إبراهيم الهاشمي
النمط المعماري شيء يميز كل بلد فيعطيها الطابع الخاص بها، ويصبغها بصبغة مميزة تميزها عن سائر الأقطار أو تسمى باسمها فيقتبسها الآخرون، وهناك أنماط معمارية شكلت مساراً تاريخياً لمجموعة من الدول فوسمتها بقالب لا تجده إلا فيها، وهناك هندسة معمارية اشتهرت في مجال معين على سبيل المثال الهندسة المعمارية للمساجد، فنجد أن هناك أنماطاً معمارية للمساجد في بعض الأقطار أخذت شهرة تمثل إما الحقبة التي بنيت فيها أو الدول التي تبنتها، وكمثال فهناك الهندسة المعمارية المملوكية للمساجد التي تمثل فترة المماليك في حكم مصر والتي أنتجت هندسة معمارية مميزة تمثل تلك الحقبة، أو النمط المعماري العثماني في بناء المساجد والذي له تميزه وفرادته، أو النمط المغاربي الذي يميز دول المغرب العربي عن سائر البلدان، أو النمط الأندلسي، وكل تلك الأنماط المعمارية في بناء المساجد تستطيع أن تعرفها مباشرة بسبب مرجعيتها لطريقة معينة في الهندسة البنائية للمساجد، وذلك فن جعل تلك الأنماط تنتشر في شتى بقاع الأرض، لكن لها مرجعيتها الدلالية لذلك الفن المعماري الذي ابتكر في تلك الدول أو تلك الحقب الزمنية.
وما أود أن أقترحه هنا على المؤسسات الدينية في الدولة أو الجهات المسؤولة التي تمنح الموافقات على بناء المساجد وتشييدها مثل البلديات وغيرها، أن تقوم بدراسات تاريخية عمرانية للعمارة الإماراتية العربية تستخلص منها نموذجاً معمارياً يمثل العمارة العربية الإسلامية والعالمية، لكن بخصوصية هندسية معمارية إماراتية يمكن أن تشكل نمطاً معمارياً ومبتكراً مميزاً يرسخ اسمه كشكل هندسي ومعماري على مر العصور يحمل البصمة الإماراتية الخاصة به، ولا أعتقد تماماً أن جهاتنا المعمارية أو الجهات المعنية بذلك غير قادرة على ذلك؛ بل تملك كل الإمكانيات والقدرات التي تمكنها من تنفيذ ذلك وبامتياز.
إن وضع بصمة خاصة عمرانية في مجال معين ليس ترفاً؛ بل هو بصمة تظل إلى أبد الآبدين وتميز الدول وتدل على مدى تطورها وقدرتها على الابتكار والتميز.
والإمارات من أكثر الدول التي يمكنها أن تسير في درب الابتكار والتميز والعطاء، وأن تضع لها بصمتها الخاصة بدلاً من تقليد هذا النمط المعماري أو ذاك خصوصاً في الهندسة المعمارية للمساجد التي نراها تشرق وتغرب مقلدة أنماطاً كثيرة دون شكل مميز لها يمثل الخصوصية الخليجية الإماراتية.
نتمنى أن نرى مساجد تحمل البصمة الإماراتية الخليجية الخالصة.
