تسويق قصير النظر

04:06 صباحا
قراءة دقيقتين

صفية الشحي

التسويق قصير النظر هو مصطلح ظهر عام 1960 في مقال نشره أستاذ التسويق في كلية هارفارد للأعمال ثيودور ليفيت - 1925 - 2006 - يصف فيه افتقار مختصي التسويق إلى البصيرة المرتبطة بطبيعة علاقاتهم مع عملائهم، إذ إنهم ينفقون الكثير من الوقت والطاقة والمال للتركيز على التوجه للإنتاج أكثر من التوجه للمستهلك، وذلك بسبب الاطمئنان إلى وجود شركاتهم ضمن صناعات نامية ومستقرة، وهي الفكرة التي يخالفها واقع القطاعات الصناعية، خصوصاً في فترات الأزمات التي تعتبر انتقالية بالنسبة للشركة والعميل على حد سواء.
اعتاد ليفيت أن يقول لطلابه «لا يريد الناس تجريب أداة ربع بوصة بل يريدون حفرة قياسها ربع بوصة!» أي يريد الناس المحصلة النهائية التي تتمثل في جدار معلق عليه لوحة لفنانهم التشكيلي المفضل أو صورة عائلية، ولا تعنيهم الأداة أو الطريقة التي ستقدم لهم مشاعر الرضا أو الفخر أو الانتماء. أما السؤال الذي يجب أن نطرحه هو «هل ستتوفر هذه الأداة بعد سنة لتحقيق ذات النتيجة، أم أن تكنولوجيا جديدة ستستبدلها لتأدية المهمة بأقل وقت وجهد وسعر؟»، إن التسويق قصير النظر يعيق هذا الفهم حيث يقوم كثير من المسوقين بتخصيص الكثير من الوقت والجهد للتركيز على المنتجات التي لن تكون موجودة بعد عام من تصنيعها، بدلاً من «الصورة الكبيرة» والتي تمثل ما يريده المستهلكون حقاً.
في عصر «الانصهار» الذي تداخلت فيه الكثير من المجالات، تعرض مفهوم «الصناعة» لتحديات مختلفة سببتها التكنولوجيا التي وسمت كل شيء بسمة «العبور»، حيث لم يعد من الدقة أن نصف مجالاً تخصصياً معيناً بالصناعة، بل بالنظام «ecosystem» القائم في جزء كبير منه على نماذج تقنية أكثر تعقيداً ولدت ما يعرف بـ«اقتصاد الوظائف المؤقتة»، المساهم في إيجاد نوع جديد من المستهلكين الباحثين عن حلول سريعة وجذرية لمشاكلهم المختلفة، وما يقابل ذلك من مسوقين «أصحاب رؤية» أكثر انفتاحاً على خيارات وفرص نمو موجودة خارج نطاق تخصص المنتج الحالي.
لا يتعلق الأمر فقط بالاستماع إلى المستهلكين وحسب، بل وجميع أصحاب المصلحة الذين يساهمون في نجاح العملية، مثل الموظفين والموردين والمساهمين والمنافسين ووسائل الإعلام والمجتمع، وكذلك إدراك أن التغيير سيطال عناصر مختلفة مثل المنتج والوسيط إضافة إلى عوامل الإنتاج، أما الثابت الوحيد هو حاجة المستهلك الدائمة إلى شيء ما يحقق المنفعة والرضا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"