عادي

تجاوزات الطلبة السلوكية «إساءة» تهين قداسة العلم

00:31 صباحا
قراءة 5 دقائق
Video Url
1

تحقيق: محمد إبراهيم

التربية والتعليم، ركيزتا إعداد الأبناء، فإذا أردنا أن نعلمهم، فعلينا أن نربيهم أولاً، هكذا ينبغي أن تكون معادلة بناء الأجيال، فمع وجود فيروس «كورونا»، وظهور سلالاته الجديدة، يبقى التعلم عن بُعد في صدارة المشهد التعليم في الإمارات، لاسيما عقب إعلان وزارة التربية والتعليم، تأجيل التعليم الواقعي في المدارس حتى إشعار آخر.

وفي ظل الظروف الصحية التي يشهدها العالم، بات التعلم عن بُعد، شعلة تنير منابر العلم، وبعد تجربة امتددت لعام دراسي كامل، أدرك الجميع أدوارهم.

وأجمعت آراء عدد من التربويين، أن سلوكات الطلبة المرفوضة، خلف منصات التعليم الذكية، تشكل ظاهرة خطِرة، تهدد قدرة المتعلمين الملتزمين على التحصيل العلمي، وتضيع عليهم فرصة الاستفادة من المعارف والعلوم في الفصول الذكية، مؤكدين أن المرشد الأكاديمي المؤهل والفاعل، يعد مفتاح حل تلك الإشكالية، وتقويم سلوك الطالب.

معلمون، أكدوا أن التعلم عن بُعد، أفرز سلوكات طلابية جديدة، ترفضها منصات العلم، ولا تليق بقداسة الغايات التي وجدت من أجل التعليم، فضلاً عن أنها تجاوزت المعتاد وأضاعت هيبة المعلم، وأثرت سلباً في الطلبة المتميزين.

فيما رفض عدد من أولياء الأمور السلوكات السلبية بمختلف أشكالها، لأنها، كما رأوا، تجاوزات تحرج الوالدين، وتجعلهما الجاني الذي لم يقترف جرماً، موضحين أهمية إيجاد منظومة متكاملة تشاركية بين أولياء الأمور والمدارس، لتكبح أفعال الأبناء المرفوضة، وتحويل السلبي منها إلى إيجابي، وفق وسائل علاج حديثة ومطورة.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بفئاته كافة، مستجدات سلوكات الطلبة خلف منصات التعليم الذكية، وكيف أثرت سلباً في العملية التعليمية والطلبة والمعلمين، فضلاً عن رصد الجهات القائمة على التعليم في ضبط إيقاع سلوك المتعلمين.

نماذج السلوك

البداية كانت مع أولياء الأمور، عزة أنس، وإيهاب زيادة، ومحمد عصام ومحمد عبد التواب، وسامح حسنين، وعلياء ماضي؛ حيث بيّنت «الخليج» لهم نماذج من سلوكيات الطلبة السلبية، خلف منصات العلم الذكية؛ إذ أكدوا أن التجاوزات السلوكية مرفوضة، جملة وتفصيلاً، في صفوف المدارس، وعلى المنصات الذكية أيضاً، لأن المشهود من سلوكات مرفوضة، يعود إلى قصور الوالدين في تربية أبنائهم، والتهاون في الكثير من الأمور المهمة للتقويم السلوكي والشخصي.

وأوضحوا أن هناك الكثير من أولياء الأمور، ليست لديهم الأسس الصحيحة لتقويم أبنائهم سلوكياً، وبعضهم يهملون في إرساء القيم والأخلاق في نفوس الأبناء، بسبب الدلال وعدم التعامل بمسؤولية مع السلوك السلبي والتجاوزات التي يقترفها أبناؤهم، مقترحين أهمية إيجاد نظام تأهيلي وسلوكي متكامل بين مجتمع أولياء الأمور والمدارس، على أن يشرف على النظام مرشدين أكاديميين ونفسيين مؤهلين وقادرين على تعديل سلوكات الطلبة.

وعبروا عن استيائهم لوجود تلك السلوكات، التي تؤثر سلباً في أخلاقيات أبنائهم، فضلاً عن السلبيات التي تنعكس على العملية التعليمية وتحصيل الطلبة، مؤكدين تضامنهم مع كل سبل العقاب المناسبة التي تسهم بدورها في منع تلك السلوكات، حفاظاً على مستقبل الأبناء، وحماية هيبة المعلم، الذي يعول عليه المجتمع بكل فئاته لتربية الأبناء وتعليمهم، والنهوض بمستقبلهم العلمي.

هيبة المعلم

أكد عدد من المعلمين والمعلمات في الميدان التربوي، أهمية عدم المساس ب«هيبة المعلم»، لتبقى تشكل أحد أهم مقومات عمله في تربية وتعليم الأجيال، على خلفية بعض السلوكات المرفوضة، لبعض الطلبة، لاسيما في وقت «كورونا» وتطبيق التعلم عن بُعد من البيوت؛ إذ تجاوزت المعتاد وتتطور في بعض الأحيان إلى جرائم، تعجز لوائح السلوك عن ردعها، الأمر الذي يرفضه المجتمع المدرسي ورسالة العلم جملة وتفصيلاً.

أكدوا ضرورة إيجاد حلول ناجعة، للتصدي للسلوكات السلبية، واستعادة هيبة المعلم التي ضاعت أمامها، متسائلين عن دور الأسرة في تقويم أبنائها، مطالبين بإعادة النظر في لائحة سلوك المتعلمين التي ركزت في مضمونها على حقوق الطلبة، وأغفلت حماية المعلم والمحافظة على مكانته.

قداسة العلم

أكد كل من ريهام فاروق، وريبال العطا، وإبراهيم القباني، رفضهم لتلك السلوكات التي لا تليق بقداسة العلم، ورسالة المعلم التي تركز على بناء أجيال المستقبل، موضحين أن اللوائح والتعاميم المعمول بها، سلبت الكثير من صلاحيات المعلم، وأسهمت في ضياع هيبته، وأفقدته الوقار والمكانة، فضلاً عن اختلال دور الأسرة في تقويم الأبناء.

وقالوا إن المعلم يتحاشى الآن توجيه اللوم للطالب، فربما يغضب ويشتكي لإدارة المدرسة، التي ترفع الشكوى إلى الوزارة، التي لن تتوانى في توجيه اللوم للمعلم، فضلاً عن العقاب المناسب، الأمر الذي يسهم في قتل حماسة المعلم واهتمامه بالعمل، لفقدان دوره التربوي، بسبب المناخ التنظيمي المعقد.

فيما عزا المعلمون سامر علي، ومنى عبد الإله، ومها سعيد، ومحمد علي، تجاوزات الطلبة بأنواعها إلى الأهل، الذين يساندون أبناءهم في جميع مشكلاتهم داخل إطار التعليم وخارجه، بغض النظر عن خطورة أفعالهم وأخطائهم وتجاوزاتهم، ما أدى إلى انفلات أخلاقي أطاح بهيبة المعلم وأضعف مكانته، ويهدد الآن مكونات المدرسة. مضيفين أن إدارة المدرسة يجب أن تكون حازمة ومسيطرة على مجريات الأمور بين طلابها، حتى لا تسود الفوضى.

أدوات التقويم

في وقفة معهم أكد التربويون، صالح عبد الفضيل، وسلمى عيد، وحميدان ماضي، وخالد عبد الحميد، ضرورة أدوات تقويم السلوك وإعداد جيل متخصص من المرشدين في مختلف مراحل التعليم، فضلاً عن تطوير لائحة السلوك، وفق المستجدات والتطويرات التي يشهد النظام التعليمي، موضحين أن لائحة الانضباط لم تتضمن عقوبات رادعة للطالب، ما يشجع على تكرار المخالفة بدون خوف، أو مجرد تفكير في المخاطر التي قد تنتج جراء السلوكات السلبية.

وقالوا إنه ليس من المنطق أن تكون عقوبة الطالب حسم درجتين عند تصويره الآخرين، والتشهير بهم، عبر وسائل التواصل، مؤكدين أن هذا يتنافى مع قيم المجتمع، مطالبين بإعادة النظر في بنود تلك اللائحة، بما يسهم في تقويم الطالب ويحافظ على هيبة المعلم وقداسة التعليم، لاسيما أن تجاوزات الطلبة السلوكية تتنامى في أيام «كورنا» وبعد تطبيق التعلم عن بُعد، ما يكشف ضعف فاعلية الوالدين وتواضع دورهم في تربية أبنائهم بالشكل الصحيح.

تطوير اللائحة

وتعكف وزارة التربية والتعليم، على إدخال تطويرات لائحة إدارة سلوك الطلبة في مؤسسات التعليم العام «التعلم الواقعي وعن بُعد»، المعمول بهما بالقرارين الوزاريين رقم 851 لسنة 2018، و 262 لسنة 2020؛ إذ أطلقت استطلاع رأي يستهدف مشاركة خمس فئات تربوية في الميدان، تضم مديري المجالس التعليمية، والنطاقات المدرسية، والأوائل، والمدارس ورياض الأطفال. وأكدت في تعميم لها أخيراً، حصلت «الخليج» على نسخة منه، أهمية تفعيل اللوائح الحالية، وضرورة الاستناد إلى مقترحات العناصر التربوية، في تطوير العمل الميداني، لمواكبة المستجدات التعليمية، وضبط إيقاع سلوك الطلبة في مختلف مؤسسات التعليم، سواء كان التعليم مباشراً أو عن بُعد.

ويركز مضمون الاستطلاع على الاستفادة من التجارب والممارسات الميدانية، للفئات المستهدفة، ومدى فاعلية لائحتي إدارة سلوك الطلبة، في التعامل مع المواقف السلوكية المختلفة للطلبة، مع التركيز على سبل التحدث وتطوير طرائق ووسائل ضبط السلوك الطلابي، عبر آراء ومقترحات وملاحظات التحديث والتطوير، لاسيما بعد المتغيرات المتسارعة التي تشهدها منظومة التعليم.

تدخل الأمهات

أكدت معلمات، أن لائحة السلوك كبّلت المعلمين، وجردتهم من الصلاحيات، إلى جانب النظرة المتشككة، التي أسهمت بشكل فعال في أن تتدخل الأمهات في عمل المعلمات، وكثير منهن يجادلن المعلمات في عملهن التعليمي، ويحملنهن وزر تدني مستوى بناتهن، ويشككن في قدراتهن، لأنهن على يقين بأن الإدارة لن تتوانى عن سلب المعلمة هويتها.

أشكال متعددة

أخذت تجاوزات الطلبة السلوكية، أشكالاً متعددة، أثرت سلباً في زملائهم وأداء المعلم، وأبرزها السب والزجر، وفي بعض الأحيان اختراق الحسابات والتشويش على الزملاء أثناء الدراسة، واستخدام الألفاظ القاسية والشتائم عبر غرف الدراسة، وقطع الاتصال وعدم الرضوخ إلى تعليمات المعلم، وإغلاق الميكرفونات وغيرها من السلوكات المرفوضة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"