أداء البنوك الخليجية في ظل جائحة «كورونا»

01:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
عدنان أحمد يوسف
عدنان أحمد يوسف

عدنان أحمد يوسف *

تطرقنا في مقالات سابقة إلى الأداء المالي المتوقع للبنوك الخليجية في ظل جائحة «كورونا»، حيث ذكرنا أنه بالرغم مما تتمتع به هذه البنوك من أوضاع مالية جيدة، إلا أن انخفاض أرباحها خلال هذا العام هو مسألة متوقعة للغاية، بسبب تراجع أعمالها من جهة، واضطرارها لزيادة المخصصات من جهة أخرى. وما جعلنا نعود إلى هذا الموضوع صدور بعض التقارير العالمية التي ترصد أداء البنوك الخليجية خلال النصف الأول من عام 2020.

فقد أصدر «كي بي إم جي» مؤخراً، تقريراً حول أداء البنوك الخليجية المدرجة للنصف الأول من العام الذي أظهر انخفاض أرباحها بنسبة 34.7% لتبلغ 12.3 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2020، بالمقارنة مع 18.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. كما ارتفعت مصاريف الخسائر الائتمانية المتوقعة بنسبة 76.8% خلال النصف الأول من العام الجاري، لتبلغ 9.4 مليار دولار. وهذه المؤشرات من وجهة نظرنا تعتبر طبيعية، حيث ركزت البنوك على بناء مخصصات أكبر تحسباً للتداعيات القادمة للجائحة، كما عملت على تحسين الكلفة ،وزيادة الإنتاجية بغية التعويض عن انخفاض الإيرادات.

كما يظهر التقرير جملة إجراءات الدعم الذي قدمته الحكومات الخليجية والبنوك المركزية لحماية الاقتصاد والمجتمع والأفراد والبنوك من تداعيات جائحة كورونا، حيث تصدرت البحرين حجم الدعم المقدمة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 30%، تليها سلطنة عمان بنسبة 28%، ثم الإمارات بنسبة 17%. وقد تمثلت الإجراءات التنظيمية الداعمة للبنوك في تأجيل الأقساط ودعم السيولة وتخفيض أسعار الفائدة وتخفيف المتطلبات التنظيمية، وغيرها من الإجراءات.

على صعيد آخر، تتوقع وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني أن تواجه البنوك الخليجية تحديات متواصلة حتى عام 2021 بسبب طول مدة التعافي الاقتصادي المتوقعة. وبنت الوكالة توقعاتها على أن لقاح جائحة «كورونا» سيكون متاحاً على نطاق واسع بحلول منتصف 2021 تقريباً، وان سعر برميل النفط سيستقر عند متوسط 50 دولاراً. وتوقعت أن تنمو اقتصادات دول الخليج بمتوسط %2.4 في 2021، مقارنة بانكماش بنسبة %5.6 في العام الحالي.في الوقت الذي تتوقع الوكالة أن يبقى نمو الإقراض ضعيفاً في دول الخليج، باستثناء السعودية، حيث توسّعت القروض العقارية بسرعة على خلفية مبادرة حكومية لزيادة ملكية المنازل في البلاد، ورجحت استمرار زيادة كلفة المخاطر مع تسارع كشف الأصول المشكوك فيها، مشيرة إلى أن عائدات الفوائد ستبقى أقل من مستوياتها التاريخية، بسبب سياسة الفيدرالي الأمريكي المتمثلة في خفض أسعار الفائدة لفترة أطول.

كما تتوقع أن تستمر ربحية البنوك الخليجية بالانخفاض، مع الإبلاغ عن خسائر قليلة بسبب تعرضها لفئات الأصول عالية المخاطر مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبطاقات الائتمان، أو في حالات قليلة في أسوأ الأحوال بسبب نقص المخصصات. وسيؤدي هذا إلى دفع إدارات البنوك الخليجية إلى النظر بعناية أكبر في التكاليف، ومحاولة الاستفادة من الفرص المتعلقة بالتكنولوجيا المالية، وتقليل عدد الفروع.

مع ذلك، فإن هيكل محافظ التمويل ورسملة البنوك الخليجية القوية توفر الدعم لجدارة الائتمان. كما أن الودائع الأساسية والمستقرة لا تزال تهيمن على قطاع التمويل مع مساهمة محدودة من التمويل الخارجي، إلا أن رساميل البنوك الخليجية قوية من الناحيتين الكمية، والنوعية، وتحميها من الصدمات.

أما وكالة موديز، فقد توقعت أن تؤدي أزمة «كورونا»، وانخفاض النفط، إلى تسريع وتيرة الاندماج والاستحواذ للمصارف الخليجية، في سعيها لخفض التكاليف، حيث إن البنوك تواجه ضغوطاً لإجراء تعديلات أكبر في الكلفة، مع انخفاض أسعار النفط. لذلك، فإن كفاءة التشغيل هي المفتاح للحفاظ على الربحية.

ووفقاً للوكالة، فإن هناك فائضاً في عدد المصارف الخليجية نسبة لعدد السكان، إذ يتجاوز عدد المصارف نحو 160 بنكاً، تقدم خدماتها لنحو 58 مليون مواطن، ومقيم، وجاءت الإمارات بالصدارة بنحو 48 بنكاً، ثم السعودية، والبحرين، بعدد البنوك نفسه، بنحو 31، والكويت 22 بنكاً، وعمان 18 بنكاً.

كما أن البنوك الخليجية تقوم بمعظم عمليات الإقراض خارج قطاع النفط المهيمن، فيما يميل النمو في القطاعات غير النفطية إلى الارتباط بشكل إيجابي بأسعار النفط.

لقد شهدت دول المنطقة خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام 2014، إثر انخفاض أسعار النفط، موجة كبيرة من الاندماجات، ومن المتوقع أن نشهد موجدة جديدة لإنشاء مؤسسات مالية أكبر، وأكثر مرونة تستجيب بصورة أكبر لمتطلبات التحول الرقمي والاستثمار في التكنولوجية، واستيفاء المتطلبات الرقابية، والمساهمة الفعالة في مرحلة التعافي، ومن ثم في مرحلة النمو المستدام للاقتصادات الخليجية.

* رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً ورئيس جمعية مصارف البحرين

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"