عادي

قراءة في قانون الإفلاس (1-2)

22:53 مساء
قراءة 7 دقائق
1
  • عصام التميمي

أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قانون الإفلاس في عام 2016 بهدف حماية حقوق كل الأطراف خصوصاً الدائنين والمدينين، لأن نصوصه القانونية تمكن المدينين من الوفاء بالتزاماتهم على مدى زمني أطول، ويمكن هؤلاء من الاستمرار في أعمالهم وعدم اضطرارهم إلى الخروج من الدولة نتيجة لتعثر أعمالهم.
وبدخول قانون الإفلاس الجديد رقم (9) لسنة 2016 حيز التنفيذ في الدولة، أصبح يشكل طوق النجاة في الكثير من الأعمال التي تواجه تحديات مالية صعبة، كما وفر هذا القانون حماية أكبر لأصحاب الأعمال والمستثمرين بدولة الإمارات العربية، لأنه يحد من تلاعب الشركات الموجودة في السوق من دون غطاء مالي.

الصورة
الكاتب

عصام التميمي - رئيس مجموعة التميمي وشركاه للمحاماه والاستشارات القانونية 


تلك الغاية التي هدفت لها الدولة من وراء إصدار هذا القانون هي التي دعت بنا إلى تقديم بعض الإيضاحات والاستفسارات التي تهم أصحاب الأعمال والمستثمرين بشكل عام.
ينظم قانون الإفلاس أحكام وإجراءات إفلاس الشركات بالإمارات العربية المتحدة. تسري أحكام هذا القانون على: 
 1- الشركات الخاضعة لأحكام قانون الشركات التجارية الاتحادي رقم 2 لسنة 2015 
2- الشركات التي لم يتم تأسيسها وفقاً لقانون الشركات والمملوكة كلياً أو جزئياً للحكومة الاتحادية أو المحلية والتي تنص تشريعات إنشائها أو عقودها التأسيسية أو أنظمتها الأساسية على إخضاعها لأحكام قانون الإفلاس.
 3- الشركات والمؤسسات في المناطق الحرة التي لا تخضع لأحكام خاصة تنظم إجراءات الإفلاس فيها.
 4- أي شخص يتمتع بصفة التاجر وفق أحكام القانون.
 5- الشركات المدنية المرخصة ذات الطابع المهني.
هناك ثلاثة خيارات نظمها قانون الإفلاس وأعطى الدائن والمدين الخيارات للالتجاء إليها في حالة تعثر التجارة أو تعسر التاجر أو الشركة من أداء الالتزامات المترتبة عليها وأعطى الحق للدائن أو المدين بحسب الحال الاستفادة من أحكام هذا القانون واختيار أي من الخيارات المدرجة وفقاً للقانون وسوف نبحثها على النحو التالي:
الخيار الأول: الصلح الواقي من الإفلاس
أحكام وإجراءات الصلح الواقي من الإفلاس (وهو أحد السبل المتاحة للشركات (المدينة) التي تمر بضوائق مالية ولم تصل إلى حد الإفلاس والتي تهدف إلى مساعدة المدين للوصول إلى تسويات مع دائنيه بمقتضى خطة صلح واق من الإفلاس تحت إشراف المحكمة وبمساعدة أمين صلح يعين وفقاً لأحكام القانون ومن ثم فإن الصلح الواقي من الإفلاس ليس هو إفلاساً بحد ذاته، بل هو التماس يقدم من المدين دون غيره للمحكمة بطلب الصلح الواقي من الإفلاس إذا كان المدين يواجه صعوبات مالية تستدعي مساعدته للوصول إلى تسويات مع دائنيه.
ويشترط في الصلح الواقي أن يقدم قبل الشروع في افتتاح إجراءات الإفلاس وألا يكون يوماً المدين قد أخفق في سداد التزاماته المالية خلال فترة 30 يوماً متتالية قبل تقديم طلب الصلح الواقي.
وفي حالة ما إذا قضت المحكمة بقبول طلب الصلح الواقي من الإفلاس فإنها تعين أميناً تكون مهمته إعانة المدين على إدارة أمواله وقد يكون الأمين شخصاً اعتبارياً أو طبيعياً تعينه المحكمة والذي يتم من خلاله التعرف الى أعمال المدين، وجرد أموال المدين أو التحفظ على بعض الأموال عن طريق المحكمة، جرد حقوق المستحقين بما في ذلك الرواتب والمعاشات وتزويد المحكمة بتقرير كامل عن الموقف المالي وأعمال التاجر أو الشركة موضوع طلب الصلح الواقي مع سجل بكافة الديون والالتزامات بما في ذلك أصحاب الديون المضمونة برهن أو امتياز. فضلاً عن أن قانون الإفلاس أورد في موضع آخر اختصاصات والتزامات ومسؤوليات الأمين ومنحه صلاحيات واسعة بناء على إشراف المحكمة للاستعلام عن أي معلومات أو بيانات أو طلب مستندات في حوزة الغير، وإلزام أي جهة بمعاونته. كما له، بناء على طلب المحكمة، الحصول على تمويل جديد لإدارة أعمال الشركة. كما نص القانون على إمكانية تعيين مراقبين تعينهم المحكمة من بين الدائنين للإشراف على تنفيذ إجراءات الصلح الواقي لمساعدة الأمين ولحفاظ حقوق الدائنين.
الآثار القانونية المترتبة على الصلح الواقي:
يؤدي الصلح الواقي إلى إشراف الأمين على جميع أعمال التاجر أو المؤسسة التجارية ويكون له وحده بالتعاون مع المحكمة. ويحظر على المدين اعتباراً من تاريخ افتتاح الإجراءات، بأن يسدد أي مطالبات أو التصرف بأي أموال أو اقتراض أي مبالغ أو التصرف بحصص أو أسهم من دون موافقة المحكمة وبإشراف من الأمين.
كما وأنه، وهو الأمر الهام، افتتاح إجراءات الصلح الواقي وقف الدعاوى والإجراءات القضائية وإجراءات التنفيذ القضائي على أموال المدين وذلك منذ تاريخ افتتاح إجراءات الصلح الواقي إلى نهايته، ويستثنى من ذلك أصحاب الضمانات والديون الممتازة الذين بإمكانهم أخذ الإذن من المحكمة بالتنفيذ على حقوقهم إلا أنه خلافاً للإفلاس ، لا يترتب على افتتاح اجراءات الصلح الواقي حلول آجال الديون على المدين أو وقف سريان فوائدها.
يقوم الأمين خلال خمسة أيام من تاريخ تبليغه بقرار تعيينه، بنشر خبر افتتاح إجراءات الصلح الواقي بالصحف ودعوة جميع الدائنين للتقدم بديونهم ويقوم الأمين بوضع مقترحاته للمحكمة بكيفية السداد إذا كان ذلك ممكناً. وقد نص القانون على نشر هذه البيانات في صحيفتين يوميتين محليتين. وأعطى القانون الحق للدائنين بالاعتراض على القائمة المنشورة لضمان ديونهم وحقوقهم والتظلم من القائمة لدى المحكمة.

عقارات


ويكون موضع الاشتراك في الصلح الواقي فقط الدائنين الذين تقدموا بديونهم خلال المواعيد المقررة وهؤلاء الذين قبلت ديونهم من المحكمة؛ ولا يشترك في إجراءات الصلح الواقي الدائنون الذين لم تقبل ديونهم نهائياً.
خطة الصلح الواقي من الإفلاس تحت إشراف المحكمة
يعمل المدين مع أمين الصلح الواقي بإعداد مشروع خطة الصلح الواقي وتقديمه للمحكمة وذلك خلال 45 يوماً من تاريخ نشر قرار افتتاح إجراءات الصلح الواقي وللمحكمة الحق في تمديد هذه المهلة على ألا تزيد بحد أقصى على مدد إضافية قدرها 20 يوماً. وقد حدد القانون وجوب أن يتضمن مشروع وخطة الصلح ما يلي:
أ- مدى احتمالية عودة أعمال المدين إلى تحقيق الربح.
ب- نشاطات المدين التي يتعين وقفها أو إنهاءها.
ت- أحكام وشروط تسوية أية التزامات.
ث- أي ضمانات لحسن التنفيذ يكون مطلوباً تقديمها من المدين إن وجدت.
ج- أي عرض لشراء كامل أو جزء من أموال المدين ان وجدت من الغير.
ح- مهلة السماح وحسومات الدفع.
خ- إمكانية تحويل الدين إلى حصص في رأسمال أي مشروع بالنسبة للدائنين الذين يمكن أن يتملكوا حصصاً.
د- أي عرض لتوحيد أو إنشاء أو فك أو بيع أو استبدال أي ضمانات إذا كان ذلك ضرورياً لتنفيذ شروع الخطة.
ذ- مدة تنفيذ الخطة وذلك مع مراعاة المواعيد القانونية التي نص عليها القانون.
بحيث يجب ألا تزيد خطة الصلح الواقي المعروضة على المحكمة والمعدة من المدين والأمين على 3 سنوات من تاريخ مصادقة المحكمة على الخطة. وقد نص القانون كذلك على إمكانية تمديدها لمدة مماثلة بموافقة أغلبية الدائنين الذين يملكون ثلثي الديون التي لم يتم تسديدها وفقاً للخطة وأي تعديلات طرأت عليها.
وإذا اقتنعت المحكمة بالخطة يتم دعوة الدائنين من قبل الأمين من خلال الصحف وتعرض الإجراءات للتصويت عليها من قبل الدائنين التي قبلت ديونهم. ويتم بالتالي عرض الخطة على الدائنين ودراستها ومن ثم شرحها لهم. وإذا ما وافق أغلبية الدائنين الذين قبلت ديونهم، يتم اعتماد المشروع وإذا ما تمت الموافقة على الخطة يعرضها الأمين خلال 3 أيام على المحكمة للموافقة عليها.
وخطة الصلح الواقي ممكن أن ترفض من جهتين؛ إما من الدائنين لعدم الحصول على الأغلبية أو من المحكمة بسبب عدم توافق الخطة مع الإجراءات أو أن الخطة لم تحقق الضمان الكافي للدائنين بالنظر إلى مدى إمكانية تحقيق إجراء أفضل من إجراءات التصفية لهذه الشركة أو التاجر. وبإمكان المحكمة إذا ما رفضت الخطة أن تعيدها للتعديل أو أن تحكم ببدء إجراءات الإفلاس وفقاً لأحكام هذا المرسوم. أما إذا لم يتم الموافقة من المحكمة على الصلح الواقي، أو إذا تعذر تنفيذ الصلح الواقي خلال إجراءاته وبعد افتتاحه والموافقة عليه، تصدر المحكمة إنهاء إجراءات الصلح الواقي وإشهار إفلاس المدين وتصفية أمواله. وللمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ذوي المصلحة، تحويل إجراءات الصلح الواقي إلى إجراءات إشهار إفلاس المدين. وتبعاً لذلك يتم إنهاء تعيين أمين الصلح ما لم تقرر المحكمة تعيينه كأمين للتفليسة والمضي في إجراءات الإفلاس من نفس المحكمة.
ويتولى الأمين الإشراف على خطة الصلح الواقي طيلة مدة تنفيذها وإخطار المحكمة بتطورات هذه الخطة مع أي تعديلات مقترحة خلال التنفيذ للموافقة عليها من المحكمة، كل لما يحقق مصلحة الدائنين. كما أنه يتم نشر إنهاء الخطة إذا ما تم تنفيذها بالكامل في بت الصحف إقراراً تنفيذ خطة الصلح الواقي. 

الخيار الثاني: إعادة الهيكلة للمدين 

إعادة الهيكلة للمدين هي إجراءات لإعادة هيكلة ديون المدين ومساعدته في تطبيق خطة للخروج من مأزقه المالي ويتم ذلك من خلال طلب يتقدم به المدين إلى المحكمة المختصة بفتح إجراءات إعادة الهيكلة أو الإفلاس إذا ما توقف المدين عن سداد ديونه لمدة تزيد على 30 يوم عمل متتالية، وذلك بسبب اضطراب مركزه المالي. ويمكن أن يقدم الطلب من الدائن أو مجموعة من الدائنين بشرط ألا يقل دينهم عن 100000 درهم (مائة ألف درهم إماراتي). كما أعطى القانون الحق للدائن المرتهن بتقديم الطلب إذا انخفضت قيمة الضمانات المعطاة من المدين وأصبح الضمان لا يغطي الدين المضمون. كما أعطى القانون الحق للنيابة العامة ممثلة بالنائب العام، للمصلحة العامة، طلب افتتاح الإجراءات.

كيفية الفصل في طلب إعادة الهيكلة

قد تعين المحكمة خبيراً أو أكثر لإعانتها على تقييم الوضع ودراسة حالة المدين وأن يقدم الخبير تقريره بفترة زمنية قصيرة؛ ويشمل تقرير الخبير إما إمكانية الهيكلة أو تعذر الهيكلة وبالتالي رأيه فيما حل الإفلاس. وتفصل المحكمة في الطلب دون خصومة خلال خمسة أيام وإذا قبلت المحكمة الطلب تقرر بافتتاح الإجراءات وتقر إما الموافقة على للطلب المقدم ومن الجهة المقدمة إعادة هيكلة المدين والبت بأداء خطة إعادة الهيكلة وفقاً له. ويرفض الطلب إذا لم يكن مستوفي المستندات المطلوبة أو كان ناقصاً ويجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من له مصلحة التحفظ على أي أموال ووضع الأختام للحفاظ عليها إلى أن يتم الفصل في الطلب. وإذا ما قررت المحكمة قبول الطلب، تعين المحكمة أميناً من الخبراء المقيدين في جدول الخبراء أو من خارجه، ويجوز تعيين أكثر من أمين (على ألا يجاوز عددهم 3 أمناء في آن واحد) ويمكن أن يكون الأمين شخصاً اعتبارياً أو طبيعياً. ويمكن للأمين الاستعانة بالخبرة أو بالخبراء أو من يعينه على أداء مهمته.

قراءة في قانون الإفلاس (2 -2) https://shar.es/aoqk2e

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"