عادي

صعود عمالقة التقنية والشتاء القادم

20:50 مساء
قراءة 3 دقائق
1

تاي كيم *

للربع الثاني على التوالي، أظهر عمالقة التقنية قدرتهم التي لا مثيل لها على تحقيق أرباح مذهلة خلال جائحة عالمية. لكن على المستثمرين ألا يشعروا بالرضا كثيراً. فالمكاسب الكبيرة التي حققتها الصناعة في أسعار الأسهم هذا العام، جنباً إلى جنب مع التوقعات العالية المضمنة، تجعل الرهان على ربح قادم الأيام عرضة للخطر، خصوصاً في شتاء «كوفيد-19» المقبل.

وفي وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، أبلغت «أبل»، و«أمازون»، و«فيسبوك»، و«ألفابيت» الأم لشركة «جوجل»، إضافة إلى «تويتر»، عن نتائج مالية أفضل من المتوقع. كما هو الحال مع العديد من الشركات، فقد استفادت من انتعاش النشاط الاقتصادي بعد برامج التحفيز الحكومية والرفع العام لقيود الحجر المفروضة في جميع أنحاء العالم. ولكن على عكس العديد من الشركات الأخرى، كان عمالقة التكنولوجيا قادرين على جني الأموال حتى خلال أسوأ فترات الإغلاق السابقة بفضل نماذج أعمالهم المهيمنة، ومواقفهم في السوق.

واستمر الربع الأخير في هذا الاتجاه، حيث تفوقت شركة «أبل» على تقديرات «وول ستريت» بسبب المبيعات القوية لأجهزة «ماك»، و«آي باد»، كما ارتفعت أسهم «أمازون» على خلفية ازدهار مبيعات التجارة الإلكترونية والطلب على خدمات الحوسبة السحابية. وفي الوقت نفسه، تفوق اللاعبون الكبار في الإعلان الرقمي أمثال «فيسبوك»، و«جوجل»، و«تويتر»، بسهولة على تقديرات المبيعات، حيث بدأ المسوقون يفتحون ميزانياتهم الإعلانية وسط انتعاش البيئة الاقتصادية.

وبقدر ما كانت الأرباح جيدة بالمطلق، تخبطت الأمور في أجواء محاطة بعدم اليقين والترقب. لقد رأينا بالفعل موجة من إعلانات خفض الوظائف في الشركات مؤخراً، بما في ذلك «والت ديزني»، و«بوينج»، وشركة «إكسون موبيل». إذا سرحت المزيد من الشركات موظفيها، فقد يؤدي ذلك إلى إثارة مخاوف المستثمرين بشأن استدامة التعافي وتثبيط إنفاق المستهلك. فضلاً عن الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بفيروس كورونا حول العالم. حيث أعلنت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن إجراءات إغلاق جديدة، والتي قد تنذر بخطوات مماثلة في بلدان أخرى هذا الشتاء.

وتواجه جميع شركات التكنولوجيا مستويات متزايدة لم تحدث من قبل من التدقيق التنظيمي. وإلى جانب الخلفية الاقتصادية، تواجه كل شركة مجموعة مختلفة من المخاطر. ويراهن مستثمرو «أبل» على أن جهاز آيفون 12 الجديد المزود بتقنية «5 جي» سيحقق نجاحاً هائلاً، حيث تبلغ حصته المتداولة نحو 31 ضعف أرباح الأرباع الأربعة المقبلة، أي ضعف متوسطه التاريخي في السنوات الخمس تقريباً. ولكن، وكما كتبت في وقت سابق من هذا الشهر، قد لا تكون طلبات الهواتف الذكية الجديدة على قدر التوقعات، خصوصاً عندما يدرك المستهلكون الحالة الباهتة للشبكات اللاسلكية عالية السرعة.

وقد يشعر «فيسبوك» و«جوجل»، بالضيق إذا خفض المسوقون إنفاقهم على الإعلانات في حال أدت القيود الإضافية المتعلقة ب«كوفيد-19» إلى تدهور البيئة الاقتصادية. أما بالنسبة إلى «تويتر»، فهو متخلف عن الابتكار، ويحتاج إلى التحرك بشكل أسرع للحاق بتقنيات النظام الأساسي للإعلانات المنافسة. ويبقى «أمازون» الاستثناء الوحيد الذي يغرد خارج السرب، والذي يتمتع بمسار واضح جداً لتحقيق المزيد من المكاسب. إذ لا يزال المستهلكون يميلون إلى الإنفاق عبر الإنترنت بشكل متزايد مع إغلاق المزيد من المتاجر الفعلية. كما يستمر الطلب المتزايد على خدمات الإنترنت الرقمية، مثل برامج العمل عن بعد، وتدفق الفيديو في دعم خدمات «أمازون ويب».

وفي حين أن قطاع التكنولوجيا كان مرناً، ويعد ملاذاً آمناً للاختباء بالنسبة للمستثمرين خلال أسوأ فترات أزمة «كوفيد-19»، إلا أن التقييمات الآن لا تترك مجالاً للخطأ. وفي الواقع، وباستثناء «ألفابيت»، تراجعت بقية أسهم المجموعة بشكل ملحوظ بعد ساعات التداول، وصدور تقارير النتائج، في إشارة إلى مقدار ما يتوقعه المستثمرون من هذه الشركات. ومجرد التغلب على التوقعات لا يكفي. وماذا لو ساء الوضع الاقتصادي؟ وأجّل المستهلكون عمليات الشراء، وخفضوا إنفاقهم لقضاء العطلات؟ عندها لن تكون حتى شركات التكنولوجيا الكبيرة محصّنة.

* «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"