الإمارات وتجاوزات نظام أردوغان

05:36 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود حسونة

نار جديدة يسعى نظام رجب طيب أردوغان لأن يشعلها، كأنه لم يكتف بما أشعل من نيران تكاد تحرق الأخضر، واليابس، غير مدرك أن الحرائق تحاصر بلاده من كل جانب بعد أن ورّطها في معارك مع معظم الجيران، ونتيجة جشع رئيس النظام، وغروره، وأوهامه، تجاوزت عداواته الجيران، وامتدت بعيداً عن الحدود التركية، بعد أن عبر أراضي، وبحاراً، وأجواء، على طريقة المستعمرين القدماء، لوضع يده على خيرات بلاد لا تربطه بها حدود، ولا علاقات جوار.
أردوغان كلّف وزير دفاعه، خلوصي آكار، الذي قبِل أن يكون أداته لإجبار الجيش التركي على الانصياع لمغامراته وتنفيذ مخططاته التي يمكن أن تعيد إليه أوهام الزمن الغابر، لاستفزاز دولة الإمارات العربية المتحدة بتهديدات جوفاء، وأقوال متغطرسة، لا تصدر إلا عمّن فقد عقله، وأصبح لا يعي للكلام معنى، ولا قيمة.
من الطبيعي أن تكون الإمارات بالنسبة إلى أردوغان مثل اللقمة التي انحشرت في بلعومه، وتكاد تخنقه، وتقضي عليه، بما لها من مواقف واضحة وصريحة تقف كالصخرة الصلبة في طريق تحقيق أطماعه على الأرض العربية.
نعم، الإمارات ضد تجاوزات وتدخلات وأطماع التركي في سوريا، والعراق، وليبيا، وأي أرض عربية، والإمارات ضد محاولات سلطان الوهم لاستعادة خلافة اندثرت، ولَم تترك لنا سوى ذكريات مؤلمة، وصفحات مظلمة في تاريخ عربي ناصع، ونعم، الإمارات ضد دعم نظام أردوغان للجماعات الإرهابية التي عاثت في سوريا فساداً، وتخريباً، والإمارات ضد استعانة تركيا بمرتزقة العرب والعجم لاحتلال ليبيا، ونهب خيراتها، ونشر الفتنة بين أهلها، وقبائلها، والإمارات ستظل دائماً ضد جماعة «الإخوان» الإرهابية، وضد من يمولهم، ومن يؤويهم، ومن يدعمهم لتخريب أرض العرب، وتنفيذ مخطط المتربصين للأمة العربية. الإمارات لم تكن يوماً مهادنة، ولن تكون من أصحاب المواقف المتناقضة، ولن تكون متعددة الوجوه، بل ستظل دائماً، وأبداً، دولة المبادئ والقيم التي غرسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي يلتزم ويؤمن بها خلفاؤه وأبناؤه من قادة وحكام الإمارات، ولا يتوانون عن التعبير عن استعدادهم لبذل الغالي والنفيس دفاعاً عن هذه القيم، وتلك المبادئ.
الإمارات ليست ضد التركي في حد ذاته، ولكنها ضد التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة، أياً كان مصدر هذه التدخلات، ولكن لا يخفى على أحد أن شهية سلطان الوهم، وخليفة الإرهاب، أردوغان، أصبحت مفتوحة للنيل من استقلال وسيادة أكثر من دولة عربية، متوهماً أن بلاد العرب لا تزال لقمة سائغة من حقه أن يلتهمها سيراً على نهج أجداده خلفاء وسلاطين الدم، والقهر، والاستبداد، والذين صنعوا دولة مترامية الأطراف بإرهاب الخازوق، لأهلها وسكانها العزل من السلاح.
أردوغان لن يخرج من كهوف الماضي، ولو سكن أغلى القصور، ولن يهدأ له بال حتى يهدم المعبد التركي على رأسه، وعلى كل من حوله، بعد أن أصبحت تركيا الدولة التي تتفرد وتفاخر بعدائها لجيرانها، وجيران جيرانها الأقربين، والأبعدين، والدولة التي تدرك نخبتها الوطنية أن سيدها يأخذها بأوهامه إلى مجهول سيقضي على الماضي، والحاضر، ويهدد المستقبل.
وليس غريباً أن يتزامن تهديد وزير دفاع نظام إشعال الحرائق والفتن التركي للإمارات، مع افتتاح الدولة الفتية لمفاعل براكة النووي، في قفزة جديدة إلى المستقبل، ومفاعل براكة يعد أول مفاعل عربي للطاقة النووية السلمية، ليضاف إلى إنجازات الرقم واحد الإماراتية بعد إرسال «مسبار الأمل» الإماراتي الصناعة والإنجاز إلى المريخ في مهمة علمية استكشافية كأول مسبار عربي، وبعد صعود هزاع المنصوري إلى الفضاء، كأول رائد عربي إلى المحطة الفضائية الدولية، وبعد احتلال الإمارات الرقم واحد في العديد من مؤشرات قياس حوكمة الحكم، والاقتصاد عالمياً.
تهديد تركيا للإمارات هو تهديد عهد بائد غارق في أوهام الماضي الاستعمارية لدولة تقفز إلى المستقبل بخطوات متسارعة، وتحتفظ بقيم الماضي، وتقول كلمتها بوضوح، وتعلن مواقفها بصراحة في وجه المتجاوزين والمتدخلين في شؤون دول المنطقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"