قرارات وتحفظات

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

تأخذنا قرارات بعض المدارس الخاصة أحياناً، إلى دوامة من التساؤلات التي تزعج الميدان، وتؤثر سلباً على استقرار العملية التعليمية، لاسيما غير الصائبة منها، والتي تخالف اللوائح والقوانين تارة، وتخرج عن إطار الالتزام وعدم المسؤولية تارة أخرى، وإجمالاً وجودها لا يشكل ضرورة ملحة.
وفي كل الظروف، يبقى المعلم أو المعلمة في مجتمع التعليم «قيمة وقامة»، ولا يجوز المساس بحقوقهما، أو الانتقاص من أهمية دورهما ورسالتهما؛ إذ يعدان العمود الفقري لمنظومة العلم، وبين ثناياهما تكمن أسرار نهضة الأوطان، لكليهما حقوق «أدبية ومعنوية ومادية» ينبغي أن يحرص عليها المجتمع بفئاته كافة.
في الآونة الأخيرة، استوقفتني قرارات بعض المدارس الخاصة، التي أثارت العديد من التحفظات؛ إذ ذهب البعض منها، لينهي خدمات (المعلمات الحوامل)، وكأن المعلمة ارتكبت «جريمة» تستحق عليها العقاب والاستبعاد من وظيفتها، والبعض الآخر يشكل لجاناً للتحقيق والمتابعة؛ للتأكد من حمل المعلمة من عدمه، بمجرد أن تصل إلى مسامعه معلومات في هذا الخصوص، والأغرب أن هناك إدارات مدرسية تشترط على المعلمات والإداريات عدم «الحمل»، طوال فترة عملهن.
شواهد كثيرة تؤكد أن معلمات المدارس الحكومية أكثر حظاً من اللاتي يعملن في مدارس القطاع الخاص؛ إذ يحصلن على الحقوق كافة، كما جاءت في مضمون القانون، ويقابلها في الوقت ذاته بعض المدارس الخاصة، التي تبدع في التنصل من مسؤوليتها تجاه كوادرها، وتبتكر في إيجاد مخرج للتهرب من الوفاء بمستحقات «الحوامل» من موظفاتها، كنوع من تقليص النفقات التشغيلية.
القانون منح لمعلمات «الخاصة» حق الحصول على إجازة أمومة، حيث تُعطى المعلمة بمجرد الولادة 45 يوماً إجازة أمومة بأجر كامل، إذا أنهت سنة واحدة من الخدمة في وظيفتها الحالية، و45 يوماً إجازة أمومة بنصف أجر إذا عملت لمدة تقل عن سنة، وتشتمل إجازة الأمومة على الوقت المستقطع قبل وبعد الولادة.
وهنا نسأل تلك المدارس، عن نوع الجرم الذي ترتكبه المعلمة عند حملها؟، وما نوع المصلحة العامة التي تتحقق عند إنهاء خدمات «معلمة حامل»، أو إلزام أخرى بالتوقيع على تعهد بعدم الحمل أو إجراء تحقيق مع ثالثة؟، وإن كان القانون يكفل لهنّ حق «الحمل والوضع»، فلماذا يتم تجريدهن من حقوقهن؟
«الحمل» ليس جريمة بل حق حياتي مكفول لجميع الموظفات، ولا يجوز فرض القيود عليه، وإنهاء الخدمات بهذه الطريقة أمر مخالف للقانون، ومرفوض في منظومة القيم والأعراف جملةً وتفصيلاً، ولا يتلاءم مع ما تُقدم المعلمات من تفانٍ لأداء رسالتهن السامية. على تلك المدارس السعي قُدُماً لإعادة النظر في قراراتها التي تستهدف «المعلمات والإداريات الحوامل»، والأفضل أن تنهض لقراءة نصوص القانون التي تنظم علاقات العمل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"