تقمّص دور الضحية

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين


 

يلجأ العديد من الأشخاص إلى لعب دور الضحية في حياتهم، فما تلبث أن تجلس مع أحدهم حتى تشعر بتلك الطاقة السلبية تحيط بك من كل حدب، وصوب، من كثرة ما هو متذمر لا حديث له سوى عن الغدر، والكذب، والحياة غير العادلة. غايته من كل ذلك أن يحظى باهتمام الناس، ويجذب انتباههم إليه، ويحصل على تعاطفهم معه.
لا يدرك أمثال هؤلاء الأشخاص أن الآخرين سرعان ما سيملّونهم، ويتوقفون عن دعمهم، فجميعنا لدينا ما يكفي من المشكلات، والمنغصات اليومية، ويزيد. وصحيح أننا قادرون على التعاطف مع ما يمر به الآخرون من مواقف، وأحداث محزنة، لكننا في النهاية بشر لنا طاقة محدودة، فسرعان ما نتعب ونحتاج إلى الراحة والابتعاد عن جو الحياة، ومشاغلها، وهمومها.
إن كنت ممن يتقمصون دور الضحية على الدوام، حيث تشعر باستمرار بأنك مظلوم من العائلة، والأصدقاء، والمجتمع، وضمن العمل، فتأكد أنك على خطأ، لأنه مهما ظلمنا المحيط الخارجي فلا بد أن يكون لنا دور في ذلك، بمعنى أن الواقع ليس مجرد أمر مفروض عليك، بل لك يد فيه.
وقد قيل على لسان الحكماء أكثر من مرة: «حياتك انعكاس لأفكارك ومشاعرك»، أي أن الأفكار التي تستدعيها وتدعمها باستمرار، والمشاعر التي تعزّزها وتغذيها كل يوم، تنعكس على حياتك فتصبح واقعاً تعيشه.
هذا يعني أنك بتقمصك الدائم لدور الضحية تصبح الضحية بالفعل، ويغدو كل شيء حولك أداة تُوغل فيك ظلماً؛ الأشخاص، والأحداث، وحتى الكوارث الطبيعية والحياة بأسرها، تبدو كأنها اجتمعت ضدك.
كما أن لعب دور الضحية يشلّ حركتك، ويثبط عزيمتك، فكيف للضحية أن تحيا في عالم كل شيء فيه يستبد بها، ويريد لها أن تظل حبيسة القهر والظلم؟ والغريب أنك ترى البعض يفضلون تقمص هذا الدور السلبي طيلة حياتهم حتى يشعروا بالأمان، ويتجنبوا المخاطرة، والمسؤوليات.
لكن الحقيقة أن من يلعب دور الضحية يتجنب الحياة نفسها، بل ويخاطر بحياته في كثير من الأحيان، لأن جلوسك من دون فعل شيء واستسلامك للأمر الواقع يجعل حياتك أكثر صعوبة، ويجلب لك الأحداث والأشخاص الذين يزيدون من معاناتك.
ولا شك في أن الظلم موجود في هذه الحياة، لكنه في بعض الأحيان يكون نتاج تقهقرنا، وعدم إيماننا بأنفسنا، وانكسار إرادتنا وسط المعركة. نعم، فالحياة معركة إما تكون فيها قائداً، أو ضحية، منتصراً، أو مغلوباً. والقوي الجريء هو من يختار أن يكون الرابح لا المهزوم.
فتوقف عن لعب دور الضحية، واعلم أنك المسؤول الوحيد عن حياتك، وأن بإمكانك تغييرها إلى الأفضل، طالما أنك تعترف بأخطائك، وتعمل على تحسين نقاط قوتك، وتستفيد من تجاربك السابقة، وتؤمن بأنك محارب لا ضحية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"