سرطان المريء.. أورام تستهدف الطبقة المخاطية

00:55 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يبدأ المريء من مؤخرة الفم ويمر عبر الحجاب الحاجز وينتهى في المعدة، وهو أنبوب مجوف تحيط به من الأعلى والأسفل حلقتين عضليتين تُعرفان باسم المعصرة المريئية العلوية والسفلية، وظيفتهما فتح المريء عند الطعام، وإغلاقه في حال عدم ابتلاعه، وهناك بعض الأشخاص الذين تنخفض لديهم قوة المعصرتين، وينجم عنها تعرضهم لبعض المشكلات الشائعة كالارتجاع والالتهاب وعسر البلع، وتؤدى إلى حدوث مضاعفات خطرة أو الإصابة بسرطان المريء الذي يأتي في المرتبة السادسة من حيث الترتيب العالمي للأورام الخبيثة.
يقول الدكتور علي عيسى مختص أمراض الجهاز الهضمي والكبد أن سرطان المريء هو ورم ينشأ من الطبقة المخاطية المبطنة، والأنبوب العضلي الواصل بين البلعوم والمعدة، ويستهدف على الأغلب كبار السن بعد سن الـ60، ويعد سادس الأورام الخبيثة من حيث الترتيب العالمي، ومعظم الحالات لا يمكن شفاؤها، وتحدث الإصابة نتيجة بعض العوامل كالآتي:
- يلعب الارتداد الحمضي من المعدة دوراً رئيسياً في نشأة سرطان الخلايا القاعدية؛ حيث إنه يتسبب في وجود التهاب مزمن وتبدلات في طبيعة خلايا الغشاء المخاطي للمريء.
- يؤدى نمط الحياة غير الصحي إلى الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية، كالتدخين، تناول الكحول، البدانة، وكذلك الحميات الغذائية التي تفتقر للخضراوات والفواكه وعالية المحتوى من اللحوم الحمراء، وكذلك حروق المريء بالكاويات.


أعراض الورم


يبين د. علي أن مريض سرطان المريء لا يشعر بأعراض ظاهرة في المراحل الباكرة، ومع تطور الحالة وزيادة حجم الورم يسبب تضيقاً في قناة المريء، وينجم عنه صعوبة البلع، وهو العرض الأساسي الذي يبدأ بشكل خفيف عند تناول الأطعمة الصلبة ويزداد تدريجياً حتى يشمل شرب السوائل، ونقص الشهية وفقدان الوزن، والنزف الهضمي الناجم عن تقرح وتنخر الورم، وبالتالي فقر الدم بسبب نقص الحديد، والشعور بآلام في أعلى البطن ومنطقة الصدر.


حالات متقدمة


يوضح د. علي أن مريض سرطان المريء في الحالات المتقدمة ومع تأخر التشخيص، تظهر لدية أعراض ومضاعفات مثل الآلام العظمية بسبب الانتقالات الورمية إلى العظام، بحة الصوت الناتج عن غزو الورم للعصب الحنجري الراجع، السعال المعند، الالتهابات الرئوية عند اختراق الورم لجدار المريء والقصبات الهوائية المجاورة وتشكل النواسير، إضافة إلى ضخامة الكبد والعقد اللمفاوية في منطقة العنق وأعلى الترقوة بسبب الانتقالات الورمية.


تدابير تشخيصية


يفيد د. علي بأن الوسيلة الرئيسية لتشخيص أورام الانتقالات الورمية هي التنظير الهضمي العلوي الذي يسمح برؤية الورم مباشرة، وتحديد موقعه وحجمه والحصول على خزعات للفحص النسيجي، أما باقي الإجراءات التشخيصية فهي تساعد على تحديد مرحلة الورم ودرجة انتشاره في الأعضاء المجاورة والبعيدة وتشمل: الأمواج فوق الصوتية عبر التنظير، التصوير الطبقي المحوري المحوسب للصدر والبطن، التصوير بالنظائر المشعة، والتحاليل الدموية العامة لكشف فقر الدم وتقييم الحالة الغذائية للمريض.


خطة العلاج


يذكر د. علي أن خطة معالجة سرطان المريء تنقسم إلى أربع مراحل بحسب حجم الورم ودرجة انتشاره في الأعضاء المجاورة والبعيدة، فعند اكتشاف الإصابة في البدايات يمكن استئصال الورم كاملاً عبر التنظير الهضمي، لكن أغلب الحالات تكون أكثر تقدماً وقت التشخيص، ومع تطور المرض يجب أن يخضع المريض للمعالجة الكيميائية والشعاعية، والمعالجات التلطيفية مثل توسيع المريء عبر التنظير ووضع شبكة معدنية لمساعدة المريض على تناول الغذاء عن طريق الفم، والأدوية المسكنة للآلام.


التهاب المريء


يوضح الدكتور شريف الشهاوي، مختص الجهاز الهضمي، أن التهاب المريء هو حدوث احتقان واحمرار بالمخاطية المبطنة لجدار المريء الداخلي، وربما يؤدى إلى وجود تقرحات سطحية أو عميقة في الجزء السفلى منه قرب فتحة الفؤاد أو مدخل المعدة، وتتباين شدة التهاب المريء من الدرجة البسيطة وتتطور للقرح النازفة والقيء الدموي، أو حدوث ثقب بالجدار وتعد من الحالات الخطرة.


عوامل مختلفة


يؤكد د. شريف علي، أن أكثر الأسباب شيوعاً للارتجاع هو ارتداد حمض الهيدروكلوريك من المعدة إلى المريء، نتيجة ضعف العضلة السفلية أو حدوث فتاق منزلق بالحجاب الحاجز، وكذلك وجود التهابات فيروسية أو فطرية منتشرة بين الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، ومن يتناولون العقاقير المثبطة للمناعة مثل الستيرويدات ومشتقات الكورتيزون، وربما يكون ناجم عن التحسس من بعض أنواع الأغدية كالتهاب المريء الايزينوفيلى.


علامات الالتهاب


يوضح د. شريف أن أعراض التهاب المريء تختلف بحسب السبب، وتظهر على شكل آلام بمنطقة وسط الصدر، وخاصة في الجزء السفلى بين الضلوع، حرقة المعدة، إحساس بالحموضة، صعوبة في البلع، تجشؤ، رجوع الطعام والسوائل إلى الحلق سعال، وغثيان أو قيء، وتعد أدق وسيلة للتشخيص هي أجراء تنظير للجهاز الهضمي العلوي تحت المخدر الموضعي أو بدون تخدير، وربما تستدعى الحالة أخذ عينات من مخاطية المريء، بواسطة المنظار.
ويضيف: يجب تشخيص التهاب المريء في وقت مبكر، حتى لا يتعرض المريض إلى مضاعفات متعددة مثل: تضيق أو انسداد المريء، التقرح والنزيف، ويعد القيء الدموي خطيراًئ؛ حيث إنه يكون ناجماً عن تغير وتحور بالخلايا المبطنة لجدار المريء، ويؤدى إلى حدوث أورام خبيثة.


تدابير شفائية


يشير د. شريف إلى أنه يمكن علاج التهاب المريء بالأدوية باستخدام مضادات الحموضة، ومغلقات مضخات البروتون، أو عن طريق المنظار التي تعتمد على كي القرح النازفة بالليزر، وتوسيع التضيقات الناتجة عن الالتهاب المزمن، و استئصال الخلايا المتحورة أو حرقها لمنع حدوث سرطان المريء مرة أخرى، إضافة إلى التزام المريض باتباع نمط الحياة الغذائي الصحي، والابتعاد عن التدخين والكحوليات والمأكولات السريعة والحارة.


ارتجاع المريء


يوضح الدكتور غسان مصطفى، مختص أمراض الجهاز الهضمي، أن الارتجاع المريئي هو عودة محتويات المعدة من الحمض أو الأصفر إلى المريء؛ حيث إن نقص مقوية المعصرة المريئية المعدية، تسمح بعودة المحتوى المعدي إلى المريء عند زيادة الضغط ضمن البطن أو تغير الوضعية، وهناك بعض العوامل المرضية الأخرى التي تؤدي إلى ذلك مثل: البدانة، التدخين الكحول، الإرهاق، فترة الحمل، الفتق الحجابي، الأطعمة الدهنية والوجبات السريعة، وفي حال حدوث هذه المشكلة مرتين أسبوعياً فهي لا تحتاج للعلاج الطبي، لكن عند تكرارها يجب مراجعة الطبيب.


اختبارات وفحوص


يبين د.غسان أن تشخيص حالة الارتجاع المرئي تتم من خلال الفحص السريري، والأعراض التي يشعر بها المريض كالحموضة، آلام في الصدر والبلعوم، السعال، التهاب الجيوب، وفقر الدم، وفي حال عدم الاستجابة للعلاج أو ظهور علامات إنذارية مثل عسرة البلع، النزف، أو نقص الوزن يمكن اللجوء إلى التنظير الهضمي العلوي وقياس حموضة وضغوط المريء، حتى لا يتعرض الشخص لمضاعفات خطرة كوجود تقرحات، أو تضيق المريء، وربما تنشأ أورام خبيثة نتيجة عدم العلاج والمراقبة المستمرة التي تستدعي التنظير المتكرر.


أسلوب حياة


ينصح د.غسان، بتعديل نمط الحياة بممارسة الرياضة، تخفيف الوزن، والامتناع عن التدخين والكحول، القهوة، الشاي، الشوكولا، والصويا، وكذلك الأطعمة المقلية، والتي تحتوي على الثوم والبصل، والامتناع عن الطعام قبل النوم بـ 3 ساعات، ورفع الوسادة أثناء الاسترخاء، ويمكن علاج حالة ارتجاع المريء بمضادات الحموضة، وفي حال عدم الاستجابة يمكن اللجوء إلى إجراء تضييق المعصرة المريئية المعدية بالأمواج عالية التردد الستريتا، أو تكميم المعدة عن طريق المنظار وهي وسيلة حديثة وسريعة النتائج، أو عن طريق التدخل الجراحي.


..التنظير الكبسولي

يعد التنظير الهضمي الكبسولي من أحدث الطرق المستخدمة في استكشاف وتشخيص المشكلات المرضية التي تصيب المريء والمعدة وبداية الأمعاء الدقيقة، وخاصة الحالات التي يصاحبها النزيف الدموي لمعرفة مصدره، ويتم هذا الإجراء عن طريق ابتلاع كبسولة خاصة بحسب المنطقة المصابة والمراد تشخيصها في الجسم، أحادية الاستخدام وتحتوي على آلة تصوير وجهاز بث، وتقوم هذه الكبسولة بتصوير الجهاز الهضمي، ليحدد الطبيب مدى تطور المرض، وتجدر الإشارة إلى أن هناك أنواعاً متعددة من هذه الكبسولات لتتناسب مع مكان الإصابة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"