نهاية حرب

23:46 مساء
قراءة دقيقتين

 

نصف هزيمة ونصف انتصار.. ربما تكون هذه العبارة هي الأقرب لما آلت اليه الأمور في حرب إقليم ناجورنو كاراباخ بعد الإعلان عن التوصل الى اتفاق بين أذربيجان وأرمينيا برعاية روسية لإنهاء الحرب الأخيرة التي اندلعت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
 يأتي الاتفاق، الذي وقع عليه كل من رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومدته خمس سنوات قابلة للتجديد تلقائياً خمس سنوات أخرى ما لم يطلب أحد الطرفين وقف تطبيقه، بعد نحو 24 ساعة من سقوط مدينة شوشة الاستراتيجية، وانهيار الدفاعات الأرمينية في كاراباخ، ما مهّد الطريق أمام أذربيجان للسيطرة على ستيباناكيرت عاصمة الإقليم التي أصبحت بحكم الساقطة عسكرياً. إذ لطالما شكلت مدينة شوشة، عدا عن أهميتها الرمزية والثقافية بالنسبة لأذربيجان، نقطة تحول في مسار الحرب، نظراً لموقعها الاستراتيجي لأن من يسيطر عليها يستطيع التحكم بالنار في طرق الإمداد بين كاراباخ وأرمينيا. 
 هكذا شكلت سيطرة الأرمن عليها قبل نحو ثلاثين عاماً في تسعينات القرن الماضي مفتاح سيطرتها على ناجورنو كاراباخ، وهكذا شكلت مفتاح عودة أذربيجان للسيطرة على الإقليم قبل إعلان الاتفاق الذي جاء ليمنع استكمال هزيمة نهائية لأرمينيا ونصراً كاملاً لأذربيجان. من هنا ندرك إصرار باكو على عدم إدخال شوشة في الاتفاق باعتبارها عادت إلى أذربيجان، وبالفعل فالاتفاق تضمن في بنوده الرئيسية تثبيت قوات الطرفين عند مواقعهما الحالية، علاوة على إعادة منطقة كيلبجار إلى أذربيجان بحلول 15 نوفمبر الحالي ومنطقة قازاح إلى أذربيجان قبل 20 نوفمبر ومنطقة لاتشين بحلول الأول من ديسمبر، مع الاحتفاظ بممر في لاتشين (بعرض 5 كيلومترات)، ما يكفل اتصال ناجورنو كاراباخ بأرمينيا، إلى جانب نشر قوات روسية لحفظ السلام على خطوط التماس قوامها 1961 عسكرياً ونحو 90 ناقلة جند مدرعة و380 سيارة ومعدات خاصة بالتوازي مع انسحاب القوات الأرمينية من الإقليم، وإنشاء نقاط مراقبة ربما تشارك فيها لاحقاً تركيا كما ألمح بذلك علييف، للإشراف خصوصاً على طرق النقل بين المناطق الغربية لأذربيجان وجمهورية ناخيتشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي، كما يتضمن الاتفاق عودة النازحين واللاجئين إلى الإقليم، وتبادل الأسرى والجثث من ضحايا الحرب.
 في ميزان الربح والخسارة، يوضح الاتفاق أن أذربيجان انتصرت في الحرب بدعم تركي، وحققت أهدافها المعلنة، وإن لم تكن كاملة، لكنها لم تصل إلى حد استسلام أرمينيا، كما أعلن علييف، لكنه بالمقابل، حال دون هزيمة كاملة لأرمينيا وفجّر غضباً شعبياً عارماً، حيث جرى اقتحام مقر الحكومة والاعتداء على رئيس البرلمان، ومع هذا فإن ذلك جاء نتاجاً للواقع الميداني، أو كما يقول باشينيان بأن القرار اتخذ نتيجة تحليل معمق للوضع العسكري وتقييم من قبل الأشخاص الذين يعرفون ذلك بشكل أفضل، وهو قرار «مؤلم بشكل لا يوصف لي شخصياً ولشعبنا»، غير أنه في النهاية «ليس انتصاراً، لكنه ليس هزيمة، طالما أننا لم نعترف بأننا خاسرون، ولن نعترف أبداً بأننا خاسرون».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"