الربـــو.. الوراثة تتصدر العوامل المسببة للمرض

01:15 صباحا
قراءة 7 دقائق

يصيب الربو الممرات الهوائية للرئتين؛ فتلتهب وتضيق، يعد من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال، ويتصف بحدوث نوبات متكررة تراوح بين صعوبة التنفس وصوت الأزيز.

تتعدد أسباب المرض على رأسها العوامل الوراثية، فإصابة أحد الوالدين أو كليهما؛ يرفع من احتمالية نقله للأبناء، وكذلك التدخين سواء كان الشخص مدخناً أو بسبب التأثير السلبي عليه، والتعرض للمواد المسببة للحساسية؛ مثل: الصبغات، والمكسرات، والمواد الكيماوية، أو الغبار، وكذلك بسبب أحد أنواع العدوى في الجهاز التنفسي؛ كالتهاب القصبات الرئوية والرئتين، ومرض الارتجاع المريئي، والتغيرات الهرمونية في بعض النساء، والتمارين الرياضية الشديدة، وإضافة إلى تقلبات الطقس.

تختلف أعراض الربو في شدتها وتوترها من شخص إلى آخر، وتظهر عدة مرات في اليوم أو في الأسبوع، وتصبح أسوأ عند البعض أثناء ممارسة الرياضة أو في الليل، وخلال نوبة الربو؛ تتورم بطانة أنابيب الشعب الهوائية، فتضيق المسالك التنفسية، ويحد من تدفق الهواء إلى داخل الرئتين وخارجها، إلى جانب تكرار إفراز البلغم، وآلام خفيفة في الصدر ثم انقباضه.

تسبب أعراض الربو المتكررة: الأرق والإرهاق، وتزرق أجزاء الجسم، خاصة الأطراف، كما تظهر على المريض أعراض مماثلة لنزلات البرد؛ مثل: الصداع والاحتقان وسيلان الأنف والعطس، وتتفاقم الأعراض مع عدم القدرة على الكلام، وزيادة معدل التنفس، وضربات القلب، وارتفاع صوت الأزيز، والنهجان والشعور بالإعياء، وعدم الاستجابة لموسعات الشعب الهوائية.

يسهل التعامل مع نوبات الربو عند حدوثها؛ لكن من الأفضل منعها من البداية؛ عبر اتباع إجراءات العناية بالنفس، ومنها اللقاح المضاد للإنفلونزا بشكلٍ سنوي؛ لأن الإصابة بها تزيد من أعراض الربو، ومضاعفاتها تؤدي إلى الالتهاب الرئوي، وأن يبادر المريض بمراقبة محفزات الربو لديه وتجنبها وبالتالي تقليل الحاجة للعلاج بالأدوية، ولنجاح ذلك عليه أن يتذكر بدقة عندما تحدث له النوبة المؤثرات التي كانت حوله من دخان أو حيوان أو شخص يكون مصابأ بمرض، وماذا كان يمارس وقت النوبة، ومن خلال تلك الأشياء وغيرها؛ يستطيع أن يعرف ما يثير النوبة لديه؛ فيتفادى الأمر ويتجنبه.

تشخيص المرض

يسهل الوصول لطبيعة المرض ووضع خطة علاج مناسبة له، بعد حصول الطبيب على التاريخ الطبي المفصل للمريض، ثم يطلب إجراء بعض الفحوص؛ مثل: قياس التنفس، أي اختبار وظيفة الرئة، لقياس مقدار الهواء الذي يخرج مع عملية الزفير، ويؤكد وجود انسداد في مجرى الهواء والذي يرافق دائماً الربو، ويمكنه قياس درجة ضعف وظائف الرئة بدقة، ويتم من خلاله مراقبة الاستجابة الحاصلة بعد بدء علاج المرض بالأدوية والبخاخ والوسائل الأخرى.

يجب على الطبيب فحص «الميتاكولين»، المادة المثيرة للربو التي تسبب ضيقاً في الشعب الهوائية، فإذا كانت النتيجة إيجابية؛ تؤكد الإصابة بالمرض، ومثل هذا الفحص يجرى في حال أظهرت اختبارات الأداء الوظيفي للرئتين نتائج طبيعية. ويستطيع المريض أن يجري على نفسه اختبار تدفق الذروة، ويعطي مقياساً موضوعياً يُعتمد عليه لوظيفة المجاري التنفسية، ومن خلاله يضع الطبيب خطته للعلاج، ويتم الفحص بأخذ نفس عميق، وإخراجه بأقصى قدر ممكن، وفي حالة الانخفاض في قياس التدفق يكون هناك عائق في المجرى التنفسي، ويساعد الفحص في السيطرة على الأعراض التي تترافق مع الحالة ومراقبة فاعلية العلاج.

يجرى الفحص بالأشعة السينية في حالة اشتباه الطبيبب في وجود التهاب رئوي بدلاً من الربو، أو في حالة عدم فاعلية العلاج، ويستطيع من خلاله تحديد العائق العلاجي أو إثبات احتمالية وجود أمراض رئوية أخرى.

يجرى اختبار الحساسية عن طريق الجلد أو الدم، ويمكن تحديد العوامل المسببة لها كالحيوانات الأليفة، أو الغبار أو العفن أو غبار الطلع، وإلى جانب ذلك يمكن فحص كمية غاز أكسيد النتريك في التنفس، ففي حالة وجود التهاب في الشعب الهوائية يكون مستوى أكسيد النتريك أعلى من المعتاد.

الوقاية المنزلية

يحمي المريض نفسه إذا كان الربو ناجماً عن الحساسية؛ عبر تقليل التعرض لمسبباتها؛ للتخلص منها ومن محفزاتها لديه؛ مثل: تركيب جهاز تنقية الهواء في غرفة النوم؛ للتخلص من الغبار، واستخدام جهاز مزيل للرطوبة؛ لمنع تكوين العفن داخل المنزل، وإغلاق النوافذ والأبواب في مواسم انتشار حبوب اللقاح، وعدم الخروج إلا للضرورة، وتجنب استخدام المواد المنزلية المحتوية على المهيجات الكيميائية أو العطور والاستعاضة عنها أخرى خالية من العطر.

يلجأ الطبيب للعلاج المناعي للحساسية في حالة معرفة سببها ليخفف من أعراض المرض، فيقوم بحقن المصاب بجرعات صغيرة من مسببات الحساسية تحت الجلد في مواعيد محددة ومنتظمة، وبمرور الوقت يعتاد الجسم على هذه الأجسام المضادة للحساسية فتقل استجابته نحوها إذا تعرض لها.

تتحقق الوقاية من الربو المهني بتجنب استنشاق المواد المهيجة الموجودة في منطقة العمل، ومن طرق الوقاية أيضاً السيطرة على التوتر النفسي الذي يزيد من أعراض المرض سوءاً، ويمكن من خلال تعلم تقنيات التنفس العميق وممارستها باستمرار تخفيف التأثير السلبي الناجم عن التوتر، كما ينصح أيضاً بالتحدث إلى الآخرين كوسيلة لتخفيف الضغوط.

مرحلة الطفولة

يعد الربو من أكثر الأمراض المزمنة عند الأطفال، وتتمثل أعراضه في ضيق التنفس والصداع، والإصابة المتكررة بنزلات البرد أو التهابات الجهاز التنفسي، وأكثر الأعراض وضوحاً صوت الصفير مع السعال، ويشتد المرض مع مسببات الحساسية للصغار كوبر الحيوانات الأليفة، والتعرض للتدخين السلبي، وارتباطه بنزلات البرد، والارتجاع المعوي.

تزيد من فرص إصابة الصغير بالربو في مرحلة الطفولة عدة أسباب تأتي على قمتها العوامل الوراثية، وزيادة حساسية الجهاز المناعي التي تؤدي إلى تضخم الرئتين والممرات الهوائية وإفراز المخاط بسيولة، وكذلك الإصابة في سن مبكرة ببعض أنواع التهابات الشعب الهوائية، وكثرة التعرض للملوثات الهوائية، وخاصة دخان السجائر، وكذلك المتغيرات الهوائية والمناخ البارد.

ينبغي لحماية الصغير من الربو مساعدته على تجنب المواد المثيرة للحساسية والمهيجات التي تسبب تعرضه للمرض، وتبدأ من المنزل بضرورة عدم التدخين، وتجنب تعرضه لارتجاع المريء؛ حيث يؤدي إلى تفاقم الأعراض، والعمل على مساعدته في المحافظة على وزنه الصحي؛ حيث يمكن أن تؤدي زيادة الوزن إلى تعرضه لمشاكل صحية أخرى، ويجب أن يوضع الطفل تحت رعاية الطبيب مع المتابعة الدقيقة من الوالدين لحالته.

يتم تشخيص المرض على أساس انسداد في مجرى الهواء الخارج من الرئتين، وتحدد هذه الإعاقة بواسطة فحص بسيط لأداء الرئتين «قياس التنفس»، ولكن جود مشكلة في الزفير لا تكفي لتشخيص الربوعند الأطفال، ويجب ظهور التحسن بعد تناول مواد موسعة للقصبات؛ لأن المرض غير دائم؛ حيث يظهر ويختفي بالتناوب، وتكون هناك حاجة أحياناً لتحفيز ضيق القصبات بواسطة فحص جهد أو بواسطة مواد تؤثر في المرضى الأطفال من دون غيرهم على أداء الرئتين بعد التحفيز، ويحتاج فحص أداء الرئتين لقدرة تقنية، ويمكن عملياً إجراء هذا الفحص لمن تجاوز عمره من 6-8 سنوات.

أتاح تطوير العلاجات المضادة للالتهاب من عائلة الستيرويدات التي يتم استنشاقها؛ تحقيق التقدم في معالجة الربو، ويتم تصنيف العلاج الرئيسي بالعلاج المسكن، بواسطة توسيع القصبات الهوائية، ما يؤدي إلى تخفيف الحالة، ولمدة زمنية مناسبة تصل إلى 12 ساعة، والتصنيف الثاني هو علاج مانع بشكل دائم، على أساس «ستيرويدي» يتم تقديمه للصغير؛ من خلال الاستنشاق بصورة ثابتة؛ لكن بجرعات متغيرة، ونجح هذا العلاج في تقليل خطورة المرض ونسبة الوفيات، وتم مؤخراً إضافة أدوية من أنواع أخرى لتضيق القصبات، كما تشمل العلاجات الإضافية حقن تحصين؛ لتثبيط رد الفعل التحسسي.

البخاخ

أثبتت الكثير من الدراسات أن الأفراد المصابين بالمرض ولا يجدون تحسناً في الرئة والتنفس يرجع ذلك لأنهم لا يستخدمون بخاخ الربو بطريقة صحيحة، وبالتالي عدم وصول المادة الدوائية بالشكل المطلوب إلى مجاريهم التنفسية، كما أن زيادة الجرعة الدوائية لا تسرع الشفاء؛ بل الاستخدام الصحيح للبخاخ تأتي بالنتائج الإيجابية، باعتباره العلاج الشائع للربو.

تتحقق النتائج المرجوة من استعمال البخاخ بالالتزام بحبس النفس لمدة 10 ثوانٍ، والزفير ببطء وإلى أقصى درجة ممكنة، ووضع فوهة البخاخ في الفم بعد نزع الغطاء بهدوء، وإخراج الهواء ببطء، وحبس النفس لبضعة ثوانٍ؛ للتأكد من أن المادة الدوائية الفاعلة وصلت إلى الرئتين ولم تغلق الأغشية المخاطية للفم، وإحكام إغلاق علبة البخاخ، والتنفس ببطء وعمق وبشكل هادئ؛ بعد استخدامها، لأن المادة الدوائية يتم نشرها بطريق الغاز الدافع.

في حال استخدام البخاخ الذي يحتوي على مسحوق يجب الاستنشاق بقوة أكبر، حتى يصل الدواء إلى المجاري التنفسية بشكل جيد، وفي كل الأحوال يجب الالتزام باستشارة الطبيب والتعليمات المرفقة على علبة البخاخ؛ لتجنب حدوث أخطاء.

تعد البخاخات آمنة وأضرارها بسيطة ولا يمكن وصفها بالخطرة، وعند النظر في أضرارها يؤخذ في الاعتبار ما يترتب عليه من أعراض ومضاعفات كثيرة، وربما خطرة تصيب المريض إذا قرر التوقف عن استخدامها، مثل: احتقان الحلق والتهاباته، وتحدث نتيجة الاستخدام الخاطئ للبخاخ أو عدم المضمضة والغرغرة بعد الاستعمال، ويمكن للطبيب أن يغير نوعية البخاخ إذا استمرت هذه الأعراض بعد محاولة معالجة الأسباب، وتسبب نوعية من البخاخ جفافاً في الحلق والفم وزيادة الإحساس بالعطش ويمكن تجنب استعمالها، وتحتوي بعض أنواع البخاخ على مادة سالبوتامول ومادة الألبوتيرول وينتج عنهما عند بعض المرضى رعشة بسيطة في اليدين، إلى جانب خفقان في دقات القلب، وكلاهما ليسا بالخطر ويزولان بعد ساعات من استنشاق الجرعة.

الحقيقي والقلبي

يتسبب فشل القلب في تراكم السائل في الرئتين وفي المسالك الهوائية وما حولها، وتظهر أعراض؛ مثل: ضيق النفس، والسعال، والأزيز، بينما الربو الحقيقي حالة مزمنة؛ بسبب التهاب المسالك الهوائية وحين تضيق تحدث صعوبات في التنفس، فكلاهما يتشاركان في ضيق التنفس والصفير، بينما ليس للربو الحقيقي صلة بوجود سائل في الرئتين أو مرض القلب، ولكن يتأثر كل منهما بالآخر ويؤثر فيه، ومن هنا لابد للمريض أن يتابع بدقة مع الطبيب الاختصاصي لكل منهما، فالتفريق بين المرضين مهم؛ لأن علاج كل واحد منهما يختلف عن الآخر، فمن الممكن أن يساعد علاج فشل القلب في تحسين الأعراض لكل من فشل القلب والربو القلبي، ولكن الإفراط في استخدام علاجات الربو الحقيقي كالبخاخ وأجهزة الاستنشاق يمثلان خطراً يؤدي إلى زيادة الأعراض سوءاً، بتفاقم الربو القلبي، واضطراب في نظم القلب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"