عادي
يقمن بأدوار تسجيل الحضور والهمس والتلقين وحل الواجبات

أمهات يعدن إلى مقاعد الدراسة في «التعلم عن بعد»

01:00 صباحا
قراءة 6 دقائق
تربية وتعليم

تحقيق: حصة سيف، ومنى البدوي

من أبرز ممارسات التعليم عن بعد، والتي ظهرت بالآونة الأخيرة، بعد دخول أطراف عديدة ومشاركتها في التدريس، من أجل إنجاح عملية التعلم عن بعد، إلا أن بعض الممارسات من تلك الأطراف تعرقل عملية التعليم من حيث لا تعلم نتائجه على الطلبة، وبخاصة الصغار منهم، أو من هم في المرحلة التأسيسية، فقد اضطرت الأمهات نظراً للضغط النفسي مساعدة أبنائهن الطلبة في التعليم، والإجابة عنهم ومشاركتهم في حل الواجبات كحل مختصر، الأمر الذي يعرقل عمل «المعلم» في توصيل المعلومة لجميع الطلبة ومعرفة مدى استيعابهم للدروس.

من تلك الممارسات دخول بعض الأمهات على خط التعليم عن بعد باندفاع منقطع النظير، والقيام بحل الواجبات عن أبنائهن، وذلك التدخل «غير المحمودة نتائجه» يمكن أن يغير مجرى هدف الأم من تميز «ابنها»، ويضلل الطلبة ويبعدهم عن الطريق الصحيح نحو استيعاب الدروس، ومن الأمهات من تساعد أبناءها على الإهمال وعدم متابعة الدروس بجدية، وبين تلك الأدوار من وجد فعلًا الطريق الصحيح نحو غرس حب التعلم والاعتماد على الذات في أبنائه، وهو النموذج المفترض أن تلعبه كل الأمهات.

الأمهات اقترحن للوقوف بوجه تلك الممارسات، ضرورة فتح «الكاميرات» أثناء التعلم عن بعد، للمعلم والطلبة على السواء وخاصة في المرحلة التأسيسية لمساعدة الطلبة في متابعة المعلمين بطريقة مباشرة، تحسن التواصل وتوصيل المعلومة للطلبة، والبعض اقترح أن تكون الدروس مسجلة، بحيث يمكن للطالب الرجوع لشرح الدرس طوال اليوم.

نظام فاشل

أمل حسن، ولية أمر، أكدت أن نظام التعليم عن بعد نظام فاشل، لا يستفيد منه الطالب بشكل مباشر، فالتعليم عن بعد يعتمد على انتباه الطالب، وبيئة المنزل تؤثر في الطلبة، وخاصة الصغار منهم، لا يوجد تفاعل بين الطالب والمعلم بعكس لو كان في المدرسة، في حين أن كل أم تريد أن يتميز ابنها، فنجد كثيراً من الممارسات التي تؤكد تدخل الأمهات لحل واجبات أبنائهن، وخاصة في المرحلة التأسيسية، وأن الأمهات الموظفات لا يجدن حلاً لعدم وجود بديل لهن لمتابعة الأبناء للدروس، وهذه المعضلة الكبرى.

الدروس المسجلة

صابرين المنصوري، ولية أمر، قالت إن الدروس المسجلة، تسهم في سهولة توصيل المعلومة للطالب من خلال مراجعتها بشكل دوري، وهو حل كذلك للأمهات الموظفات، اللواتي يستطعن خلال اليوم مراجعة ما أخذه الطالب والإشراف على مدى استيعابه للدروس، كما أن فتح الكاميرا من الطرفين من المعلم ومن الأبناء، يسهم في زيادة انتباه الطالب للدروس، إلا أن المشكلة في الضغط على الشبكة بعد افتتاح الكاميرات إذ يضغط على مستوى الإرسال.

وأوضحت أن بداية التعلم عن بعد، كان الضغط النفسي على الأم بشكل مبالغ فيه لأن كل أم تريد من أبنائها أن يكونوا متفوقين ومتميزين، وتريد أن تساعدهم للوصول إلى ذلك المستوى، لذلك كانت أغلب الأمهات منشغلات بأبنائهن ومع الدروس إلا أنه بعد مرور عام كامل تقريبًا في التعلم عن بعد، بدأ الضغط يخف بعد أن تعود الطلبة على استخدام النظام، إلا أن بعض الممارسات من الأمهات لا زالت في مساعدة أبنائهن في حل الواجبات والإجابة عنهم كتابياً، لذلك أعتقد أن الحل هو في فتح الكاميرات كي ينتبه الطالب ويجيب بنفسه، وكذلك فتح المعلم للكاميرا وخاصة للفصول التأسيسية يساعد على شد انتباه الطالب ومتابعته لمعلمه وشرح الدروس.

مراحل متعددة

منى مطر، موظفة وولية أمر، وأم لطالبات في مراحل متعددة، أكدت أن المتابعة المباشرة في الدروس تتدرج حسب عمر الطلبة، فابنتها في الروضة تحظى بمتابعة مباشرة، كونها تتعامل مع التعليم عن بعد لأول مرة، لذا يقتصر الإشراف المباشر على ابنتي في الروضة فقط، أما الطالبات في التأسيسي فيعتمدن على أنفسهن، وأكتفي بسؤالهن عن الدروس بعد أن أعود من العمل.

توجيه متوال

عائشة الزعابي، مديرة روضة، أكدت أن طلبة الروضة في أول سنة يحتاجون إلى توجيه متوال من الأم، ويختلف نسبة التركيز مع الطالب الطفل على حسب قدراته الاستيعابية، لكن المهم أن تبدأ الأم من هذه المرحلة الأساسية في التعليم بخلق حس المسؤولية والقيادة في ذات الطفل، وتعطيه مهام بسيطة لمتابعة واجباته، وتعزز الثقة بنفسه بأداء المهام بروح المسؤولية، ولا تجهد نفسها بالتركيز على نوعية المهام التي يؤديها الطفل.

والمهم أن تركز على النتيجة بإنهاء مهامه وتحفزه لكي يصل إلى النتيجة المرضية التي تريدها، وكذلك في هذه المرحلة تعتمد على أسلوب المعلم في تنويع أساليب التعلم، ولابد أن يرافقه الإشراف المباشر من الأم، حتى إذا كانت لديها استفسارات خاصة بأسلوب التدريس أو ملاحظات تتجه مباشرة إلى التواصل مع المعلم للإجابة عن ملاحظاتها.

ومن التحديات التي تواجهنا كإدارة في رياض الأطفال أن بعض أولياء الأمور، لا يولون اهتماماً خاصاً لهذه المرحلة، ويوجهون اهتمامهم للطلبة في المرحلة الابتدائية والمراحل الأخرى، رغم أن مرحلة رياض الأطفال هي التي تتشكل فيها شخصية الطفل «المتعلمة» ويمكن أن تحدد مستواه المستقبلي في التحصيل العلمي.

أشارت مهرة آل مالك أخصائية علاج نفسي في وزارة الصحة، إلى أن التعلم عن بعد يحتاج إلى علاقة تكاملية ما بين المنزل والمدرسة، وخاصة دور الأم في البداية يجعلها تعيش في ضغط وتوتر دائم وبذل جهد لمساعدة أبنائها الطلبة، إلا أن الدور المنوط بها أن تلعبه يحتاج إلى صبر و«طولة بال» وأخذ الأمور بروية لمصلحة أبنائها.

وأوضحت أن على «الأم» تربية أبنائها الاعتماد على أنفسهم في فهم الدروس، وهذا أهم دور للأم يساعد الأبناء في كافة مراحل حياتهم، كي لا يعتمدوا عليها في حل الدروس وغيرها من المهام المنوطة بهم كطلاب.

وأكدت أن على الأم غرس حب التعلم في نفوس أبنائها من خلال الاعتماد على الذات باستخدام الوسائل التعليمية الحديثة كالفيديوهات التي تعرض على التلفاز، والتعلم عن طريق اللعب، كي تكمل ما بدأه المعلم في الشرح والابتعاد كل البعد عن مساعدته في حل واجباته.

وأضافت:  في الجو العام للضغط والتوتر يفضل ممارسة تمارين الاسترخاء، وممارسة التمارين الرياضية لكل من الأمهات والطلبة، لتخفف عنهم الضغط المشحون من استخدام الأجهزة التعليمية.

تدوين المعلومات

وقالت منال سامي ولية أمر، أحضر يومياً مع ابني جميع الحصص الدراسية، كما أحرص على متابعة وتدوين المعلومات والواجبات حتى أتمكن من مراجعتها معه خلال الفترة المسائية، حيث إن الطفل بطبيعته سريع الملل وهو ما يدفعني للحضور بشكل كامل تجنباً لضياع أي معلومة أو نسيان واجب مدرسي.

وأضافت بالرغم من علمي بضرورة اعتماده على نفسه إلا أن مشاعر الأم تبقى هي الأقوى حيث أحرص على عدم تقديمه لإجابة خاطئة أمام زملائه وهو ما يدفعني للهمس في أذنه للتذكير فقط بالإجابة موضحة أن هذا السلوك جعل طفلها يلتفت نحوها منتظراً الإجابة أو المساعدة كلما تم طرح سؤال.

أكتب نيابة عنه

وذكرت سماح عبد الله ولية أمر، أحرص على التقيد بحدود مسؤولياتي كأم متابعة لابنتها الطالبة خلال الحصص الدراسية عن بعد، إلا أنني أجد نفسي أحياناً مضطرة للمشاركة والمساعدة خاصة عندما يتم طرح سؤال من قبل المعلم ويتطلب الإجابة عنه وقتاً محدداً أو عندما تكون الإجابة بالكتابة أقوم بالمهمة لضمان سرعة الرد كما أضطر أحياناً أخرى إلى تلقين الإجابة عندما يكون نطق الكلمة فيه صعوبة على الطفل بالإضافة إلى تصوير الواجبات وإرسالها.

دور ولي الأمر

ومن جانبها قالت كفاح إبراهيم معلمة فصل، يجب أن تعي الأم أن دورها الجلوس إلى جانب الطفل لتوجيهه نحو بعض الإرشادات من فتح مكبر الصوت وإغلاقه وتعليمه كيفية استخدام التقنية الحديثة والدخول إلى البرنامج المحدد للحصة الدراسية، مشيرة إلى أن بعض أولياء الأمور تعدوا الحدود لدرجة أن البعض يسعى ليس فقط إلى القيام بدور الطالب بل يمتد أحياناً أخرى إلى التدخل في طبيعة عمل المعلم وهو ما يثير الاستياء في كثير من الأحيان.

وأشارت إلى أن بعض أولياء الأمور ساهموا بشكل مباشر في زعزعة ثقة أبنائهم حيث بات بعض الطلبة يخشون تقديم الإجابة دون مشاورة ولي الأمر تحسباً للوقوع بالخطأ وهو ما ساهم في غرس سلوكيات غير صحيحة لدى أبنائهم من الطلبة، وبالرغم من أن المعلم يؤكد دائماً ًللأهالي أن تقديم إجابة خاطئة يعتبر أمراً طبيعياً خلال الحصة وأن تصحيح المعلومات من واجب المعلم، وأن الحصة للتعليم وتنمية المهارات لدى الطالب وليس لقياس مستويات الأهالي وقدراتهم على تلقين الإجابات للأبناء.

الاعتماد الكامل

وذكرت المعلمة هنادي مصطفى، أن متابعة ولي الأمر للطالب والجلوس معه خلال الحصة الدراسية يعتبر سلاحاً ذا حدين، حيث إن الطالب خاصة في المراحل الدراسية الأولى يحتاج إلى متابعة ومراقبة إلا أن ما يمارسه بعض أولياء الأمور من سلوكيات يجعل الطالب يعتمد عليه بشكل كامل، وهو ما يسلب الطالب شخصيته وثقته في نفسه مؤكدة أن دور ولي الأمر يقتصر على المتابعة فقط وليس الحضور والتلقين وحل الواجبات حتى بتنا نشعر أحياناً أننا نقوم بتقديم مادة علمية للأمهات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"