«عصا الشيخ زايد»

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

عُرفت العصا منذ غابر الأزمنة، كرمز للحزم والشدة والعراقة، وحملها كبار الوجهاء وأصحاب الأمر كرمز للوجاهة والهيبة، وضُـربت حولها الأمثال، لما لها من رفعة ومكانة عظيمة في التراث الإماراتي، باعتبارها عنواناً للعزة والإباء.
وكثيراً ما رأينا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، منذ كنا صغاراً، وهو يحمل عصاً في يده، تلك العصا التي رسمت وخطّت أبهى اللوحات التاريخية، وأعظم المشاهد الحضارية التي تُرجمت إلى مدارس ومعاهد وجامعات عالمية المستوى، وإلى مستشفيات متطورة، ودور رعاية، وخدمات إلكترونية، تضاهي ما تحوزه كبرى دول العالم أجمع، إلى جانب إقامة الطرق التي ربطت الإمارات السبع ببعضها بعضاً، وسهلت حركة المواصلات، ونقل البضائع، وصولاً إلى شبكة القطارات التي سنشهد لحظة تدشينها قريباً.
ولو أردنا أن نجمع إنجازات الشيخ زايد، رحمه الله، لما كفتنا عشرات الكتب لذكر غيض من فيض إسهاماته الجليلة وقراراته المحورية الرشيدة، فبفضله تمّ اتفاق الاتحاد الذي جمع الإمارات جميعها في عام 1971م، وأقرّ الدستور المؤقت الذي حدّد أهداف الدولة ورؤيتها المستقبلية، إلى جانب تأسيس مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز دور الدولة في مواجهة التحديات البيئية، وتسخير كل الموارد والإمكانات المتاحة لضمان حياة رغيدة لكل من يحيا في ربوع هذا البلد، فضلاً عن إيلاء القطاع الصحي اهتماماً بالغاً بقصد توفير الخدمات الصحية بأعلى جهوزية في جميع أرجاء الدولة، وغير ذلك من إنجازات لا تعدّ ولا تحصى.
كان المغفور له الشيخ زايد «هبة من الله»، يخطّ بعصاه البيضاء على الرمال التي أصبحت اليوم واحات خضراء آية في الجمال، ورسم بها الغد الذي نعيشه اليوم، وأعطى من خلالها التعليمات الحكيمة التي لعبت دوراً حاسماً في النهوض بحضارة الإمارات، وصنعت لها مكانة بارزة في فترة قياسية، لم تشهد أمة مثيلاً لها من قبل.
تلك العصا التي حملتها يده المباركة، كانت المشكاة صوب حاضر مشرق، نعيشه في كنف بلد عريق معطاء، يحتضن سائر البشر على اختلاف مشاربهم، وكان وما زال البيت والملجأ والأرض الخضراء التي يحيا فيها المواطنون والمقيمون على حدّ سواء، بسعادة وهناء، في ظل قيادة تحمل رسالة الأب المؤسس الشيخ زايد.
والآن، ونحن على مشارف الخمسين عاماً منذ قيام الدولة، نشهد في متحف الاتحاد، أبرز اللحظات في تاريخ الإمارات، حيث تُعرض أبرز المقتنيات الشخصية لـ«والد الأمة» المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وعلى رأسها تلك العصا البيضاء التي ستبقى عنواناً للسمو والرفعة، ورمزاً للحنكة السياسية والتوجيهات الحكيمة والعطاء اللامتناهي في سبيل سعادة الإنسان، رحم الله زايد الخير والإنسانية وأسكنه فسيح جناته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"