ألمانيا وإيطاليا وملف الهجرة

00:38 صباحا
قراءة 3 دقائق

ساندي جاروسينو *

تهيمن قضية المهاجرين الذين يدخلون أوروبا على جدول أعمال البرلمان الأوروبي، لكن المقترحات التي تم طرحها هي مجرد إعادة صياغة بسيطة لخطط فاشلة سابقاً في معالجة أزمة المهاجرين.

 وفي أحدث فصول تفاعلات قضية اللاجئين، مثل زعيم حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف الإيطالي، ماتيو سالفيني، مؤخراً أمام محكمة باليرمو في قضية جديدة تتعلق بمهاجرين علقوا في البحر عام 2019 حين كان سالفيني وزيراً للداخلية في إيطاليا. وقد رفض سالفيني السماح للسفينة التي كانت تقلهم بالرسو في ميناء آمن قبالة سواحل لامبيدوز.

 وكانت كل من ألمانيا وإيطاليا تقدمتا بمقترحات منفصلة في يوم واحد، حول كيفية التعامل مع أزمة الهجرة المستمرة في أوروبا.

 فقد دعا وزير الخارجية الألماني، هيكو ماس، مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي إلى الموافقة على نظام حصص «ملزمة»، بحيث تتفق المجموعة فيما بينها على عدد المهاجرين الذين يجب استقبالهم، مع احتساب الرقم بحيث يتناسب مع عدد سكان كل بلد، والناتج المحلي الإجمالي.

 هذه هي الطريقة التي كان من المفترض أن يعمل بها مشروع الحصص في الاتحاد الأوروبي المقترح سابقاً الذي يواجه الانتقادات نفسها هذه المرة، كما حدث في عام 2016. وقالت كل من إيطاليا والنمسا، إنها تعتمد بالكامل على وصول طالبي اللجوء والمهاجرين إلى الأراضي الأوروبية - إلى إيطاليا أو اليونان كمحطة أولى - وبالتالي لن تفعل شيئاً لمعالجة مشكلة الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط ​​المحفوف بالمخاطر.

 من ناحية أخرى، تتمثل خطة إيطاليا في معالجة طلبات المهاجرين، أو طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي في دول شمال إفريقيا، مع نقل أولئك الذين حصلوا على وضع «لاجئ» إلى أوروبا. وهذه أيضاً نسخة أخرى من اقتراح سابق.

 وتسعى كل من إيطاليا وألمانيا إلى التركيز على الخطط نفسها، وهي التي تقوم على الهجرة المنظمة والمشروعة إلى أوروبا وفق قواعد محددة في ما يخص التوزيع عبر كتلة الاتحاد الأوروبي. ولكن في خضم أزمة المهاجرين المستمرة التي كشفت عن انقسامات حادة في ما كان يُعتقد أنه قيم أوروبية مشتركة، فإن إعادة صياغة الخطط المرفوضة سابقاً تظهر ببساطة عدم القدرة، أو عدم الرغبة في مواجهة بعض الحقائق غير المريحة بشأن قضية الهجرة.

 أولى هذه الحقائق هو أن بعض الدول الأوروبية لا تريد استقبال مهاجرين من طوائف وإثنيات معينة، وهو أمر يتعارض مع كل من قانون الاتحاد الأوروبي، والمبادئ الراسخة للجوء. أما خطة ألمانيا فهي نسخة مخففة من محاولة سابقة لإنشاء نظام حصص على مستوى الاتحاد الأوروبي.

 وقد دافعت عنها المستشارة أنجيلا ميركل في ذروة أزمة المهاجرين في عام 2015، وعارضتها بشدة بولندا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا - المعروفة مجتمعة باسم مجموعة «فيسجراد».

 وكشفت المناقشات الأخيرة عن فجوة ثقافية بين أوروبا الغربية والشرقية. ففي حين ترحب الحكومات الأوروبية الغربية على نطاق واسع بالهجرة وتدرك الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تجلبها، فإن أوروبا الشرقية أكثر قلقاً بشأن التغيير الاجتماعي والثقافي والحفاظ على هوية معينة في الأغلب.

 وبدلاً من الدخول في مواجهة مع مجموعة «فيسجراد» وكشف عمق الانقسام في أوروبا، تحاول ألمانيا و«تحالف الراغبين» الذي اقترحته، إحياء خطة الحصص على أساس محدد، ما يؤدي إلى تخفيف الضغط عن دول جنوب أوروبا من دون الحاجة إلى صياغة ميثاق سياسي.

 والحقيقة الثانية غير المريحة، هي أن المهاجرين لديهم أيضاً تفضيلاتهم، فبعض البلدان أكثر جاذبية من غيرها. ووفقاً للائحة «دبلن» التي دخلت حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي عام 2014، يجب على أي شخص يرغب في طلب اللجوء البقاء في أول بلد آمن يصل إليه، حتى لو كان ينوي الذهاب إلى دولة أخرى.

ومع ذلك، يقطع المهاجرون مسافات طويلة جداً للوصول إلى البلدان التي يفضلونها، حيث يصلون إلى اليونان، أو إيطاليا، ثم يقطعون طول القارة لطلب اللجوء في السويد أو ألمانيا، بدلاً من أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي على طول الطريق. 

ويسعى اقتراح إيطاليا إلى إنهاء كل ذلك لأنه سيتم التعامل مع المهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي، ومن ثم نقلهم جواً إلى الدولة التي تقبلهم فقط. وسيتم بموجب الاقتراح «تعيين» البلد الذي يستقبل المهاجرين، ولن يتمكنوا بعدها من القيام برحلة إلى أي دولة أخرى.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت أي من الخطتين ستكتسب قوة دفع داخل الكتلة. فهناك الكثير في أوروبا ممن يفضلون وقف أي شكل من أشكال الهجرة.

* محررة مختصة في «الجارديان يوروأكتف»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

محررة مختصة في «الجارديان يوروأكتف»

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"