تونس.. حل البرلمان ضرورة

03:30 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

تمر السنوات تباعاً، ولم يحن للتونسيين قطاف ثمار «ثورة الياسمين»، ولم تتحقق الآمال العريضة التي انفجرت دفعة واحدة، وظل غياب الاستقرار السياسي هو الحاضر الوحيد طوال هذه الفترة مصحوباً بأوضاع اقتصادية واجتماعية تتردى على الصعد كافة.

حكومة إلياس الفخفاخ هي الثامنة التي تتولى السلطة التونسية في أقل من عشر سنوات وأقصرها عمراً. وفي الإجمال كانت هناك حكومة كل 14 شهراً، بينما يعرف المشهد السياسي تشظياً مذهلاً مع ظهور 223 حزباً في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 12 مليون نسمة. كثرة الأحزاب لا تعني نبوغاً في الأفكار والبرامج، وإنما تعبر عن أمراض سياسية وسوء فهم للحياة الديمقراطية تصل في أحيان كثيرة إلى التطاول على مؤسسات الدولة ونواميس النظام العام، ما أدى إلى استفحال الأزمات الراهنة، في حين ساهم غياب التوافق في تعثر البحث عن حلول فعلية تدفع إلى الإقلاع من مرحلة التغني بالشعارات، إلى مرحلة العمل الجاد والإنجاز بما يحفظ الاستقرار بمفهومه الشامل.

تونس اليوم في أزمة متجددة، وأصل الداء في النظام السياسي الذي ارتآه المؤسسون لهذا العهد الجديد. وطالما أن المنظومة لم تتغير، بتعديل الدستور، لن يمنع شيء الوضعية الحرجة الحالية من العودة مجدداً في قادم الأشهر والسنوات. ولذلك لن تكون الحكومة المفترضة بعد الفخفاخ خارقة، طالما ستواجه الواقع المعقد نفسه وستتجاذبها الأطراف ذاتها التي «تتقاتل» تحت قبة البرلمان وخارجه، ويحاول كل منها أن يصور حزبه مثالاً للوطنية، بينما التفاصيل ملغومة بالحسابات الضيقة، وهو ما يفرض على رئيس الجمهورية قيس سعيّد، في هذا الظرف، أن ينحاز للمصلحة الوطنية ولرأي الأغلبية الساحقة من الشعب التي تعتبر هذه الأحزاب أصل كل بلاء وسبب فشل الحكومات الثماني السابقة. ومن الحكمة والحصافة ألا تستمر هذه التجربة المريرة، إذا كان هناك إيمان بأن تونس تستحق نخبة سياسية مستنيرة ونظاماً رشيداً يخلص في خدمة الناس.

في البرلمان، تحاول حركة النهضة الإسلامية أن تظهر بأنها الثابت الوحيد في كل البرلمانات التي جاءت بعد الثورة. وهذا الأمر قد يكون صحيحاً من حيث الشكل، ولكن في الواقع ليس حقيقة. فهذه الحركة لم تتعلم من تآكل شعبيتها، ولم تتعلم من أن حصولها على المرتبة الأولى، ليس لشعبيتها الطاغية، وإنما لعزوف ملايين التونسيين عن التصويت في الانتخابات التشريعية استياء من كل الأحزاب، وبالذات من هذه الحركة المتدثرة بالإسلام السياسي، وتعتمد على المراوغة والمخاتلة حتى تعرت واكتشف الجميع أساليبها في محاولة الهيمنة على الحكم والدخول في محاور إقليمية لا تخدم المصالح التونسية. ولا شك أن هذه الحركة والأحزاب التي على شاكلتها ستدفع الثمن في أي استحقاق قريب، خصوصاً إذا لجأ رئيس الجمهورية إلى حل هذا البرلمان المأزوم ودعا إلى انتخابات مبكرة أصبحت اليوم أكثر من ضرورة ومصلحة وطنية عليا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"