سماء حرة للكتاب

23:54 مساء
قراءة دقيقتين

في سماء حرة عاشت الشارقة حلماً صنعته بمخيلتها، وحققته على أرض الواقع في ظروف صعبة يراها الناس هجمة غير منتظرة على الإنسان وحريته، فزمن جائحة «كورونا» أوقف شريان الحياة في كل بلدان العالم، لكنه لم يوقف الزمن في الحياة الثقافية العربية، ولم يقطع على القصيدة الطريق، فالشعر طائر يغرد في كل الأزمنة، ويعرف الأشجار الخضراء التي تستقبله بحفاوة، والأدب أيضاً بكل أنماطه هو نهر يجري في كل مكان، وقد شقت الشارقة مجراه، وهنا نحن نعيش تجربة توقف أمامها الزمن حين أقامت الشارقة معرضها الدولي في موعده رغم موجة «كوفيد 19» التي شغلت القلوب والأفئدة.
في هذه الأجواء البديعة توافد محبو الكتاب من كل مكان على معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتجولوا بين أجنحته بالحرارة ذاتها المعهودة في كل الدورات السابقة، فكأن الكتب التي تتصدر واجهات دور النشر درر تخطف الأبصار والقلوب في مشهد يدعو للتفاؤل.
لقد أعطت الشارقة مثلاً سيظل نبراساً يضيء في كل زمان، فأول ما يلفت النظر أن التنظيم المبدع كان له دور في أن يظهر المعرض بأجنحته مثل الماسة الكبيرة المشعة، فالحياة جرت بين زواياه بشكل طبيعي، ووجدنا القارئ المبدع يسير بشوق بين الممرات، وهو يبحث عن عطايا الثقافة وجواهر الأدب ودرر الشعر، وما كل ما يحيط بهذا السوق الأدبي من ثقافات عربية وعالمية وموسوعات ضخمة إلا تحفيز للجمهور لكي يتفاعل بشكل خلاق.
الشارقة بكل طاقتها الشعرية، وفضائها الواسع منحت للكتاب العربي والعالمي والثقافات الإنسانية مجالاً مفتوحاً في ظل ظرفٍ استثنائي، وعلى الرغم من سطوة هذه الجائحة، أشرقت أنوار ساطعة في كل أرجاء الشارقة، وسعد أهل المعرفة، وأهل العلم، ومن على شاكلتهم من المحبين والعارفين بالكتاب بهذا المعرض الذي يحظى بمكانة مرموقة بين المعارض العالمية، وهو ما يجعلنا نشعر أن الحياة بخير، وأن الثقافة بخير، وأن البلدان العربية تشع بالكنوز الفكرية، وتحافظ في الوقت نفسه على النفائس، والسمعة الطيبة أيضاً، خصوصاً أن «الشارقة للكتاب» يمتلك مكانة مرموقة وسط المعارض العالمية، وأن إقامته في موعده المحدد، ونجاحه بهذا الشكل، هو دليل على أن الشارقة ستظل ترفع راية الثقافة خفاقة في كل زمان ومكان، وهو ما يجعلنا نتوجه بالشكر إلى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي إليه يرجع هذا الفضل، وإليه يرجع هذا النجاح، فكل الناس تعرف مكانة المعرض عند سموّه، وها نحن جميعاً نحصد جائزة كبرى تتمثل في حفاوة عشاق الأدب بالشارقة وأعراسها الثقافية التي تبشر بأن الحياة ستعود على كل المستويات إلى عهدها المشرق الجميل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"