استسقاء البطن مؤشـر عـلى حــالة خطـرة

01:56 صباحا
قراءة 6 دقائق

يقصد باستسقاء البطن: تراكم السوائل داخل البطن بشكل غير طبيعي، وترجع الإصابة بهذه الحالة في كثير من الأحيان إلى ارتفاع ضغط الدم داخل الأوردة التي تحمل الدم للكبد، وفي العادة؛ فإنه ينجم عن تشمع الكبد.

تتسبب هذه الحالة المرضية في زيادة حجم بطن المريض بصورة كبيرة، وبالتالي تؤثر في شهيته؛ لأن حجم البطن يضغط على المعدة، كما يتسبب في شعور المريض بضيق التنفس.

تشمل أساليب علاج هذه الحالة التزام المريض بتقليل الملح في نظامه الغذائي، مع استعمال مدرات البول؛ من أجل التخلص من السوائل الزائدة.

يلجأ لإجراء بزل بطني علاجي في الحالات التي لا تجدي معها الخيارات السابقة، ويمكن أيضاً إجراء جراحة؛ لتثبيت تحويلة أنبوبية بين الوريدين البابي والأجوف السفلي، والتي تخفف من ضغط الدم في الوريد البابي.

نتناول في هذا الموضوع مشكلة استسقاء البطن بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، ونقدم أعراضها التي تظهر، وطرق الوقاية الممكنة، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.

شائع وغير شائع

ترجع الإصابة باستسقاء البطن إلى العديد من الأسباب، بعضها شائع، والآخر غير شائع، ومن ضمن الأسباب غير الشائعة وجود اضطرابات لا تكون مرتبطة بالكبد؛ كالسرطان وفشل القلب والفشل الكلوي وداء السل المؤثر في بطانة البطن، والتهاب البنكرياس.

تتضمن الأسباب الشائعة: فرط ضغط الدم البابي، والذي يرجع في العادة لحدوث تشمع في الكبد، أو تندب شديد، ويكون السبب فيه الإفراط في شرب الكحول، أو التهاب كبد فيروسي.

يتسبب تليف الكبد في عرقلة تدفق الدم عبر الكبد، وبالتالي يزيد الضغط في الوريد البابي، وتعد وظيفة هذا الوريد نقل الدم من أعضاء الجهاز الهضمي للكبد.

تتجمع السوائل في البطن؛ لأن الكليتين لا تستطيعان تخليص الجسم من الكمية الكافية من الصوديوم مع البول، وبالتالي يصاب المرء بالاستسقاء.

التهاب الكبد المزمن

يحدث استسقاء البطن في بعض الأحيان؛ بسبب التهاب الكبد المزمن، أو نتيجة الإصابة بمتلازمة بود خياري، وهو انسداد في الوريد الأجوف السفلي، وبالتالي يحدث خلل في تصريف الدم من الكبد.

تؤدي بعض العوامل الأخرى إلى تسرب السائل الاستسقائي من سطح الكبد والأمعاء، والتجمع في بطن المصاب باضطراب كبدي.

تشمل هذه العوامل، إضافة إلى فرط ضغط الدم البابي، احتباس السوائل في الكلى، وحدوث تغييرات في مختلف الهرمونات المنظمة للسوائل داخل الجسم، وكذلك المواد الكيميائية.

يتسرب الألبومين في العادة من الأوعية الدموية للبطن، والألبومين بروتين أساسي في الدم، ويساعد عادة في منع تسرب السوائل من الأوعية؛ لأنه في حال تسرب الألبومين من الأوعية الدموية، فإن السوائل ستخرج أيضاً.

كبر البطن

تعد أبرز الأعراض التي يعانيها المصاب باستسقاء البطن كبر حجم البطن، وزيادة الوزن بشكل كبير وسريع، وربما عانى بعض المصابين تورم الكاحل وصعوبة التنفس.

يمكن أن تزيد الكميات المتوسطة من حجم خصر المصاب، كما تتسبب في زيادة الوزن، في حين أن الأعراض عادة لا تظهر مع تراكم كميات صغيرة من سوائل البطن. يحدث في بعض الأحيان بسبب هذه الكميات الكبيرة من السوائل تورم أو تمدد بطني، مسبباً الانزعاج، مع احتمال أن يشعر المريض بألم عند جس البطن الذي يكون مشدوداً والسرة مسطحة أو مدفوعة للخارج.

تورم الكاحلين

يتسبب البطن المتورم في الضغط على المعدة، وهو ما يمكن أن يتسبب أحياناً في نقص الشهية، كما يؤدي إلى ضغط على الرئتين، وضيق في التنفس في بعض الأحيان.

يعاني بعض المصابين بهذه الحالة تورماً في الكاحلين؛ وذلك ناتج عن تجمع السوائل الزائد فيها، ويتسبب في حدوث الوذمة.

يعاني بعض المصابين الحمى وشعوراً عاماً بالتوعك، وربما شكا من التخليط الذهني والتوهان والنعاس، كما أن إهمال العلاج ربما أدى إلى الوفاة، وبصفة عامة فإن البقاء على قيد الحياة يعتمد على العلاج بالمضادات الحيوية المناسبة.

ألم ومغص

تشمل المضاعفات التي يعانيها المصاب باستسقاء البطن إحساسه بألم ومغص بالبطن، مع صعوبة في التنفس، والتي ربما تعود إلى تراكم السوائل بكثرة في تجويف البطن، وبالتالي يقلل من مقدرة المريض على الأكل والمشي وممارسة أنشطته اليومية.

تعد من المضاعفات أيضاً الالتهابات، فمن الممكن أن تتلوث السوائل التي تتجمع في الأحشاء بالبكتيريا، وتعرف هذه الحالة بالتهاب الصفاق البكتيري العفوي، ويصاحبها في العادة حمى إضافة إلى آلام في البطن.

يحتاج التهاب الصفاق البكتيري العفوي للعلاج بالمضادات الحيوية، والتي تحقن مباشرة في الوريد؛ لأنها حالة خطرة.

يستمر علاج هذه الحالة مدة طويلة، ويشتمل تناول مضادات حيوية بالفم؛ وذلك حتى لا ترجع الإصابة بالعدوى مرة أخرى.

الاستسقاء الصدري الكبدي

تعد من المضاعفات التي يعانيها المصاب بالاستسقاء ما يُعرف بالاستسقاء الصدري الكبدي؛ حيث تتراكم سوائل البطن في الرئتين، وبخاصة في الجانب الأيمن.

يتسبب هذا الأمر في تعرض المريض لضيق في التنفس والسعال ونقص تأكسد الدم، وإحساسه بتوعك في الصدر، وتعد أفضل طريقة لعلاج هذه الحالة من خلال إجراء بزل لسوائل البطن.

يمكن أن يتسبب تفاقم تشمع الكبد في الإصابة بالعجز الكلوي، وتعرف هذه الحالة بالمتلازمة الكبدية الكلوية، وعلى الرغم من قلة الإصابة بها فإنها تعد خطرة، وربما أدت إلى الفشل الكلوي.

فحص بدني

يعتمد تشخيص الإصابة باستسقاء البطن على الفحص البدني الذي يجريه الطبيب، فيقوم بالطرق على بطن المصاب، وبسبب السائل الموجود فيه فإن صوت النقر يكون أصم.

يكون الصوت أجوف إذا كان البطن متورماً؛ بسبب تمدد الأمعاء بالغاز، ولا يستطيع الطبيب اكتشاف سائل الاستسقاء في حالة قل حجمه عن 900 مليجرام.

يلجأ الطبيب إلى إجراء تصوير بتخطيط الصدى أو أشعة مقطعية؛ وذلك في الحالات التي يشتبه في إصابتها باستسقاء البطن، أو لأن هناك سبباً يؤدي للإصابة به.

يضاف إلى ذلك إمكانية سحب عينة صغيرة من السائل الاستسقائي بإدخال إبرة من جدار البطن، ويطلق على هذا الإجراء البزل التشخيصي، ومن الممكن أن يفيد تحليل السوائل معملياً في تحديد السبب.

تقليل الملح

يعتمد علاج استسقاء البطن بشكل رئيسي على تقليل الملح، وتعد الخطوة الأهم لعلاج هذه الحالة، مع التزام المريض الراحة في الفراش.

يمكن أن تسهم مراجعة مختص تغذية في مساعدة المريض؛ لأن تحديد مقدار الملح في الطعام ربما كان صعباً، مع ملاحظة أنه من الممكن استعمال معوضات الملح، وبصفة عامة فإن الكمية الموصوفة لا تزيد على جرامين يومياً في اليوم.

يضاف إلى ذلك استعمال أدوية مدرة للبول، والتي تجعل الكلى تفرز المزيد من الصوديوم والماء في البول؛ وذلك في الحالات التي لا يكون النظام الغذائي فعًالاً معها، ولا تغني مدرات البول عن ضرورة تقليل الملح في الطعام.

يعود السائل من جديد للتجمع عندما لا يلتزم المريض بالنظام الغذائي منخفض الصوديوم، وتناول مدرات البول.

يمكن أن يتسرب الألبومين من خلال الوريد؛ وذلك عندما تحدث خسارة كمية كبيرة منه من الدم للسائل البطني.

بزل علاجي

يمكن إجراء بزل علاجي؛ وذلك عندما يستمر تراكم السوائل على الرغم من تقليل المصاب للملح في طعامه، وتناول مدرات البول.

تشمل كذلك الحالات التي يكون السائل مزعجاً لها، أو يكون سبباً في جعل التنفس أو تناول الطعام صعباً؛ حيث يتم سحب السائل الاستسقائي من خلال إبرة يتم إدخالها في البطن. يتسبب تجمع كميات كبيرة من السائل وبشكل متكرر في بعض الأحيان، أو أن العلاجات الأخرى غير فعّالة في اللجوء إلى خيار التدخل الجراحي، وفيه يتم تثبيت تحويلة أنبوبية بين الوردين البابي والأجوف السفلي.

تخفيف الضغط

يستطيع أخصائي الأشعة تثبيت هذه التحويلة عبر الكبد، حتى يخفف من ضغط الدم البابي وبالتالي يخفف من الاستسقاء.

يصبح سهلاً على كل الأعضاء القيام بأداء وظائفها مع زيادة تدفق الدم، فمثلاً تتحسن وظيفة الكلى في التخلص من الملح الزائد، وبالتالي يقل تجمع السوائل.

يجب عند تشخيص التهاب الصفاق الجرثومي التلقائي استخدام المضادات الحيوية، مع استعمال مضاد مختلف بعد زوال العدوى؛ وذلك حتى لا تتكرر العدوى، والتي في الأغلب يمكن أن تعود خلال عام.

يمكن اللجوء إلى زرع الكبد؛ وذلك في الحالات التي يعاني المصاب تشمعاً شديداً للكبد، للحد الذي يصاب بقصور الكبد.

إجراءات للسيطرة

ينصح الأطباء ببعض الإجراءات التي يجب على المصاب باستسقاء البطن القيام بها؛ بهدف السيطرة على هذه الحالة.

تبدأ هذه الإجراءات بقياس الوزن يومياً، والاتصال بالطبيب المختص لو زاد بمعدل 10 أرطال، أو أكثر من رطلين في اليوم الواحد، ولمدة 3 أيام.

يجب على المصاب التوقف، أو الحد من بعض الأدوية التي تؤثر في الكليتين، وتسبب احتباس الماء والملح في الجسم، ومن هذه الأدوية الأسبرين والأدوية المضادة للالتهاب.

يمكن الوقاية من الإصابة بهذه الحالة عن طريق عدم تناول المشروبات الكحولية؛ بهدف تجنب الإصابة بتشمع الكبد، مع الحصول على أي معلومات مهمة عن مرض التهاب الكبد الوبائي «ب». ينبغي الحذر من استخدام أي إبر ملوثة، والتأكد من أن الحقن المستخدمة والأدوات الطبية معقمة بشكل جيد، مع ضرورة الانتباه للآثار الجانبية للأدوية التي يتناولها المريض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"