«ألاجيل».. مرض وراثي متعدد الأضرار

01:07 صباحا
قراءة 5 دقائق

تعد متلازمة «ألاجيل» أحد الأمراض الوراثية، والتي يمتد تأثيرها إلى العديد من الأعضاء، ويأتي على رأسها الكبد ويضعف عضلة القلب، نتيجة تضرر الشرايين.
تتسبب هذه المتلازمة في أن عدد القنوات الصفراوية الصغيرة في الكبد يكون أقل من المعدل الطبيعي لأعدادها لدى الأصحاء، وبالتالي فإن الصفراء تتراكم في الكبد بشكل ملحوظ.

يؤدي تراكم هذه المادة الصفراوية في الكبد إلى حدوث الكثير من الضرر، والذي من الممكن أن يصل إلى توقفه عن العمل، ما يحتاج معه المصاب إلى إجراء عملية زرع كبد.
وترجع الإصابة بمتلازمة «ألاجيل» إلى وجود طفرة جينية في تسلسل الحمض النووي، وهو ما يحدث تشفير أحد الجينات المسببة لهذه المشكلة، والذي يقع على الكروموسوم رقم 20.
ويرث في الغالب الطفل هذا المرض من أحد والديه الذي يعاني هذا الاضطراب، وتبلغ نسبة الإصابة في هذه الحالة 50%، وفي الغالب فإن أعراض هذه المتلازمة تظهر على الطفل قبل إكماله العامين.
نتناول في هذا الموضوع مشكلة متلازمة «ألاجيل» بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تحفز على ظهور هذا المرض، وكذلك أعراضه المميزة عن الحالات المتشابهة، واختبارات التشخيص المناسبة التي يتبعها الأطباء، وطرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
القنوات الصفراوية
يوجد داخل الكبد عدد من الأنابيب الدقيقة، والتي تعرف بالقنوات الصفراوية الصغيرة، ووظيفتها هي حمل الصفراء من خلايا الكبد إلى المرارة، حتى تصرف إلى الأمعاء، للمساعدة على الهضم.
وتنتج المادة الصفراوية من خلال تحلل خلايا الدم الحمراء، ووظيفتها إزالة السموم والنفايات بعيداً عن الجسم، كما أنها تساعد في هضم الدهون والفيتامينات التي تقبل الذوبان في الدهون.
ويتسبب عدم وجود هذه القنوات الصفراوية أو أن حجمها صغير في أن الإفرازات الكبدية لا يتم تصريفها بالشكل المناسب إلى الأمعاء، وبالتالي فإنها تعود مرة أخرى في اتجاه الكبد، وهو ما يتسبب في تليف الكبد وظهور الأعراض المرضية.

الأسابيع الأولى

تختلف أعراض متلازمة «ألاجيل» بحسب شدة الحالة، ومن الممكن أن يظهر هذا الاختلاف حتى بين من يعانونها في العائلة نفسها.
ويمكن أن يصاب الأطفال الذين يعانون هذه المتلازمة بأعراض الكبد خلال الأسابيع الأولى عقب الولادة، وأيضاً من الممكن أن تتأخر الأعراض في بعض الأحيان.
وتشمل هذه الأعراض ظهور اليرقان، والذي يعود إلى تراكم البيليروبين الأخضر المصفر في الصفراء، حيث يرتفع محتواه في الدم بصورة كبيرة.
ويحدث بالتالي ما يعرف باصفرار الجلد وكذلك بياض العين، كما أن لون البول يصبح داكنا، وربما صار البراز أبيض بسبب نقص البيليروبين في الأمعاء.

3 أشهر

تعد الحكة أيضاً من الأعراض التي ترتبط بارتفاع مستويات البيليروبين في الدم، وفي العادة تبدأ بعد 3 أشهر من الولادة، ومن الممكن أن تكون شديدة.
ويعاني المصاب بهذه المتلازمة ضعف النمو وسوء التغذية، وربما عانى الإسهال، لأن الأمعاء تفشل في امتصاص الدهون والفيتامينات التي تذوب في الدهون.
ويتسبب هذا الأمر في إعاقة نمو الطفل، ومن الممكن أن يؤدي إلى مشاكل في العين، ومشاكل في تخثر الدم وهشاشة العظام، وتأخر التعليم.
تظهر على المصاب رواسب دهنية أو أورام وعائية، وتكون على هيئة بقع على الجلد، وذلك لأن الكوليسترول يرتفع في الدم بصورة غير طبيعية.

عيوب القلب

تشمل الأعراض كذلك ظهور عيوب في القلب، وذلك بسبب ضيق الشرايين الرئوية المحملة بالدم من القلب إلى الرئتين، كما يعاني عيوباً في العين، حيث تظهر حلقة مبهمة في القرنية، لا تؤثر غالباً في الرؤية.
ويعاني المصاب تشوهات في العظام واضطرابات في الكلى، ويصاب بتضخم في الطحال، وذلك لأن الدم يذهب من الطحال للكبد، وبسبب انسداد الكبد ويرتفع ضغط الدم البابي ويحدث لاحقا تضخم الطحال.
ويصاب المريض بتشوهات في الأوعية الدموية، والتي تزيد من خطر تعرضه لنزيف داخلي أو سكتة دماغية تنتج عنها.
ويعد من الأعراض الظاهرة لمتلازمة«ألاجيل» علامات الوجه، فتكون العين عميقة والأنف مستقيماً، والذقن صغيرة ومستديرة وأخيراً الجبهة عريضة.
ويلاحظ أن هذا المرض بصفة عامة يستقر ما بين 4 إلى 10 سنوات، إلا أن خطر الوفاة يكون كبيراً في الحالات التي تعاني فشل الكبد أو آفات قلبية.

مرض جيني

تعتبر متلازمة ألاجيل أحد الأمراض الجينية، ويعد هذا المرض سائداً، أي أن احتمال إصابة الطفل به يبلغ 50% في حالة كان أحد الوالدين يعاني هذه المشكلة، ومع ذلك فإن فرصة حدوث هذه الطفرة وارد، حتى لو كان كلا الوالدين لا يعانيانها.
ويتسبب في الإصابة به وجود طفرة أو تغير في تسلسل الحمض النووي، والذي يؤدي إلى تشفير جين محدد، ويقع هذا الجين على الكروموسوم رقم 20.
ويقوم هذا الجين بإرسال الإشارات بين الخلايا المتجاورة أثناء التطور الجيني، ويتسبب في تعطل هذه الإشارات في حدوث أخطاء في التطور، وخاصة في القلب والقنوات الصفراوية والعمود الفقري ومعالم الوجه.
وتتسبب هذه المتلازمة في زيادة إنتاج الصفراء في الكبد، وهو الأمر الذي يحدث ندبا فيه، وبالتالي خللا في قيامه بعملية إزالة الفضلات من مجرى الدم.

تقييم الأعراض

يعتمد تشخيص متلازمة «ألاجيل» على تقييم الأعراض والعلامات التي تظهر على الطفل المصاب بهذه المتلازمة، كأن يكون الجلد لونه أصفر، أو أن هناك خللا في العمود الفقري أو معالم الوجه، أو وجود مشاكل في القلب والكلى.
ويمكن أن ينصح الطبيب بإجراء اختبارات جينية بهدف تأكيد التشخيص، فربما كانت الطفرة الجينية هي السبيل لتشخيص الحالة.
وتشمل كذلك طرق التشخيص فحص القلب والعينين والكلى، وإجراء أشعة سينية على العمود الفقري، بهدف التأكد من أي تشوهات فيه.
ويكشف مخطط صدى القلب عن أي مشكلة في القلب، كما أن إجراء فحص على العين يكشف أي خلل أو اضطراب فيها، أو تغيرات في تصبغ الشبكية.
ويمكن قياس وظائف البنكرياس، وتحديد كمية الدهون التي يمتصها الطفل من خلال الطعام الذي يتناوله، وذلك بتحليل الفضلات، ولابد مع ذلك إجراء المزيد من الفحوصات، لأن هذا الاختبار يمكن أن يكون دليلاً على مرض آخر.

تحسين الأداء

يعد الهدف من علاج متلازمة «ألاجيل» تحسين أداء القلب والتقليل من آثار ضعف الكبد، ولذلك يتم وصف أدوية تزيد من تدفق الصفراء من الكبد، وهو الأمر الذي يسمح للمصاب بالنمو بصورة طبيعية، وأدوية أخرى تحد من الحكة، والتي تستخدم بدرجات متفاوتة.
وتساعد الجرعات المرتفعة من الفيتامينات الدهنية للمصاب على تحسين تدفق الصفراء، لأن نقصها يصعب من الامتصاص والاستفادة من الفيتامينات، مع إعطاء المصابين بنقص في الوزن دهونا ثلاثية.
ينصح في الحالات الشديدة، والتي تعاني الفشل الكبدي بإجراء جراحة زراعة كبد، والتي تعد ضرورية لدى 5% من المصابين بهذه المتلازمة، وكذلك كبديل عن العلاج بالأدوية.
ويلجأ الطبيب لخيار الجراحة من أجل تصحيح تشوهات القلب، أو من أجل عملية قنطرة لتوسيع الشرايين التي ضاقت بسبب المتلازمة، وذلك حتى يخف الضغط على صمامات القلب المسؤولة عن الضخ.


نظرة تاريخية

تعود تسمية هذه المتلازمة بمتلازمة ألاجيل إلى أول طبيب كتب عن هذه الأعراض، وكان ذلك عام 1969، وبعدها بمرور 4 سنوات قام الطبيبان وستون وميلر بالكتابة هم مجموعة من الأطفال المصابين باليرقان مع وجود ضيق في الشريان الرئوي. ونشر الطبيب ألاجيل بحثه عن هذه المتلازمة بصورة كاملة في عام 1975، واصفاً إياها بأنها تعد عيباً خلقياً وراثياً ينتقل من خلال الوراثة السائدة.
وأضاف: إن هذا العيب يترتب عليه عدم تخلق القنوات الصفراوية في الكبد، إضافة إلى وجود عـــــــيوب ولادية في القلب، وتشوهات في العمود الفقري والوجه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"