عادي

الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون

16:19 مساء
قراءة دقيقتين
الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون

القاهرة :«الخليج»
لدى الإنسان في كل زمان ومكان دافع فضولي لمعرفة ما سيحدث في المستقبل، وموضوع هذا الكتاب لبول دافيز «الدقائق الثلاث الأخيرة» يناقش جميع الفروض العلمية التي وضعها أصحاب النظريات الفلكية، فهناك نظرية الانفجار العظيم، التي تقول إن الكون نشأ من خلال انفجار عظيم، قبل عشرة، أو عشرين مليار سنة، قد شغلت اهتمام الناس لفترة طويلة، وقبلها كانت النظرية المنافسة، وهي نظرية حالة الاستقرار التي تقول باستمرارية نشوء المادة الجديدة لملء الفضاء الناتج عن تمدد الكون، والتي تعطي انطباعاً بأن الكون ليست له بداية، ولا نهاية، إلى أن كان اكتشاف الإشعاع الحراري للخلفية الكونية.
وكما يقول المؤلف، فإن قصة الدقائق الثلاث الأخيرة هي قصة مستقبل الكون، وهي أفضل بناء على توقعات علماء الفيزياء والكون، ويوضح المؤلف: «عندما كنت طالباً في بداية الستينات، كان الاهتمام شديداً بمشكلة أصل الكون، فنظرية الانفجار العظيم التي يرجع تاريخها إلى عقد العشرينات، في حين أنه لم يتم تناولها بشكل جاد إلا منذ فترة الخمسينات، كانت نظرية معروفة تماماً، لكنها بعيدة عن الإقناع، بينما كانت النظرية المنافسة، نظرية حالة الاستقرار، التي قالت بأزلية الكون، لا تزال السيناريو الأكثر قبولاً، إلى أن كان اكتشاف الإشعاع الحراري للخلفية الكونية في عام 1965 ليمثل دلالة واضحة ومؤكدة على كون نشأ عن انفجار عنيف، وفجائي.
وعكف علماء الكون على دراسة مضامين هذا الاكتشاف بشكل محموم، كم كانت درجة حرارة الكون بعد مليون سنة من الانفجار العظيم؟ بعد سنة واحدة؟ بعد ثانية واحدة؟ ما نوع العمليات الفيزيائية التي حدثت في جحيم البداية؟ ويتذكر المؤلف محاضرة حضرها سنة 1967 عن علم الكون، حين أنهى الأستاذ محاضرته بمراجعة نظرية الانفجار العظيم في ضوء اكتشاف الخلفية الحرارية قائلا: «أولى بعض المنظرين اهتماماً بالتركيب الكيميائي للكون، مبنيا على العمليات النووية التي حدثت أثناء الدقائق الثلاث الأولى بعد الانفجار العظيم»، لقد بدت محاولة وصف حالة الكون بعد لحظات من ظهوره للوجد طموحا يستحق.
لكن سرعة التقدم العلمي أدت إلى أن تكون الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون موضوعاً رئيسياً في مقررات الطلاب، ولم يمض على اكتشاف الإشعاع الحراري للخلفية الكونية سوى عقد من الزمان، حتى نشر الفيزيائي «ستيفن وينبرج» كتاباً رائجاً: «الدقائق الثلاث الأولى» ثبت أنه علامة مضيئة في النشر العلمي الشعبي، وبينما كان الجمهور يلاحق هذه التطورات العنيفة كان العلماء أنفسهم ماضين على الطريق، وبعد مضي عقد آخر أصبح في مقدور الفيزيائي الرياضي «ستيفن هوكينج» أن يصف في «موجز تاريخ الزمن» الأفكار الأخيرة عن التريليون الأول من تريليون من الثانية.
ويشير المؤلف إلى أن قصة الدقائق الثلاث الأخيرة هي قصة مستقبل الكون، بأحسن ما يمكن توقعه، بنيت على الفكر الحديث لبعض الفيزيائيين المعروفين، فهي ليست أضغاث أحلام، أو شطحات خيال، فالسيناريو الأساسي لكون نشأ من انفجار عظيم، ثم يتمدد ويبرد نحو حالة نهائية من التفسخ الفيزيائي، أو ربما الانهيار، بشكل كارثة، قد تم بلورته تماماً، بشكل علمي، ومع ذلك فالأشياء الأبعد عن اليقين هي العمليات الفيزيائية التي قد تسود على مقاييس زمنية هائلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"