رحمك الله يا شيخ الإعلاميين ستبقى آثارك باقية

إبراهيم العابد.. ونص المكالمة الأخيرة
09:51 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد حسن خلف
محمد حسن خلف

قد تكون السنوات التي قضيتها بالعمل مع الراحل الأستاذ القدير إبراهيم العابد، قصيرة مقارنة بسنوات عمله الطويلة التي خدم فيها القطاع الإعلامي في الدولة، لكنها كانت تحمل الكثير من التجارب التي يتشرف الإنسان بالحديث عنها.

لقد بدأت العمل مع الراحل، مع بدايات عملي في إدارة إذاعة وتلفزيون الشارقة، قبل ما يزيد على عشر سنوات، كنا نلازمه كما يلازم التلميذ أستاذه، وكانت توجيهاته التي عادة ما تكون سريعة ومباشرة ودون مقدمات طويلة، في شكل ملاحظات أو توصيات أو تعليمات، يحملها صوته الأبوي الحاني بكل لطف وحنان.

قبل أيام من رحيلة، اتصل بي من غير ميعاد، وفي وقت لم يعتد الاتصال فيه؛ إنها الساعة الثانية من بعد ظهر الجمعة، استغربت الاتصال في مثل هذا اليوم وهذا الوقت، وقلت في نفسي قبل أن أجيب: «اللهم اجعله خيراً». فقد خشيت أن يكون وراء هذا الاتصال أمر طارئ غير سار، وإذا بي أفاجأ بأن اتصاله حمل الكثير من التودد والشكر والثناء، وهنا أحب أن أنقل نص المكالمة القصيرة التي دارت بيننا.

أبو باسم: السلام عليكم أخ محمد.

محمد: وعليكم السلام مرحباً أبو باسم.

أبو باسم: أنا أتصلت فقط لأشكركم على إذاعة القرآن الكريم من الشارقة، هذه الإذاعة التي أصبحت تلازمني في كل جولاتي، ولا أكاد أغير المذياع عنها. واستطرد قائلاً: بالفعل إنها إذاعة رائعة ومتنوعة بفقراتها ومقرئيها وبرامجها القرآنية القصيرة.

محمد: شكراً أبو باسم على هذا الإطراء، وسأوصل شهادتك التي أعتز بها للعاملين في الإذاعة.

أبو باسم: أرجوك أشكرهم نيابة عني على برامجهم واختياراتهم للقراء، وعلى إيصال بث هذه الإذاعة لمدينة أبوظبي، والمناطق المحيطة بها.

محمد: حاضر أبو باسم، وشكراً جزيلاً على كلماتك الراقية المشجعة.

أبو باسم: الشكر لكم، مع السلامة

محمد: مع السلامة.

قصيرة تلك المكالمة، إلا أنها تحوي معاني كثيرة، ودلالات رائعة، لقد تواصل معي الأستاذ الفاضل إبراهيم العابد عشرات بل مئات المرات، بسبب طبيعة عملنا الإعلامي المشترك، كما أنني شرفت بأنني كنت عضواً في لجنة تحكيم جائزة الشارقة للاتصال الحكومي التي كان يرأسها، إلا أن هذه المكالمة مختلفة، فهي الأخيرة، وهي مكالمة شكر وتقدير أجعلها وساماً على صدري من أستاذ يشهد له القاصي والداني بمكانته، وحكمته، وإدارته وخبرته الإعلامية.

لو عاد بي الزمن إلى الوراء، لما سمحت لهذه المكالمة أن تكون بهذا القدر من المدة القصيرة، ولاستثمرت هذا الاتصال، لأنهل من الراحل المزيد من المعارف والخبرة الطويلة التي قضى فيها سنيّ عمره، ولكن هكذا هي حال الإنسان، يعلم أمراً وتغيب عنه أمور أكثر.

رحمك الله يا شيخ الإعلاميين وحكيمهم، ستبقى آثارك باقية، وكلماتك مشعلاً لكل العاملين في الإعلام الإماراتي؛ نم بسلام، فأنت عند رب رحيم، ولن تنساك دعوات أحبابك.

محمد حسن خلف المدير العام لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"