عادي

تمكين المعلمين تكنولوجياً وإلكترونياً حاجة ملحة في ظل «كورونا»

23:27 مساء
قراءة 6 دقائق
1
1

تحقيق: إيمان سرور

ما من شكٍّ في أن التنمية المهنية تبقى الركيزة التي يتكئ عليها المعلم، والرافعة التي يستند إليها من خلال مواكبة كل جديد في ميدان التربية والتعليم، ونخصّ بالذكر الأجهزة التكنولوجية، التي باتت لغة العصر التي تحتم على كافة شرائح المجتمع الإبحار عبر مياهها، ومحاولة الظفر بلآلئها، خاصة أن المرحلة التي نعيشها ويعيشها العالم في خضم تفشي جائحة «كورونا»، قد أفرزت وأظهرت حجم الحاجة الملحة لتنمية قدرات المعلم التقنية، جنباً إلى جنب مع تنمية قدراته الأكاديمية والتربوية.

وفي هذا السياق، أكد عدد من التربويين والمهتمين ل«الخليج» أهمية التدريب المهني للمعلم، والذي يجب أن يشمل الجانب التكنولوجي الحديث؛ لما لذلك من أهمية في تطوير معارفه، وتزويده بالطرق والأساليب الفنية التي تتصل بتلك الأجهزة التي تعينه على سهولة التواصل مع المنظومة الإدارية في المدرسة أو المؤسسة التي يعمل بها، وكذا أداء واجباته الوظيفية المتنوعة داخل الفصل وخارجه، إضافة إلى سرعة وسهولة التواصل مع طلابه. 

جسور العلم

عن أهمية الدورات التدريبية التي منحتها وزارة التربية والتعليم للمعلمين، في إطار التدريب المهني؛ ليكونوا قادرين على استخدام التكنولوجيا، أثناء إعطاء الدروس عن بعد لطلابهم، تقول خولة الحوسني، مديرة إدارة التدريب والتنمية المهنية، إن الوزارة مدّت الهيئات التدريسية بجسور العلم الرقمي والتطور التكنولوجي الحديث، الذي أسهم في جعل المعلمين في الدولة نموذجاً مضيئاً للمعلم الرقمي، كما أسهمت في تطوير نمط التدريس، وتمكين المعلم من مهارات خاصة بإدارة وتنفيذ الحصص والدروس عن بعد، وتغيير مفهوم التعليم، ومزجه بالأدوات الحديثة، مشيرة إلى أن معلمي دولة الإمارات أثبتوا امتلاكهم بنسبة عالية المهارات والثقة للتغير الإيجابي في التعليم لأجل المستقبل.

وتؤكد الحوسني، أنه مع توجه الدولة إلى نظامي «التعليم عن بعد» و«التعليم الهجين» للوقاية من فيروس «كورونا» المستجد، وفي ظل الثورة التكنولوجية الهائلة وتطور مؤسساتنا التعليمية كحاضنات للتقنيات، فُرِض علينا إعادة تشكيل إمكانيات ومهارات المعلم، وإعداده ليصبح معلماً رقمياً يمتلك الموهبة والقدرة المعرفية والتكنولوجية.

ملامح الغد

وحول الاهتمام بتدريب المعلم، يقول الدكتور صالح الجرمي، خبير تربوي، إن المعلم هو من يرسم ملامح الغد، ويصنع المستقبل المشرق، من خلال بناء أجيال واعدة، تمضي على خطى التميز، وترفع اسم الدولة عالياً، مشيراً إلى أن الاهتمام بتدريبه وتطوير مهاراته التقنية ينعكس على تجويد أدائه، ويسهّل عليه التواصل مع طلابه وتطوير عمليات طرح المادة، سواء كانت قوالب أم شروحات أم تدريبات، يستطيع المعلم من خلالها طرح رؤيته وتوضيح ماهية المادة المعطاة للطلاب عن بعد بطريقة سلسة، والتي بدورها تفرز العديد من الإيجابيات التي تتصل بحسن إدارة الوقت، وتيسير تناول المادة وتوضيحها للطالب، إضافة إلى اكتساب الطالب الثقة بنفسه وتعلمه من معلمه. 

تنمية قدرات

ويضيف الجرمي: إن جائحة «كورونا» أفرزت حجم الحاجة الملحة التي تحتم على المنظومة التربوية ضرورة الالتفات إليها، وهي العمل على تنمية قدرات المعلم التقنية جنباً إلى جنب مع تنمية قدراته الأكاديمية والتربوية؛ إذ ظهرت وبصورة جلية الأهمية القصوى لتمكن المعلم من إجادته التعامل مع التكنولوجيا، المتمثلة في العمليات الحاسوبية في تلك المرحلة، وعلى مدار الأشهر التي واكبها العالم، وأخص بالذكر الحقل التعليمي والتربوي الذي يتولى عملية إدارة التعليم والتعلم ما بين المعلم وتلميذه، وخاصة في ظل التواصل عن بعد.

إعداد وتدريب

تقول عفاف راضي غانم، خبيرة الجودة التربوية: «لا يختلف اثنان على أن العملية التربوية والتعليمية مرتبطة بالمعلم كشخص يفترض أن يكون قد مرّ بمراحل التكوين والتحصيل العلمي النافع أولاً وقبل كل شيء، وأن يكون قد مرّ بمراحل الإعداد والتدريب المتقنة ليصبح معلماً مسؤولاً ذا مهارات عالية، وقدرات مهنية فائقة تبوّئه مقعداً وقَدَمَاً داخل المؤسسة التعليمية التي ينتمي إليها، غير أن مصطلح التدريب قد اتسعت آفاقه وأصبح علماً في حد ذاته له أصول ونظريات ومشارب متعددة ومتشعبة».

وتضيف راضي، أن المعلم في زمن «كورونا» أصبح مجبراً على تطوير أدواته ووسائله، وتوظيف التقنية في التعليم، بعد أن كان ذلك في السابق خياراً متاحاً؛ حيث بات واقعاً إلزامياً على الجميع، ولم يعد المعلم مكتفياً بإجادته لمادة تخصصه وطرائق تدريسها، بل صار لزاماً عليه معرفة الكثير من التطبيقات والبرامج والمواقع التي تمكنه من تقديم مادته بشكل سلس ومريح، لافتة إلى أن هذه التجربة دفعت بالهيئات التدريسية والقيادات التربوية في المدارس، وكذلك الهيئات الفنية إلى تنمية ذاتهم، والعمل على تطويرها من خلال ورش العمل والدورات التي تقدمها الوزارة والكثير من الجهات «مجّاناً».

تحديات أكبر

ويؤكد خالد السعيدي مدير ثانوية القدرة في أبوظبي، على الدور المحوري الذي يلعبه المعلم في منظومة التعليم الهجين، باعتباره محور العملية التعليمية وأساسها، ما يحتم عليه أن يكون ذا كفاءة ومرونة عالية من أجل النجاح في إدارة العملية التعليمية، مشيراً إلى أن دور المعلم في ظل الجائحة لم يتغير كثيراً عن دوره السابق، لكن التحديات باتت أكبر، وعليه أن يكون ذا كفاءة عالية للتغلب عليها، والتمكن من تعليم طلابه، وإيصال المحتوى التعليمي إليهم بكل يسر وسهولة؛ لذا فإن الدورات التدريبية المستمرة التي تنفذها الوزارة، لها أثر كبير على المعلمين؛ حتى يعودوا للمدارس واستئناف دراسة الفصل الدراسي الثاني، متسلحين بجميع أدوات التدريب اللازمة التي على أساسها يتم توظيف تلك الدورات في التعليم الهجين والافتراضي؛ لتمكين الطلاب في جميع المواد التخصصية، ومساعدتهم على فهم الدروس بشكل أفضل.

مهارات جديدة

التدريب المهني في مجال التكنولوجيا هو مطلب هذا العصر، يقول خالد بوهندي المنصوري، مستشار ومدرب التنمية البشرية، إن التدريب المهني يعني التطوير، التأهيل، ونقل المعرفة، وأن يأتي المعلم أو أي فرد بمهارات جديدة يستطيع أن يمارسها في حياته، ليجعل الحياة أكثر مرونة وسهولة وبأفق أوسع، مشيراً إلى أن التدريب المهني مطلب أساسي في عصر التكنولوجيا؛ حتى نستطيع أن نصنع جيلاً متسلحاً بأبرز الأدوات التعليمية التقنية الحديثة، لافتاً إلى أنه لابد من وجود معلم احترافي يستطيع التعلم والتأقلم، عبر مختلف البرامج والمنصات، وحتى يتسنّى لهذا المعلم أن يكون متسلحاً بهذه المهارات العالية والاحترافية لابد له من تدريب متزن يناقش أبرز المهارات التي يراد له اكتسابها.

ويتابع المنصوري، أن وجود مثل هذه التنمية المهنية وهذا التدريب المباشر، للمعلمين والقيادات التربوية، يؤكد حرص وزارة التربية والتعليم على إيجاد البيئة المناسبة والمهيئة لدمج التعليم وفق التعليم الهجين المدمج بين الواقعي وعن بعد، المتزامن وغير المتزامن؛ حتى نستطيع خلق جيل يستطيع أن يتعامل مع مختلف الظروف في كل زمان ومكان، مشيراً إلى أن المعلمين والقيادات التربوية والفنية في مدارسنا استطاعوا أن يحققوا قفزات نوعية في مجال التعليم عن بعد في ظل الجائحة، من خلال دورات التدريب المهني الماضية، والتي كانت رصيداً سابقاً لديهم، ساعدهم على التغلب على معظم التحديات، ولا يزال التدريب مستمراً؛ حتى نواكب كل ما هو جديد في العالم، ونستطيع أن نحلق عالياً وبعيداً مع أبنائنا الطلبة، مشيراً إلى أن كل ما يتوفر في العالم يتوفر أيضاً في دولة الإمارات مسبقاً، حتى نكون دائماً سباقين وأصحاب ريادة وتطلعات واستشراف للمستقبل.

تمكين

وتؤكد الدكتورة جيهان حسني عبدالغفار، معلمة، أن المعلم ينبغي له اليوم التأقلم مع النظام التعليمي الذي فرضه الوضع الراهن ومتطلبات المرحلة الحالية، وعليه أن يصمد في وجه التحديات التي تعترضه خلال تطبيق نظام التعليم عن بعد، ويجب عليه أن يطوّر من مهاراته وقدراته في استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، وبرامج وتقنيات التعلم الفعال؛ لكي يتمكن من قيادة العملية التعليمية في الصف الافتراضي، والسيطرة على طلابه والتحكم في الموقف التعليمي، مشيرة إلى أن انخراط المعلم في البرامج التدريبية الفعالة، له دور كبير في تذليل الصعوبات ورفع كفاءته على المستويين الأكاديمي والتقني.

أداة للتطوير

وتشيد الدكتورة رحاب الشافعي، معلمة في إحدى رياض الأطفال، بدورات التدريب المهني، التي تنظمها إدارة التدريب المهني بوزارة التربية والتعليم، والتي تستهدف معلمي ومعلمات المدارس الحكومية والخاصة والقيادات التربوية، مشيرة إلى أن التدريب المهني، يمكّن المعلمين من الخبرات والمعارف والمهارات التي تساعدهم على تبني ممارسات التعليم التي تتناسب مع بيئة تعليم مستقبلية مبتكرة، وذلك من خلال توفير الفرصة لاكتساب مهارات التعلم، والمهارات المتقدمة لإعداد طالب المستقبل، وتطوير كفايات قيادات المدارس؛ لدعم عملية التعليم والتعلم في بيئات التعلم المختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"