«غصة» يوم المرأة

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا نفعل في «يومهن»؟ نتذكر انكسارات ونحتفي بإنجازات، بينما المشهد واحد، والكرة الأرضية واقفة في زمن لا يبلغ التقدم فيه سوى مسافة طفل يحبو. يأتي «يوم المرأة»، ويرحل، ويبقى العالم على حاله، يتقدم ويخترع ويتطور ويصارع حتى الرياح لتحقيق انتصارات يتباهى بها، لكنه أصغر من أن يتّحد لينتصر للقضايا الرئيسية مثل «الإنسانية»، و«المساواة»، وللمرأة نصيب الأسد من المعاناة في هذين الجرحين العميقين في بدن الكوكب وساكنيه.
ليست المساواة هي تلك «الوهمية» التي تولد جمعيات من أجل المناداة بها ويتطاير الكلام كالرذاذ في الهواء، ينتشر في كل مكان ثم يتبخر. ولا هي تلك المعلقة في ذيل فستان وبمظاهر وملابس وأجسام.. ولا تلك المتمسكة بقشور تحرير المرأة من كل قيد يربطها بالرجل بلا أي منطق أو حدود.. ليست المساواة هي تلك الشعارات التي ترفعها مجموعات لا هدف لها سوى لفت الأنظار والبقاء تحت الأضواء.. المساواة هي تلك القضية التي ترتقي بالمرأة إلى مستوى الإنسان المتمتع بكل حقوقه، والمدرك لكل واجباته، بغض النظر عن جنسه.
وترتقي بالإنسان إلى مستوى العيش بحرية وكرامة، أياً كان لونه، أو عرقه. وترتقي بالإنسانية إلى مستوى التوازن والقضاء على كل أشكال العنف والعنصرية والتنمر والترهيب.
كم دولة توصلت إلى هذا الرقي في التعامل بين أبنائها؟ كم دولة تنادي بما تفعل، وتفعل ما تؤمن به حقاً، والحق لديها واحد لا يتجزأ أو يتلون وفق سياسات خبيثة ودهاليزها المظلمة؟ لا تحدثونا عن «الدول العظمى» والكبرى، وتلك التي تقود العالم وتتحكم في غيرها، فالنساء فيها متحررات شكلاً، مكبلات في الجوهر.
النموذج الإماراتي مشرّف، بل صار قدوة يحتذى في حماية حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في الوظائف وفرص العمل والرواتب، وهي تشكل ٥٠٪ من المجلس الوطني، و٥٠٪ في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وهناك ٢٣ ألف سيدة أعمال تدير مشاريع تتجاوز قيمتها الـ٥٠ مليار درهم.. والدولة التي تؤمن بالمساواة بين ذكورها وإناثها، لا يمكنها أن تغض الطرف عن المساواة بين البشر، ولا يمكنها أن تنادي بالأخوّة الإنسانية إن لم تؤمن حقاً بكل مبادئها.
سيبقى يوم المرأة كالغصة العالقة في الحلق، أو الشوكة في خاصرة الأرض، لأن المرأة وحقوقها جزء لا يتجزأ من قضايا الإنسانية العالقة، ومن قضايا العنف والإرهاب، ومن أزمات العنصرية المنتشرة حول العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"