الالتهابات.. وسيلة دفاعية للجسم ومؤشر على المرض

01:16 صباحا
قراءة 6 دقائق

يعد الالتهاب جزءاً من الآلية التي يدافع بها الجسم عن نفسه، فالجسم عندما يصل إلى وجود شيء غريب دخل إليه - كشوكة أو إحدى الجراثيم أو البكتيريا أو مادة مهيجة - فإنه يستجيب بيولوجياً للتخلص من هذا الشيء الغريب.
يلعب الالتهاب دوراً في عملية الشفاء، من خلال ترميم جرح أو محاربة مرض، كما أنه من الممكن أن يساهم في حدوث بعض الأمراض المزمنة، أو يؤدي إلى تطورها، كأن تبالغ الخلايا المناعية في عملها، وبالتالي يسبب الالتهاب ما يعرف بأمراض المناعة الذاتية.
يشير الأطباء إلى أن الالتهاب أمر طبيعي يحدث كاستجابة مناعية من الجسم، إلا أنه من المهم اللجوء للعلاج المناسب، حتى يتجنب المصاب تطور الأمر وحدوث أي مضاعفات سيئة.
نتناول في هذا الموضوع حالة الالتهاب بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوث هذه الالتهابات، وأنواعها، وطرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


رد فعل


يعرف الالتهاب بأنه رد فعل وقائي من الجسم تجاه أي كائنات معدية، كالبكتيريا أو الفيروسات، ويحتاج إلى تدخل طبي فوري، إذا لم يتوقف في الوقت المناسب.
تلعب العديد من العوامل دوراً في الإصابة بالالتهاب، ومن ذلك التلوث وتضرر أنسجة الجسم بسبب التعرض لإشعاعات أو حرارة مرتفعة أو حرق، ونتيجة زيادة إنتاج وترسب بعض المواد التي توجد في الجسم كحمض اليوريك.
تشمل أعراض الالتهاب الواضحة الاحمرار والحمى والانتفاخ والألم، وتظهر هذه الأعراض سواء أكان الالتهاب خارجياً أو داخلياً.


حاد ومزمن


تختلف مدة الإصابة بالالتهاب بحسب نوعه، ومن الممكن أن تستمر من عدة أيام وحتى شهور أو سنوات، وبصفة عامة فإن الالتهاب ينقسم إلى نوعين: حاد ومزمن.
يكون الالتهاب الحاد قصير المدى، ويحدث نتيجة سلسلة من العمليات، والتي تبدأ بتدفق الدم الزائد إلى الشعيرات الدموية في مكان الإصابة.
يتسبب تدفق الدم في الاحمرار وارتفاع درجة الحرارة الموضعي، ويعد هذان الأمران أبرز الأعراض الأولية للنوع الحاد، ويحدث التورم عند تراكم السوائل، ويمكن أن يحدث الالتهاب من غير أن تظهر هذه الأعراض.
يستمر الالتهاب المزمن لأشهر أو سنوات، ومن الممكن أن يرتبط بأمراض أخرى، كالسكري والتهاب المفاصل وأمراض القلب.
تتضمن هذه الأمراض كذلك الحساسية والصدفية، وتعتمد الأعراض على المرض المسبب لها، وتشمل الشعور بالألم والتعب.
ينشأ الالتهاب المزمن نتيجة استمرار تأثير مسبب الضرر في الخلايا والأنسجة، أو عقب تدمير نسيج ما، ووجود فراغ، ويتميز بارتشاح الكريات البيضاء من الخلايا الليمفاوية وخلايا البلازما.


تحفيز مناعي


يحفز أحد العوامل الجهاز المناعي مسبباً حدوث الالتهاب الحاد، وهو ما يعني أنه ليس مرتبطاً بالإصابة بالجراثيم، بل يمكن أن يحدث نتيجة التعرض لمادة غريبة، كلدغات النحل أو الغبار، ويمكن أن يكون بسبب خدش أو جرح أو بعض الحروق.
يحدث الالتهاب أيضاً عند الإصابة بإحدى الجراثيم، أو نوع من أنواع البكتيريا والفيروسات المختلفة، كما أن اضطراب درجة حرارة الجسم، ارتفاعاً أو انخفاضاً، يتسبب في الإصابة به.
يكتشف الجسم أن هناك إصابة ما أو تلفاً، وبالتالي يفعل الجهاز المناعي بعض الأمور، فتتراكم البلازما في المنطقة المصابة، وكذلك السوائل، وهو ما يؤدي إلى انتفاخ المنطقة.


عوامل عدة


يحدث الالتهاب المزمن نتيجة عوامل عدة، ومنها الحساسية، فمن الممكن أن يحدث الالتهاب عند شعور الجسم أن هناك مادة ليس معتاداً عليها، يؤدي كذلك التعرض للمهيجات، كالمواد الكيميائية، لفترة زمنية طويلة إلى الإصابة بالالتهاب المزمن.
يمكن أن ترجع الإصابة بهذه الحالة إلى اضطرابات المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي الخلايا السليمة، كما يحدث في مرض الصدفية، وهو ما يحدث أيضاً في أمراض الالتهاب الذاتي، فتؤثر في عمل الجهاز المناعي العوامل الوراثية، كمرض بهجت.


التهاب المفاصل


يؤثر الالتهاب في مختلف أجهزة الجسم بداية من المفاصل وانتهاء بالأجهزة الحيوية كالدماغ والقلب، ويتسبب الالتهاب المزمن في الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، والذي يؤدي إلى تورم المفاصل وبالتالي يؤثر بالسلب في العظام والغضاريف.
أشارت كثير من الدراسات إلى أن تكرار الإصابة بالالتهاب يزيد من خطر الإصابة بأحد أنواع السرطان، كسرطان الجهاز الهضمي أو المريء أو عنق الرحم أو الرئة.
توضح هذه الدراسات أن الخلايا المناعية عندما تبدأ بإنتاج الالتهاب فإن تنظيم المناعة يتدهور، وهو ما يخلق بيئة مثلى تنمو فيها الخلايا السرطانية.


القلب والمخ


ينتج عن الإصابة بالعدوى الفيروسية في العادة التهاب عضلة القلب، وهو ما يؤثر فيها وفي النظام الكهربائي للقلب، وكل ذلك يترتب عليه أن يقلل من قدرته على ضخ الدم المؤكسد لأعضاء الجسم المختلفة، وبالتالي فإن الالتهاب يتسبب في اضطراب نظام القلب بصفة عامة، ومن الممكن أن تتكون جلطات في القلب، والتي تؤدي لحدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
تتأثر أنسجة المخ نتيجة الإصابة بالالتهاب، والذي يرجع في الغالب إلى وجود عدوى فيروسية، وتترتب على التهاب الدماغ مشاكل في الحركة، أو الحواس مع وجود تشوش في التفكير.
يمكن أن تؤدي إصابة الرئة بالالتهاب إلى تجمع السوائل بها وتضييق مجرى الهواء، ما يتسبب في جعل التنفس صعباً، وربما كان الالتهاب سبباً في الإصابة ببعض الأمراض التي ترتبط بالجهاز التنفسي كالالتهاب الشعبي والربو.


الجهاز الهضمي


يصيب الالتهاب العديد من أجزاء الجهاز الهضمي وبخاصة الأمعاء وبطانة المعدة، فيتسبب التهاب الأمعاء في ألم بالبطن مع تعب ونزيف بالمستقيم، ويعاني المصاب التعرق الليلي وانخفاض الشهية.
ترجع الإصابة بالتهاب بطانة المعدة إلى عدوى ببعض البكتيريا المسببة لقرح المعدة، ويمكن في بعض الحالات أن يتسبب هذا الالتهاب في الإصابة بسرطان المعدة، وبالرغم من ذلك فإن هذه الحالة لا تعد خطيرة وتختفي سريعاً مع العلاج.
تتسبب مهاجمة الجهاز المناعي للوعاء الدموي بطريق الخطأ في إصابة الأوعية الدموية بالالتهاب، وهي الحالة التي تدمر بطانة الوعاء، وبالتالي تقلل من تدفق الدم أو توقفه بشكل تام.


السبب أولاً


يجب تحديد العلاج المناسب للالتهاب، وذلك حتى يتجنب المصاب تطور الحالة وحدوث مضاعفات، ويعتمد العلاج على المسبب للالتهاب.
يكون العلاج بالمضادات الحيوية لو كان سبب الالتهاب التلوث، وفي حالات الالتهاب غير التلوثي يكون العلاج بالأدوية المضادة للالتهاب.
تعد مضادات الالتهاب غير الستيرودية خط دفاع أولي ضد الالتهاب قصير المدى، وكذلك ضد الألم، وفي الغالب يمكن أن يحصل عليها المصاب من غير توصية طبية، ومن أمثلتها الأسبرين والنابروكسين والإيبوبروفين، ومن الممكن للطبيب وصف الديكلوفيناك لبعض الحالات.
يجب الانتباه إلى أنه بالرغم من فعالية هذه الأدوية إلا أن هناك بعض الآثار الجانبية التي من الممكن أن تحدث، وبخاصة مع الاستخدام الطويل، لذلك ينصح بإخبار الطبيب عن الأدوية المستخدمة، وهل هناك أي أعراض جانبية لوحظت عند استخدامها؟


أقراص فموية


يستخدم الكورتيكوستيرويد، أو ما يعرف بالكورتيزون، في العادة في علاج الالتهاب والتورم، وكذلك الحساسية، ويوافر في عدة أشكال، منها الأقراص الفموية وبخاخ الأنف.
ينصح بمراجعة الطبيب عند تناول هذه الأدوية، لأن لها آثاراً جانبية وبالذات مع الاستخدام الطويل، كما أن هناك تداخلات مع بعض الأدوية الأخرى.
يمكن اللجوء إلى مسكنات الألم الموضعية، سواء كان الألم حاداً أو مزمناً، وذلك لأن آثارها الجانبية أقل من نظيرتها الفموية.
تتوافر العديد من مسكنات الألم الموضعية، والتي من الممكن أن يصرف بعضها من غير وصفة طبية، ويفضل استشارة الطبيب قبل استخدمها، وبخاصة في حالات التهاب المفاصل.


أطعمة مفيدة


تساعد بعض الأطعمة على تقليل حدة الالتهاب، ومنها الفواكه والخضراوات الغنية بمضادات الأكسدة، كما أن الخضراوات الورقية الداكنة كالسبانخ تقلل وتمنع كثيراً من الالتهابات.
تحتوي الأوراق الداكنة على الكاروتينات بكثرة، والتي تعمل كمضادات للأكسدة تحد من الالتهاب، وبالإضافة إلى أنها غنية بفيتامين إي، وكل هذه المكونات تساعد على حماية الجسم من الجزيئات التي تسبب الالتهابات.
تشمل الأطعمة التي تقلل حدة الالتهاب المكسرات، وذلك لأنها غنية بحمض الفالينوليك، ويتحول هذا الحمض لأحماض دهنية أوميجا3 في الجسم، ويقوم حمض ألفا لينوليك بتهدئة الالتهابات وحماية الجسم منها.
يحتوي الزبيب على مواد مضادة للأكسدة، والتي تساعد على تهدئة الالتهابات، كما يحتوي الزنجبيل على خصائص دوائية من عقاقير مضادة للالتهاب، وتتوافر بالثوم مضادات أكسدة قوية، تخلص الجسم من البكتيريا والجراثيم التي تسبب الأمراض والالتهابات المختلفة، كما يقوم بتقوية جهاز المناعة.
يعالج زيت الزعتر التهابات الجهاز التنفسي، ويخلص الجسم من الفيروسات والطفيليات التي تهاجمه، كما أن له العديد من الفوائد الغذائية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"