تشريع قانوني للوثائق

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

الأسبوع المنصرم كنت في زيارة لمركز الوثائق التاريخية في دبي التابع لإدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي، والواقع في منطقة الشندغة التاريخية التراثية، حيث أخذنا الأخ عبد العزيز الشحي رئيس المركز في جولة تعريفية بمحتويات المركز، من معارض دائمة، ومعارض متغيرة تروي سيرة إمارة دبي بشكل عام، وتحولاتها عبر الزمن والمتغيرات التي مرت بها، بالوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية والأفلام الوثائقية، والخرائط الجغرافية، حيث رأينا مثلاً، معظم وثائق تشكل أول بلدية في المنطقة، وما انبثق عنها من هيئات ومؤسسات، ومعرضاً يضم وثائق تتعلق بالأسرة الحاكمة.
ما يعرضه المركز يعتبر شيئاً نوعياً في عمل المراكز، فجل المراكز الوثائقية في العالم تعتمد على جمع الوثائق وترميمها وترقيمها وتخزينها، إلا أن مركز دبي تفرد بإقامة عدة معارض مستمرة في المركز، تُعطي لأي زائر فكرة تعريفية جيدة عن تطور البلاد، وتشكّل مؤسساتها وبنيتها. بالطبع ما جمعه المركز خلال فترة زمنية قصيرة من وثائق يعتبر بالآلاف، إلا أنه يعتبر قليلاً بالنسبة لتاريخ دبي.
فهناك كثير من الوثائق المكتوبة والصور الفوتوغرافية لأزمنة مختلفة، لا زالت تحت يد أفراد ومؤسسات، البعض منهم يرفض تسليمها للمركز ولو حتى لأخذ صورة منها، والبعض يعتبر ذلك ممتلكات شخصية ولو كانت تلك الوثائق تعود لجهات عمل بها بعض الأفراد لفترة من الزمن، مع العلم بأن جل من يحتفظ بتلك الوثائق يرفض تسليمها، معتبراً إياها من الممتلكات الشخصية، وللأسف فإن أغلبهم يحتفظ بها ويخزنها بأسلوب غير علمي وغير سليم يعرضها للتلف.
وهنا أقترح على الجهات المعنية في حكومة دبي، أو حتى على مستوى دولة الإمارات بشكل عام، إصدار تشريع قانوني ملزم لأي جهة كانت، فرداً أو مؤسسة، بتسليم ما يمتلكه من وثائق مكتوبة أو فوتوغرافية، لمركز الوثائق التاريخية في كل إمارة بأية طريقة كانت، إما للمركز ليحفظها ويأخذ صاحبها صورة منها، أو أن يأخذ المركز صورة منها ويحتفظ صاحبها بالأصول.
الوثيقة بكل أشكالها، سواء كانت مكتوبة بخط اليد أو مطبوعة أو صورة فوتوغرافية أو خريطة أو مجلة، أو ختماً أو شعاراً، أو غيرها من الأشكال الوثائقية، تعتبر سيرة وطن وتاريخاً يدل على العمران الإنساني والتطور واستشراف المستقبل، ويعطي دلالة بأن إنسان هذه الأرض عمل واجتهد وبذل وقدم لكي نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، وما سنتجاوزه بإذن الله، إلى الأفضل في القادم من الزمن؛ لذا فمن الواجب علينا أن نُسهم في حفظ تاريخ وطننا بتسليم ما نمتلكه من وثائق مختلفة دون تهاون، للجهات المعنية من مراكز وثائق حكومية متخصصة، قبل أن نندم على تلفها وفقدانها.
إننا نحتاج إلى قانون تشريعي ملزم، خاص بالوثائق، بكل أشكالها، قبل فوات الأوان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"