المواطنة الرقمية

يشهد العالم كل يوم قفزات غير مسبوقة على جميع الصعد، يحدث على إثرها تغير متسارع في مجريات الحياة ومعالم الحضارة، في ظل اتساع رقعة المدن الذكية وتطور آليات الذكاء الاصطناعي وازدهار عصر الحوكمة الرقمية الذي يتقدم بخطى حثيثة، ما يتطلب العمل على مساعدة كل مواطن للانخراط في المجتمع الرقمي الحديث.
صحيح أن الرقمية جلبت إلى حياتنا فوائد وإيجابيات لا حصر لها، إذ باتت دعامة أساسية لتيسير وظائفنا ومهامنا اليومية، إلا أنها في الوقت ذاته، حملت إلينا مخاطر انعكست تداعياتها على الفرد الواحد والمجتمع ككل، لذا كان من الواجب توظيف التقنية بشكل صحيح وفقاً لمعايير أخلاقية سليمة، مع مراعاة الضوابط القانونية والمجتمعية، للحد من سلبيات التقنية.
ولأن دولة الإمارات حريصة دوماً على مواكبة التقدم الحضاري، أطلق مجلس الإمارات لجودة الحياة الرقمية - ضمن مبادرة نوعية - منظومة ترتكز على مجموعة من القيم والسلوكات التي تنظم علاقة أبناء الوطن مع العالم الرقمي، تبعاً لأربعة محاور؛  هي المحتوى، والاتصال، والقدرات، والسلوك، بغية ضمان مجتمع رقمي آمن ومتفاعل.
وترتكز المواطنة الرقمية الإيجابية التي أطلقتها الدولة بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على الإرث الإماراتي المتمثل في العادات والتقاليد والقيم الإنسانية التي تعكس رسالة السلام والتسامح التي تتخذها الإمارات نهجاً راسخاً تجاه البشرية جمعاء.
كل ذلك استوجب حلولاً استباقية لبناء قدرات أفراد المجتمع ومهاراتهم ليغدوا مستخدمين منتجين ومساهمين في إعمار الوطن، وتعزيز ريادته في مجال التنافس الرقمي الذي احتلت فيه الإمارات مركز الصدارة عربيّاً، والمرتبة ال12 على المستوى العالمي.
واليوم، أضحى العالم الرقمي ضرورة إنسانية لا غنى عنها لتحقيق التعايش ما بين المجتمعات، والنهوض بوعي الإنسان منذ نعومة أظفاره عبر اعتماد منهج جودة الحياة الرقمية في المدارس، ليتمكن الأطفال من حماية أنفسهم وأهاليهم من أصحاب الأجندات التخريبية، والمتصيّدين وذوي الأفكار الهدامة والسلبية، إلى جانب تعزيز قيم التضامن والاستخدام الحكيم لمنصات التواصل الاجتماعي، وإعداد المواطنين بحيث تكون لديهم مهارة القراءة والكتابة الرقمية، والقدرة على التفكير النقدي، واتخاذ القرارات الأخلاقية التي تعكس سلوكاتهم الإيجابية عبر الإنترنت. فضلاً عن تكريس مفهوم «الوحدة»، و«الثقافة التعاونية»، ضمن العالم الرقمي على الصعيد الدولي، وضمان حق الوصول العادل والموثوق إلى مختلف الموارد التعليمية ووسائل الإعلام الرقمية.
[email protected]