مشكلات المرارة.. آلام مزعجة ومخاطر متعددة

01:10 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيقات: «الصحة والطب»

تقع المرارة أسفل الكبد في الجزء العلوي من الجهة اليمنى من البطن، وهي عضو صغير مجوف، وجزء من الجهاز الهضمي، حيث تقوم بتخزين العصارة المرارية وتركيزها، ثم نقلها إلى الأمعاء الدقيقة لتساعد على هضم الدهون، ومن أبرز المشكلات التي تتعرض لها المرارة تشكل الحصوات التي تتراوح أحجامها وأنواعها، وربما يصاب الشخص بحصوة واحدة فقط، وترجع أسباب الإصابة إلى العديد من العوامل وتعرض المصاب لمضاعفات متعددة وخطيرة.
يقول الدكتور محمد عراقي استشاري الجراحة العامة إن حصوات المرارة تستهدف الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة واضطرابات الكوليسترول، وتصيب السيدات أكثر من الرجال، حيث أشارت الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة بين تغيير الهورمونات وتكوّن الحصوات المرارية عند النساء، وبشكل عام لا تظهر أعراض الإصابة على معظم المرضى، ويتم اكتشاف الحصوات عن طريق المصادفة أثناء عمل أشعة تلفزيونية على البطن، أما بعض الأشخاص فيمكن أن يعانوا آلاماً في الجانب الأيمن العلوي أو في مقدمة البطن، وأحياناً في الظهر وكذلك الكتف الأيمن.


مخاطر متعددة


ينبه د. محمد إلى أن تفاقم المشكلة في حال عدم التدخل الطبي والعلاج، يمكن أن يعرض المريض إلى نوبة التهابات شديدة، وارتفاع في نسبة الصفراء في الجسم، وتعتبر هذه الحالة طارئة وتحتاج إلى حجز المريض بالمستشفى، وعمل منظار مراري استكشافي، ثم استئصال المرارة بالمنظار، ويعتبر تكرار الالتهابات والألم الشديد بالبطن وانسداد القنوات المرارية بالحصوات الصغيرة أكثر المضاعفات خطورة.


أنواع الحصوات


يذكر الدكتور سانجيف كومار اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي أن وظيفة المرارة تتمثل في تخزين السوائل الهاضمة التي يتم إنتاجها في الكبد، وذلك قبل إطلاقها في الأمعاء الدقيقة لهضم الدهون في الطعام، وهناك نوعان شائعان من الحصوات المرارية هما:-
* حصوات الكوليسترول وهي الأكثر شيوعاً وتتميز بلونها الأصفر، وتتشكل من الكوليسترول غير المذاب.
* الحصوات الصباغية التي تتسم بلونها البني أو الأسود الغامق.


مشكلات مرضية


يلفت د. سانجيف إلى أنّ تكون الحصوات يعد من أبرز المشكلات المرضية التي تصيب المرارة، حيث إنها تتسبب في سد الأنبوب المؤدي إلى خارج المرارة، ما يؤدي إلى وجود التهاب حاد يحدث فجأة ويترافق مع آلام حادة في البطن، إلى جانب قيء وغثيان وحمى، أو التهاب مزمن ينجم عنه مشاكل في الجهاز الهضمي، وغازات، ويحدث بشكل أكثر شيوعاً عند السيدات البدينات والمتوسطات العمر، ويزيد هذا الانسداد من خطر حدوث العدوى البكتيرية.
ويضيف: تعتبر عدوى المرارة من المشكلات الخطيرة، حيث إنها تصبح مهددة للحياة إذا ما انتشرت إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويعتبر سرطان المرارة من أخطر الأمراض، ولذلك يوصى الخبراء في عالم الطب بضرورة فحص الأورام الحميدة للمرارة لأنها قابلة للتطور إلى سرطانات خبيثة.


استئصال المرارة


يشير الدكتور صبحي عامر إلى أن استئصال المرارة يعــــتبر العلاج الأفضل للتخلص من آلامها، والحد من النوبات المزعجة التي تسببها الحصوات الــــمرارية، ولا مانع من استخدام وسائل العلاج التحفـــظية التي تتمثل فـــي تعديل النظام الغذائي لعدم تفاقم المضاعفات لفترة، ولكن في النهاية يجب إزالتها بالكامل.
وتعتبر الجراحة التقليدية أحد طرق الاستئصال، حيث يقوم الطبيب الجراح بعمل شق جراحي يصل طوله من 8 إلى15 سم في بطن المريض أسفل أضلاع الجانب الأيمن، ويسحب العضلات والأنسجة مرة أخرى للكشف عن الكبد والمرارة، ثم يستأصلها ويخيط الشق الجراحي، وتستغرق هذه العملية من ساعة إلى ساعتين، ويجب التنويه إلى أن المريض لا يواجه أي مشاكل هضمية بعد الاستئصال، وربما يتعرض بعض المرضى لمشكلة البراز السائل بعد العملية، إلا أنها تختفي مع الوقت.


تقنيات متطورة


يؤكد د. صبحي عامر اختصاصي الجراحة العامة أن إزالة المرارة عن طريق الاستئصال الجراحي بالمنظار تعتبر من التقنيات الحديثة المتطورة، حيث يقوم الجراح بفتح أربعة شقوق صغيرة في البطن، ليتم من خلالها إدخال أنبوب مزود بكاميرا فيديو صغيرة، مع متابعة شاشة الفيديو في غرفة العمليات أثناء استخدام الأدوات الجراحية، وتستغرق هذه العملية من ساعة إلى ساعتين وبعد الانتهاء من جراحة الاستئصال، يقوم الطبيب بخياطة الجروح، وينقل المريض إلى منطقة التعافي والإفاقة، وتجدر الإشارة إلى أن إزالة المرارة بالمنظار لا تناسب جميع الحالات، فربما يبدأ الجراح في العملية، ويجد أنه من الضروري إجراء شق جراحي أكبر وتحويل الجراحة من المنظار إلى الجراحة التقليدية.
ويضيف: تقنية استئصال المرارة بواسطة الروبوت الجراحي من التقنيات المتطورة، وهي تشبه استخدام المنظار الجراحي، إلا إنها تتيح للطبيب الجراح وضوح الرؤية وتحكم أكثر بالآلات الجراحية المستخدمة، وتعتبر من الطرق العلاجية الحديثة حول العالم، لكنها لم تعمم بعد نظراً لارتفاع سعر الجهاز المستخدم.


موانع طبية


يلفت د. صبحي إلى أن هناك بعض الأشخاص تكون لديهم مسببات أو مشكلات مرضية، تمنع استخدام المنظار الجراحي لعلاجها، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الموانع نسبية، ويمكن أن يختلف القرار فيها بحسب حالة المريض، وهي كالآتي:
* وجود التهاب صديدي شديد بالمرارة أو الغشاء البروتوني.
* خلل في عوامل التجلط بالجسم وقابلية للنزف.
* الحمل خاصة في الشهور المتقدمة، وذلك لعدم وجود فراغ كافٍ بتجويف البطن لإجراء الجراحة.
* حــــالات زيــــادة الوزن والســـــمنة المفرطة.
* إذا كانت هناك عمليات جراحية سابقة بالجزء العلوي لتجويف البطن، فربما توجد التصاقات، ما يزيد من صعوبة الجراحة، واحتمالية جرح أي عضو من أعضاء تجويف البطن.
* عند استئصال المرارة نتيجة وجود أورام خبيثة، فإنه من الأفضل اللجوء للجراحة التقليدية.
* عدم كفاءة الجهاز التنفسي أو القلب عند المريض، حيث إنه في حال إجراء الجراحة بالمنظار يتم ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون داخل تجويف البطن، ما يؤثر في كفاءة التنفس للمريض خلال العملية ويعرضه للخطر.


معدل الشفاء


يؤكد د.صبحي أن نسبة معدل الشفاء بعد الجراحة يمكن أن تقترب من 100%، ومن النادر تعرض المريض لمضاعفات بعد إجراء العملية، وفي حال حدوثها تكون مؤقتة وسرعان ما يتعافى المصاب بعدها بشكل تام، ويعتمد تحديد فترة النقاهة وقدرة الشخص على العودة لممارسة الأنشطة المعتادة بعد عملية استئصال المرارة على نوع الإجراء الذي يستخدمه الطبيب، والحالة الصحية بشكل عام، حيث يستطيع معظم الأشخاص الذين خضعوا لاستئصال المرارة بالمنظار العودة للعمل في غضون أيام، بينما يحتاج أولئك الذين خضعوا للجراحة المفتوحة أسبوعاً أو أكثر للتعافي، وليصبحوا جاهزين للعودة للعمل.


عوامل الخطر


تستهدف حصوات المرارة الأشخاص في متوسط العمر، وخاصة السيدات، وهناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة، وتتمثل في وجود تاريخ عائلي بالمرض، قلة الحركة، زيادة الوزن المفرطة، داء السكري ومشكلات الكبد، وكذلك تناول أدوية العلاج بالهورمونات أو وسائل الحمل، كما يلعب اتباع نمط الحياة غير الصحي دوراً كبيراً في تشكل الحصوات نتيجة الضغط على المرارة، ويؤدي إلى عدم إمكانية هضم الدهون، وخاصة الأطعمة المقلية والتي تحتوي على كمية كبيرة من الشحوم والوجبات السريعة، والخالية من الألياف، مثل: النشويات، السكريات، المعجنات والمخبوزات، الشكولاتة، المشروبات الغازية، اللحوم الحمراء، والبيض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"