورام على الأنسجة العصبية، ومن الممكن أن تحدث في أي مكان من الجهاز العصبي.
وتشمل المخ والنخاع الشوكي والأعصاب، وفي العادة فإن هذه الأورام تكون حميدة، ومن الوراد أن تتحول إلى خبيثة في بعض الأحيان.
ويعاني المصاب بهذا الورم بعض المضاعفات، والتي تتضمن فقدان السمع والتأخر في التعليم، وبعض المشاكل في القلب والأوعية الدموية والألم الشديد.
بقع خمرية على الجلد ونمش تحت الإبطين وإعاقة وألم من الأعراض
يتم تشخيص الورم العصبي الليفي في العادة في مرحلة الطفولة أو البلوغ المبكر، مع ملاحظة أن العلاج يهدف إلى السيطرة على الأعراض وتجنب أي مضاعفات. وينصح بالتدخل الجراحي في الحالات التي تعاني أوراماً كبيرة، أو أن الأورام تضغط على العصب، وتقلل الجراحة من الأعراض.
ونتناول في هذا الموضوع مرض الورم العصبي الليفي بكل تفاصيله، مع بيان الأسباب التي تؤدي لهذه الحالة، وأعراضها وطرق الوقاية والعلاج.


3 أنواع


توجد 3 أنواع للورم العصبي الليفي، وتختلف أعراض كل نوع منه، ويعد النوع الأول وهو الورم الليفي العصبي من النمط1. ويظهر هذا النوع غالباً في مرحلة الطفولة، ومن الممكن أن تلاحظ علاماته بعد الولادة مباشرة أو بعدها بمدة قصيرة، وفي كثير من الحالات يكون في سن العاشرة.
وتختلف أعراض هذا النوع من الخفيفة إلى المتوسطة، وتشمل ظهور بقع خمرية على الجلد، والتي تنتشر في كثير من المصابين، وهي غير ضارة، ويعد وجود أكثر من 6 بقع دليلاً على الإصابة بهذا النوع، كما أن ظهور بقع جديدة يتوقف بعد الطفولة المبكرة.
ويظهر كذلك نمش تحت الإبطين أو في المنطقة الأربية، وفي العادة يكون ظهوره بين سن 3 إلى 5 سنوات، وهو أصغر حجماً من البقع الخمرية، ويميل إلى أن يتجمع في ثنايا الجلد.
وتشمل أعراض هذا النوع ظهور نتوءات خفيفة في قزحية العين، والتي تعرف بعقيدات ليش، وهذه العقيدات لا ترى بسهولة، كما أنها غير مؤثرة على الإبصار.


العصبي الضفيري


تتطور في العادة الأورام الحميدة في الجلد أو تحته، كما من الممكن أن تنمو داخل الجسم، ويشمل نموها أحياناً أعصاباً متعددة، ويعرف بالورم الليفي العصبي الضفيري الشكل، ويتسبب في تشوهات إذا وجد في الوجه، وربما زادت الأورام الليفية العصبية مع التقدم في العمر.
ويعد من أعراض النمط الأول أيضاً نمو العظام غير الطبيعي، مع نقص كثافة المعادن بها، وهو ما يؤدي إلى تشوهات فيها، كالجنف أو انحناء الساق لأسفل.
وينتشر في الأطفال المصابين بالنمط الأول من الورم العصبي الليفي القصور في مهارات التفكير من الدرجة المتوسطة، وفي الأغلب فإن هذا القصور يكون في التعليم، كمشكلات في القراءة أو الرياضيات، كما ينتشر لديهم اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.


الليفي


يقل معدل انتشار الإصابة بالنوع الثاني من الأورام الليفية مقارنة بالنوع الأول، وفي الأغلب فإن أعراض هذا النوع تكون تطوراً للأورام الحميدة، وتكون بطيئة النمو في الأذنين وأورام العصب السمعي، ومن الممكن أن تسبب فقدان السمع.
ويطلق على هذه الأورام مسمى أورام الشفاني الدهليزي، والتي تنمو على العصب المحمل بمعلومات الصوت والتوازن من الأذن الداخلية للدماغ.
ويكون ظهور هذه العلامات بشكل عام في أواخر مرحلة المراهقة وبدايات البلوغ، ومن الممكن أن تكون مختلفة في مداها وحدتها.
وتشمل أعراضها في هذه الحالة فقدان سمع تدريجياً، وطنيناً في الأذن وضعف التوازن والشعور بأحد أنواع الصداع.
ويمكن أن يتسبب النوع الثاني في نمو أورام شفانية في أعصاب أخرى من الجسم، كالأعصاب الدماغية والشوكية والبصرية والطرفية.


الشفاني


يعد النوع الثالث من الورم الليفي العصبي الورم الشفاني، والذي تظهر أعراضه في العادة بين سن 5 و20 و30.
ويتسبب هذا الورم في ظهور أورام على الأعصاب الدماغية والشوكية والطرفية، غير أنه من النادر ما يصيب الأعصاب التي تحمل إشارات الصوت والتوازن في الأذن الداخلية للدماغ، لأنه لا ينمو على الأعصاب السمعية، فلا يتسبب في فقد حاسة السمع، كما يحدث مع مصابي النوع الثاني من الورم الليفي العصبي.
وتشمل أعراض هذا النوع آلاماً مزمنة، والتي تحدث في أي موضع من الجسم، وربما تسببت في إعاقة الحركة في بعض الأحيان، ويشعر المصاب بهذا النوع بالخدر والضعف في عدة أماكن من الجسم، كما أنه يصاب بفقدان العضلات.


عيوب وراثية


تعود الإصابة بالورم الليفي العصبي إلى وجود عيوب وراثية، والتي تنتقل من خلال أحد الأبوين، أو من الممكن أن تحدث بشكل تلقائي أثناء الحمل.
ويتحدد نوع الورم الليفي العصبي بحسب نوع الجينات، فالنمط الأول من هذا الورم يتسبب فيه بروتين ينتجه جين في الكروموسوم رقم 17.
ويعرف هذا البروتين بالنيوروفيبرومين، والذي يساعد في تنظيم نمو الخلايا، وبسبب الجين المحور، فإن هذا البروتين يفقد، وبذلك يخرج نمو الخلايا عن السيطرة.


عوامل خطر


يزيد معدل خطر الإصابة بالورم الليفي العصبي إذا توافرت بعض العوامل، ومن أهمها وجود تاريخ عائلي للمرض، فنصف المصابين بالنوعين الأول والثاني من هذا الورم ورثوا هذا المرض من الأب أوالأم المصابين بهما.
ويرجح في المصابين بالنوعين الأول والثاني من هذا الورم وليس لديهم أقارب مصابون بهذا الورم أن لديهم طفرة جينية جديدة.


مضاعفات


تختلف مضاعفات الورم الليفي العصبي حتى في العائلة الواحدة، وغالباً ما ترجع هذه المضاعفات إلى نمو الورم، والذي يتسبب في تشوه النسيج العصبي، أو يضغط على الأعضاء الداخلية.
وتشمل مضاعفات الورم الليفي العصبي من النوع الأول مشاكل عصبية، كصعوبات التعلم والتفكير، والتي تعتبر الأكثر شيوعاً في هذا النوع، في حين أن الصرع وتراكم السوائل في الدماغ تكون أقل انتشاراً.
ويعاني بعض المصابين بالنوع الأول القلق بسبب العلامات المرئية التي تنتشر في الوجه، كالبقع البنية، وذلك على الرغم من أنها لا تكون خطيرة. وتشمل المضاعفات أيضاً تشوهات الهيكل العظمي بسبب تشكل العظام بصورة غير طبيعية، وربما سببت انحناء في الساقين، وكسوراً لا تلتئم أحياناً.


يؤثر في الإبصار


يتطور الورم أحياناً على العصب الليفي، وهو ما يمكن أن يؤثر في الإبصار، كما أن المصاب يعاني بسبب التغيرات التي ترتبط بالبلوغ أو الحمل من زيادة في الأورام.
ويزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى من يعانون النوع الأول، وربما تطور لدى البعض إلى اضطرابات في الأوعية الدموية.
ويؤدي ضغط الورم الليفي العصبي الضفيري في بعض الحالات القليلة للغاية إلى ضغط على مجرى التنفس، وإصابة الغدة الكظرية بورم حميد، وهو ما يعرف بورم القواتم، ويتسبب في إفراز هرمونات ترفع ضغط الدم.
ويزيد خطر الإصابة بالسرطان لدى المصابين بالنوع الأول من الورم الليفي العصبي، حيث تقدر نسبة الإصابة بما يبلغ 5% من المصابين، ويرجع ذلك في العادة إلى وجود أورام ليفية تحت الجلد أو أورام ليفية عصبية ضفيرية.


خطر كبير


كما أن خطر الإصابة بأنواع أخرى من السرطان كبير، كسرطان الثدي والقولون والمستقيم، وعلى النساء المصابات بهذا النوع إجراء فحص سرطان الثدي في سن مبكرة عن الأشخاص العاديين. وتشمل مضاعفات الورم الليفي العصبي من النمط الثاني الصمم، سواء كان جزئياً أو كلياً، وتلف العصب الوجهي، كما يعاني المصاب مشكلات في الإبصار.


مؤشران


يستطيع الطبيب من خلال الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي تحديد الشذوذ في العظام، أو الأورام في الدماغ أو الحبل الشوكي والأورام الصغيرة للغاية.
وتستخدم الأشعة المقطعية في تشخيص الورم الدبقي البصري، كما أن اختبارات التصوير في العادة تمكن الطبيب من مراقبة النوع الثاني من الورم الليفي العصبي، وأيضاً الورم الشفاني.
وتتوافر اختبارات جينية لتحديد النوعين الأول والثاني من الورم، والتي تجري قبل الولادة، ولا تحدد هذه الاختبارات الورم الشفاني، لأن هناك احتمالاً لوجود جينات أخرى تتعلق بهذا الاضطرابات ولم تعرف بعد.


متابعة سنوية


يهدف علاج الورم الليفي العصبي إلى السيطرة على الأعراض والعلامات، وذلك لأنه لا يتوافر دواء ناجع حتى الآن.
ويكتفي الطبيب في الحالات التي تعاني النوع الأول بإجراء متابعة سنوية، والتي تتحدد بحسب عمر المصاب. ويفحص الطبيب خلال هذه المتابعة الجلد، حتى يكتشف أي أورام ليفية عصبية حديثة أو تغيرات في الأورام الموجودة.
ويفحص علامات ارتفاع ضغط الدم، ويقيم نمو الطفل، من حيث الطول والوزن ومحيط الرأس، مع فحص أي علامات على البلوغ المبكر.


التدخل الجراحي


يمكن أن يوصي الطبيب بإجراء جراحة، وذلك في الحالات التي تعاني أعراضاً شديدة، أو عند وجود مضاعفات للورم.
وتشمل هذه الجراحات جراحة إزالة الأورام، حيث تزال جميع أجزاء الأورام التي تضغط على الأنسجة المجاورة والمدمرة للأعضاء.
ويلجأ الطبيب لهذا الإجراء لو عانى المصاب بالنوع الثاني فقدان السمع أو الضغط على جذع المخ، أو في الحالات التي يزيد فيها حجم الورم، كما أن إزالة الأورام الشفانية بالكامل تحفف من الألم كثيراً.


علاجات مستقبلية

توجد بعض الأبحاث التي تهدف لإيجاد علاجات مستقبلية للورم الليفي العصبي من النوع الأول، وتشمل استبدال الجين الخاص بهذا النوع لاسترجاع وظيفة العصب الليفي.
ويحيا أغلب الأطفال المصابين بهذا الورم حياة صحية طبيعية، مع وجود بعض المضاعفات المحدودة، ويُنصح بالتعامل مع أحد أطباء الرعاية الأولية.
ويقدم الطبيب الرعاية للطفل مع أخصائيين آخرين، مع ضرورة الانضمام لإحدى جماعات دعم الآباء، التي تقدم الرعاية للأطفال المصابين بالورم الليفي العصبي.
وينصح بقبول المساعدة في الاحتياجات اليومية، كالتنظيف ورعاية الأطفال الآخرين، بهدف الحصول على بعض الراحة، كما لابد من طلب الدعم الأكاديمي لمن يواجهون صعوبات في التعلم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"