عادي

اقتصاد الإمارات يعبر عام التحديات بأداء مالي متين

23:18 مساء
قراءة 6 دقائق
1
1
1
دبي: «الخليج»

واجه الاقتصاد الوطني خلال 2020، كما الاقتصاد العالمي، عاصفة قوية، بسبب اعتماده على حركة التجارة والسياحة العالمية، إلا أن أساسيات الاقتصاد المتينة ومكوناته المتنوعة، ساهمت في تخفيف تأثير الوباء على الاقتصاد، واستطاعت الدولة وبفضل رؤية القيادة الحكيمة وتوجيهاتها، تذليل العقبات أمام جميع الشركات، وتقديم الدعم الكامل لها في مواجهة الوباء.
وخلال ديسمبر/كانون الأول 2020، منحت وكالة التصنيف الدولية «موديز» حكومة الإمارات تصنيف «Aa2» في الجدارة الائتمانية، وهو التصنيف السيادي الأعلى في المنطقة، مع نظرة مستقرة للاقتصاد الوطني، ويأتي ذلك بعد أقل من شهر من حصول الإمارات على تصنيف «AA-»، مع نظرة مستقبلية مستقرة من قبل وكالة «فيتش» العالمية.
وأشارت «موديز» في تقريرها حول الملف الائتماني السيادي لدولة الإمارات إلى أن نقاط القوة الائتمانية لدولة الإمارات، ترتبط بالقوة الائتمانية، وبارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن تمتع الدولة باستقرار داخلي، وعلاقات دولية قوية وواسعة.
وأشارت «الوكالة» إلى أن دولة الإمارات كانت قد أظهرت ممارسات مؤسسية فعالة وقوية من خلال قيادة الإصلاحات وتنويع قاعدة إيراداتها.

النظرة المستقبلية

وفيما يتعلق بالنظرة المستقبلية للاقتصاد الوطني، فقد أشارت الوكالة إلى أنها جاءت مدعومة بالتوقعات المستقرة للتصنيف السيادي، فضلاً عن إمكانات الاتجاه الصعودي على المدى المتوسط، تماشياً مع جهود التنويع المستمرة، إلى جانب تقيدها بالالتزامات الطارئة المرتبطة بالحكومة.
وحصلت دولة الإمارات على تصنيف ائتماني سيادي (-AA)، مع نظرة مستقبلية مستقرة، من قبل وكالة «فيتش» العالمية، في خطوة تعكس الجدارة الائتمانية لمؤسسات الحكومة الاتحادية، وقدرتها المتميزة على صياغة السياسات اللازمة لمواصلة النمو، مع الحفاظ على أعلى المعايير التي تضمن انضباط الأداء الائتماني للدولة، مدعومة بمجموعة كبيرة من عوامل القوة.
ويعكس حصول الإمارات على تصنيف ائتماني قوي، في هذا التوقيت المهم، قدرة الدولة الكبيرة على تجاوز التحديات الاقتصادية، ونجاح الحكومة في تطوير سياسات اقتصادية ومالية ونقدية مبتكرة، مكّنتها من تجاوز الأوضاع الراهنة التي فرضها انتشار جائحة «كورونا»، لاسيما أن التقرير اعتمد على 18 مؤشراً، تقيس المجالات الاقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية، علاوةً على تلك المخصصة لقياس أداء ميزان المدفوعات والتجارة الخارجية.

التصنيف الائتماني

وتعكس التقارير الدولية الائتمانية، التي صدرت عن كبرى الوكالات العالمية منذ بداية 2020، مناعة الاقتصاد الإماراتي، على الرغم من التحديات الجمة التي عصفت بالاقتصاد العالمي.
وتظهر القوة الائتمانية للاقتصاد الإماراتي جلية في العديد من المؤشرات، مثل نصيب الفرد المرتفع من الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض معدلات الدَّين العام، وكفاءة أدوات ووسائل إدارة المال العام والإنفاق الحكومي المتزن.
 وخلال الأعوام الماضية، تمكنت حكومة الإمارات من استغلال الميزات النسبية التي تحظى بها، والتي يأتي على رأسها الاحتياطات النفطية الكبيرة، والأصول السيادية العالية لبناء حائط سد منيع عزز من قدرة الاقتصاد، وزاد من قدرته على مواجهة الصعاب والتحديات، كما احتلت الدولة مكانة مميزة ضمن أفضل الاقتصادات الواعدة، في ظل رغبتها الأكيدة في تنويع المحفظة الاقتصادية، ورفدها بقطاعات ومجالات جديدة ومبتكرة، مثل الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة ومجالات الفضاء والمستقبل.

ارتفاع الناتج المحلي توقع المصرف المركزي أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لاقتصاد دولة الإمارات بنسبة 2.5% في العام 2021، مع نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 3.6%، على أن يبقى الناتج النفطي ثابتاً بعد تحديد معدل إنتاج منظمة «أوبك بلس».
وأشار المركزي في تقرير المراجعة الفصلية للربع الثالث إلى أنه من المتوقع أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي مدفوعاً بزيادة الإنفاق المالي وانتعاش سوقي الائتمان والتوظيف، والاستقرار النسبي في سوق العقارات، ويدعم الانتعاش الثقة بالاقتصاد واستضافة معرض إكسبو دبي.
وتوقع المركزي أن يبدأ التحسن الاقتصادي في القطاع غير النفطي في الربع الرابع من عام 2020، مع احتواء فيروس «كوفيد-19»، مع نمو محافظ الائتمان لدى البنوك وانتعاش سوق التوظيف. 
وتظهر البيانات عن أسواق السياحة والضيافة في أبوظبي انتعاشاً في معدلات الإشغال وإيرادات التشغيل في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أفضل أداء تم تسجيله منذ مارس/آذار 2020، مع توقعات بأن تستمر وتيرة التحسن هذه.

تخفيف الإغلاق واستئناف السفر

وخلال الربع الثالث من عام 2020، تعافى النشاط الاقتصادي في الإمارات جزئياً، بعد تخفيف قيود الإغلاق واستئناف رحلات السفر الدولية، وهذا الأمر عاد بمنافع كبيرة على دولة الإمارات، نظراً لمكانتها مركزاً إقليمياً للتجارة والنقل والسفر، كما انتعش قطاع الإنتاج الصناعي في الدولة مع عودة سلاسل التوريد إلى حالتها الطبيعية بعد الاضطرابات التي شهدتها في الربع الثاني. 
وبحسب التوقعات، سيسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي انكماشاً بنحو 5% في عام 2020، بعد انكماش 2.7% على أساس سنوي في الربع الأول من العام، ويقدر المصرف المركزي أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي في الربع الثالث سجل انكماشاً أكثر اعتدالاً، مع توقعه أداءً اقتصادياً أفضل في الربع الأخير من عام 2020، إذا ما تم احتواء «كوفيد-19».

تعزيز النظام المالي

واعتمد المصرف المركزي خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 100 مليار درهم في مسعى يهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني، وحماية المستهلكين والشركات، وذلك في إطار إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس «كوفيد - 19» وباءً عالمياً، وتتألف خطة الدعم المالي الموجّهة من اعتماد مالي يصل إلى 50 مليار درهم، خُصص من أموال المصرف المركزي لمنح قروض وسلف بتكلفة صفرية للبنوك العاملة بالدولة مغطاة بضمان، بالإضافة إلى 50 مليار درهم يتم تحريرها من رؤوس الأموال الوقائية الإضافية للبنوك.
ويهدف الغرض من الخطة إلى توفير إعفاء مؤقت من دفعات أصل الدين والفوائد على القروض القائمة لكافة شركات القطاع الخاص والعملاء الأفراد المتأثرين في الدولة، وسوف تستخدم البنوك المشاركة في هذه الخطة التمويل في منح إعفاء مؤقت لعملائها من شركات القطاع الخاص وعملائها الأفراد لمدة 6 أشهر.
 وأثبتت «خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجّهة» التي أطلقها المصرف المركزي، نجاحها في تعزيز قدرة النظام المالي على دعم الأفراد والشركات المتضرّرة من تداعيات جائحة «كوفيد-19».

حزمة اتحادية إضافية 

واعتمد مجلس الوزراء حزمة مبادرات في الحكومة الاتحادية لدعم استمرارية الأعمال، وتحفيزاً إضافياً للاقتصاد الوطني بقيمة 16 مليار درهم، لتكمل الحزم الاقتصادية التي تم الإعلان عنها من قبل.
وتضمنت القرارات الإضافية تعليق تحصيل رسوم تصاريح العمل لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، وتخفيض رسوم العمالة وتكلفة ممارسة الأعمال، ودعم الشركات الصغيرة وتسريع مشروعات البنية التحتية الكبرى لدى الحكومة الاتحادية.
 وتمثل هذه الخطوة دعماً اتحادياً إضافياً يتكامل مع حزم الدعم الاقتصادي لكل من إمارة أبوظبي ودبي والمصرف المركزي لدعم استمرارية الأعمال ومواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا «كوفيد-19»، ليصل إجمالي الدعم إلى 126.5 مليار درهم.

قانون الشركات

وأكدت وزارة الاقتصاد أن الإمارات تستهدف من التعديلات الجديدة على قانون الشركات، تحقيق زيادة في عدد الشركات العاملة في الدولة؛ لتصل إلى مليون شركة خلال العشر سنوات المقبلة، من 300 ألف شركة في الوقت الراهن، ويعتبر صدور مرسوم تعديل قانون الشركات التجارية الجديد، خطوة جديدة في تعزيز انفتاح مناخ الأعمال في الدولة، وقدرته على استقطاب استثمارات أجنبية في القطاعات الاقتصادية الجديدة، وتنويع القاعدة الاقتصادية وتنمية المدخول غير النفطي. 
وستسهم التعديلات في خلق فرص عمل جديدة، وتنمية حركة الأسواق، وتوطين التكنولوجيا وتطوير المهارات والكوادر البشرية، كما أن تعديل أنظمة ملكية وتأسيس الشركات في الدولة سيصب في زيادة ثقة المستثمرين الأجانب، وتوفير فرصة أكبر لإقامة شراكات حقيقية بين المستثمر الوطني والمستثمر الأجنبي. وقطعت الدولة أشواطاً واسعة في تنمية قطاع ريادة الأعمال الوطني؛ حيث تحتل اليوم المركز الخامس عالمياً في المؤشر العالمي لريادة الأعمال، وتسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة بأكثر من 53% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدولة.

4.76 تريليون درهم الأصول المجمّعة تقدّر البيانات إجمالي الأصول المجمعة للصناديق السيادية في دولة الإمارات، بما يصل إلى 4.76 تريليون درهم «1.3 تريليون دولار»، في حين تتمتع الدولة باحتياطات كبيرة من النفط والغاز. ويعكس تصنيف وكالة «فيتش»، الذي يأتي استكمالاً لتصنيفات أخرى صدرت من جهات عالمية مرموقة في بداية ومنتصف 2020، ثقة المؤسسات الدولية، لاسيما المعنية بالتصنيف الائتماني، بقوة الاقتصاد الإماراتي، وقدرته على تحقيق تعافٍ سريع وقوي من التداعيات التي صاحبت انتشار فيروس «كوفيد -19» في العالم، حيث أظهر الاقتصاد الوطني قوة ومرونة كبيرتين، جعلتا منه محل إشادة من العديد من المنظمات والمؤسسات الاقتصادية العالمية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"