عادي
بيئة متوازنة تراعي مختلف الثقافات

إمارات العدل.. تعديلات تشريعية تنتصر للحياة وتخطو بالدولة نحو المستقبل

00:40 صباحا
قراءة 11 دقيقة
مم

تحقيق: جيهان شعيب
شهدت الساحة القضائية في الإمارات دولة الرحمة والعدل والمساواة، مجموعة تعديلات على كثير من قوانينها خلال الفترة الماضية، كرست من خلالها مجدداً مبادئها الواضحة في إقرار جوانب حياتية تضمن للجميع العيش بأمن وأمان واستقرار في ظل أجواء مطمئنة يحكمها توازن تشريعي، وتساو في الحقوق والواجبات، دون تمييز لفئة دون أخرى، أو إعلاء لحقوق للذكر على الأنثى أو العكس، وفي ذلك اجتمعت آراء وتأكيدات رجال القضاء الواقف، على إيجابية التعديلات وتحضرها، وانعكاساتها الطيبة، ومراعاتها للكل، وجاءت أقوالهم بأنها تعزز التوجه الاقتصادي، والثقافي، والاجتماعي، الذي تبنته الدولة، وتهدف به إلى ترسيخ التزامها بتوفير بيئة تشريعية تتوافق مع تعددية الثقافات، إلى جانب بيئة اجتماعية، واقتصادية تنافسية وآمنة، خاصة أنها رفعت التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير.
فبالنسبة لمواكبة سياسة الدولة التشريعية، لتحديات عوالم المال، والتجارة، والاقتصاد، والاستثمار، من خلال حزمة القوانين الجديدة والتعديلات التشريعية، قال المستشار القانوني د. يوسف الشريف: «منذ نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تسير على خطى ثابتة، ومنهجية واضحة لا تحيد عنها، غايتها الإنسان الذي يعيش على أرضها الآمنة مواطناً كان أو وافداً، وفتح آفاق واسعة لسبل العيش والرفاهية، ومواكبة المستجدات في جميع المجالات حتى أصبحت في طليعة الدول العصرية، التي تتسم سياساتها باحتواء التعددية العرقية، والدينية، والمذهبية، التي تغلب على التركيبة السكانية، حتى باتت مضرب المثل في تحقيق التوازن بين هذه التعددية، وإرساء قواعد السلم، والأمن الاجتماعي».
والناظر لسياسة الدولة التشريعية في عوالم المال، والتجارة، والاقتصاد، والاستثمار، يجد منظومة تشريعية انضمت إليها التشريعات المستحدثة، والتعديلات على بعض القوانين القائمة لتحقيق التجانس التشريعي، وتفادي تعارضها، من أجل تشجيع الاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة؛ حيث صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 3/2020 بتعديل القانون الاتحادي رقم 17/1972 في شأن الجنسية وجوازات السفر، وتضمن من بين نصوصه منح جنسية الدولة للمستثمرين، ورواد الأعمال، وأصحاب المهن المتخصصة، والمواهب، لتكون لبنة في بناء الاستقرار، وتشجيع رؤوس الأموال، وأصحاب المواهب والإبداعات في شتى مناحي الحياة خاصة، ما يتعلق بالعلم والاقتصاد.
كما صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 14/2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 18/1993 في شأن المعاملات التجارية والذي تضمن تعديلات على أحكام الشيك، ومسؤولية الشخص الاعتباري، مؤكداً على ملاحقة المسؤول الفعلي عن إدارته، متماشياً مع الواقع العملي في إدارة الشركات، والمؤسسات، والكيانات الاقتصادية بكافة صورها وأشكالها، مع التأكيد على أن تاريخ دخول هذا التعديل حيز التنفيذ هو في يناير من العام المقبل.
خطوة استباقية
 وفي السياق ذاته صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 21/2020 بتعديل المرسوم بقانون اتحادي رقم 9/2016 في شأن الإفلاس، في خطوة استباقية، لاستقرار المعاملات التجارية دون المساس بحقوق الدائنين، ولتكون مساعدة للكيانات التجارية، على الاستمرار والنهوض من جديد، حال التعسر المؤقت أو الطارئ، فأجازت المادة 32 بتعديلها وقف الإجراءات القضائية، والتنفيذية على أموال المدين مدة معينة، في محاولة لتحسين أوضاع المدين، وتمكينه من سداد مديونياته، كما أضاف هذا التعديل فصلاً جديداً على الباب الرابع من المرسوم الأصلي بعنوان «إجراءات الإفلاس في الأزمة المالية الطارئة»، وهي مواجهة لما قد ينتاب الشركات من أزمات طارئة، وذلك بوقف التزامات المدين في فترة تلك الأزمة.
 ومن أهم ما نصت عليه هذه التعديلات أيضاً هو ما ورد بنص تعديل المادة 170 مكرر، من منح المحكمة سلطة السماح للمدين بالحصول على تمويل جديد، بضمان أو بدون، وفق تقدير المحكمة من مدى تأثير هذا التمويل على الضمان العام للدائنين، وتماشياً مع ذلك صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 26/2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 2/2015 في شأن الشركات التجارية، باستحداث أحكام خاصة بالأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي، كما استحدث أحكام أخرى خاصة بشركة المسؤولية المحدودة ذات الشخص الواحد، سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً، والجدير بالذكر أن هذا التعديل دخل حيز التنفيذ من تاريخ 2/1/2021 وفقاً للمادة 8 منه.
واتساقاً مع هذه التعديلات الجوهرية كان لابد وأن يكون هناك تعديلاً على قانون الإثبات، بما يتماشى مع وسائل التواصل وتقنية المعلومات التي أثبتت جائحة كورونا «كوفيد- 19» أهميتها؛ بل وضرورتها، لذا كان طبيعياً صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم 27/2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية، والتجارية بالقانون الاتحادي رقم 10/1992 والذي اعتمد التوقيع الإلكتروني، والمستندات الإلكترونية في الإثبات، وأجاز إدخال خصم جديد في الدعوى حتى في مرحلة الاستئناف، خروجاً على القاعدة في ذلك من عدم جواز إدخال خصم جديد في الاستئناف، وتضمن إضافة مواد جديدة تتعلق بمباشرة إجراءات الإثبات عن طريق وسائل تقنية الاتصال عن بعد، مواكبة للظروف الراهنة، وتطور وسائل تكنولوجيا الاتصال.
تحقيق التنمية
ومن بين التشريعات التي أصدرتها الدولة لمواكبة التطور التكنولوجي، القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2006 بشأن المعاملات والتجارة الإلكترونية، وذلك لمواكبة التطور الإلكتروني في المعاملات التجارية، وجعل الأثر القانوني للمراسلات الإلكترونية من حيث القابلية للتنفيذ، وكذلك المرسوم بقانون اتحادي رقم 19/2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك لمساهمته في ترسيخ مكانة الدولة كمركز جذب رئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر، مما يساعد على تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، عن طريق زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية، ولابد في الختام أن تتزايد آمالنا في مزيد من التطور التشريعي، مع استمرار التطور التكنولوجي في المجالات كافة، وهو ما رسخته فينا قيادتنا الرشيدة، من خلال جهودها الحثيثة في استقرار المعاملات، وتشجيع الاستثمارات لدعم الاقتصاد الوطني.
مواكبة التطورات
وفي جانب أهمية التعديلات التي لحقت ببعض نصوص القانون الجزائي والمدني، تحدثت المستشارة القانونية منوهه هاشم قائلة: «دولة الإمارات العربية المتحدة، شهدت قفزة كبيرة في جميع المجالات، مما جعلها محطاً للأنظار؛ حيث يرغب القاصي والداني في أن يقطن على أرض هذه الدولة، لما فيها من أمن وأمان، وراحة، واستقرار، فالجميع فيها يتعايشون بأريحية ولله الحمد، والفضل بعد المولى عز وجل للقيادة الرشيدة التي لم تألوا جهداً في نشر السلام، وروح الأخوة، بين مختلف الجاليات؛ حيث لا فرق فالجميع سواسية.
ومن هذا المنطلق، ونظرا للرؤية الثاقبة، فقد عمدت الدولة لتغيير بعض نصوص القانون، وإن صح التعبير تعديل النصوص، لتتماشي مع احتياجات ومتطلبات الواقع الذي نعيشه؛ حيث التغيير واجب إن دعت إليه الضرورة، والعالم متسارع، ولابد من مواكبة الحياة والتطورات على الصعد كافة».
قانون العقوبات 
ومن بين تلك القوانين التي تم التعديل عليها، نجد القانون الجزائي؛ حيث صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 15 لسنة 2020 في شأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1973، والمعمول به في أكتوبر الماضي والذي ألغي جنحة هتك العرض بالرضا المنصوص عليها في المادة 356/1 من قانون العقوبات الاتحادي، ومن ثم بات الفعل المسند غير مؤثم قانوناً، وإن خالف الحكم، وتمت إدانة الفاعل، فإن الحكم قد يكون أخطأ في تطبيق القانون، وبالتالي يتم الحكم بعد هذا النص ببراءة المتهم المرتكب لهذا الفعل.
ومن هنا ففي هذا النص طمأنة للجنسيات الأخرى، بأن تعيش عيشاً مستقراً، وفقاً لنمط حياتهم، الذي اعتادوا عليه، وفي ذلك حرية لهم، مع عدم المساس بالأعراف الإسلامية، فكما قال الله تعالى على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «لكم دينكم ولي دين»، ويتم النظر إليها من ناحية اقتصادية، وسياحية وذلك ببعد نظر، وفقاً لبعض الجاليات، وطبقات الأجانب، والاستثمارات الأجنبية.
تسريع التقاضي
وبالنسبة لقانون المعاملات المدنية، فقد تم تعديل الجانب المتعلق بنصاب الدوائر الكلية والجزئية للمحاكم؛ بحيث يكون على النحو التالي: «في ما يخص الدائرة الكلية نصابها يبدأ من مبلغ مليون درهم وواحد وأصبح بعد التعديل الخاص باللائحة التنظيمية 10 ملايين وواحد إلى مالا نهاية بمعنى فيما يزيد على هذا المبلغ، أما الدوائر الجزئية كانت من درهم إلى مليون والآن من درهم إلى 10 ملايين، والغرض منها تسريع التقاضي، وتقليل الدوائر الكلية، وذلك بتقليل عدد القضاة فيها – أي في الدوائر الكلية - وزيادتهم في الدوائر الجزئية لتسريع سير عجلة القضاء وهذا يتناسب طردياً مع متطلبات الحياة، وسير الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
أما في ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، فقد نصت المادة الثانية من المرسوم بقانون اتحادي رقم 29 بتاريخ 27/9/2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية على ما يلي: «لكل إمارة أن تنشئ سجلاً خاصاً يسمى بسجل وصايا غير المواطنين، ويحدد شكل السجل، وبياناته، وإجراءات، وضوابط القيد فيه، وتعديل قيوده، وإجراءات تنفيذه، بقرار تصدره السلطة المختصة بالإمارة المعينة. 
ولله الحمد نلمس تعايشاً إيجابيا في أروقة المحاكم؛ حيث صارت الأمور أكثر سلاسة ومرونة، وهو المطلوب حقيقة، فأصحاب السمو حكام الدولة نظرتهم للمستقبل الواعد بأن تكون دولة الإمارات سباقة، ورقم واحد على مستوى الصعد كافة، وهذا ليس بالشيء الغريب على أبناء زايد، وللعلم فإن الدولة لن تتوانى، ولن تقف مكتوفة الأيدي، إن دعت الضرورة لسن قوانين جديدة لتحقيق المصلحة العامة، وهذا عهدنا دائماً بأبناء زايد، فمعاً دوماً لرفعة هذا البلد، وللإمام يا إمارات حفظك ورعاك الله».
استقرار المصالح
وتطرق الباحث القانوني حسن الحمادي، إلى الانعكاسات الإيجابية التي ترتبت على بعض تعديلات نصوص قانون الأحوال الشخصية وغيره قائلاً: «التنافس الكبير بين إمارات الدولة سواء في الجانب الاقتصادي، أو الثقافي، أو الاجتماعي جعلها تتصدر مختلف دول العالم، خاصة مع نحو 200 جنسية تعيش على أرضها في أمن وأمان، فذلك خير دليل على تناغم الحكومة مع الشعب، واستشرافها حاجاته، وتحقيقها رغباته قبل أن يطلبها، فالفكر التوعوي بالمستقبل، والنظم القانونية، أساس الحياة الكريمة للبشرية، والنظرة الثاقبة والمستقبلية لقيادتنا الرشيدة جعلت من الإمارات واحة أمن وأمان لشعوب الأرض، ومن هذا المنطلق تواصلت فيها مسيرة التنمية، والتنافسية العالمية، وبخطى قد لا تخطر على بال أحد، وفي ذلك قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن «تجربة الإمارات تجربة عربية.. احتلت المراكز الأولى عالمياً، تجربة إصرار ونجاح مفتوحة لجميع للشعوب العربية، مستمرون في تحسين بيئتنا وبنيتنا ومواردنا لأننا نريد أفضل حياة في العالم لشعبنا، وللمقيمين كافة على أرض الإمارات»».
ومن قراءتنا للواقع، فخلال السنوات الماضية صدرت تشريعات، أقرت آليات جديدة للإقامة للمستثمرين، والمفكرين، والمبدعين، وأصحاب الكفاءات، عبر منحهم إقامات طويلة الأجل، لإضفاء الاستقرار على أوضاعهم، واستقطاب الجدد منهم بما يعزز مكانة الدولة في العالم، فضلاً عن التعديلات التشريعية الأخيرة في قوانين العقوبات، والأحوال الشخصية، التي تصب في هذا الاتجاه وتعكس هذا التوجه، فإقرار مبدأ حرية غير المواطنين، والاحتكام إلى القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شؤون الميراث، والتركات، من شأنه أن يحقق استقرار المصالح المالية للمستثمرين الأجانب، علاوة على ذلك فمن أبرز ما تطرقت إليه التعديلات إلغاء المادة ٣٤٤ من قانون العقوبات التي كانت تخفف ما يسمى ب «جرائم الشرف». وكانت هذه المادة تعاقب بالسجن المؤقت، وبحسب التعديلات الجديدة فإن هذه الجريمة ستعامل على أنها جريمة قتل، وتعاقب بالمواد القانونية ذات الصلة في قانون العقوبات، وهذا تحول قانوني مهم يؤكد التزام الإمارات بحماية حقوق المرأة وضمان سيادة القانون.
ومن هنا فالتعديلات تعكس التوجه الاقتصادي، والثقافي، والاجتماعي الذي تبنته الدولة، بما يتوافق مع تعددية الثقافات، والالتزام ببناء بيئة اجتماعية، واقتصادية، تنافسية وآمنة، كما تواكب ما تحققه الإمارات في المحافل الدولية، فيما ومؤخراً تم إصدار القانون الخاص بتنظيم قطاع الفضاء، ويعتبر هذا القانون الأول من نوعه على المستوى العربي والإسلامي، وبشكل عام فتقدم الدول يكون بتطور قوانينها، وتشريعاتها، التي تواكب القفزات المستقبلية للعالم.
المعاملات التجارية
وعرج المحامي محمد الحمادي للقول: «أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون المعاملات التجارية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993، وبذلك ستلغى المواد العقابية المتعلقة بالشيكات في قانون العقوبات، كما منح القانون حق المستفيد بالشيك الحصول على المبلغ المتوفر في الحساب البنكي، حتى لو لم يغط هذا الحساب كامل المبلغ المدون له في الشيك، فيما في السابق كان البنك يقدم ما يفيد عدم كفاية الرصيد حتى لو كان المبلغ أقل من المبلغ الوارد في الشيك ب100 درهم فقط، وبالتالي كان لا يتم صرف المبلغ للمستفيد، أما الآن فمن الممكن للمستفيد أن يطالب البنك بسحب المبلغ المتوفر في حساب الدائن له، حتى وإن كان أقل من قيمة الشيك الذي لديه، على أن يطالب بباقي قيمة الشيك لاحقاً، وفي الحقيقة فهذا الأمر يصب في مصلحة المستفيد من الشيك، بالحصول على جزء من المبلغ المستحق له، حال عدم توفره بالكامل في الحساب».

الصورة
دبييي


 رفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير


في مجال قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1987 تضمنت المراسيم الرئاسية بعض التغييرات الرئيسية؛ حيث نصت التعديلات على أن من يستهلك أو يتعامل في الخمور في الأماكن المصرح بها بما في ذلك المساكن وفقاً للقوانين السائدة، لن يكون مسؤولاً، مع إعطاء كل إمارة محلية سلطة إصدار القواعد التنظيمية في هذا الشأن، وبذلك أزالت هذه التعديلات شرط الحصول على ترخيص مسبق لغير المسلمين لاقتناء الخمور، ورفعت العقوبة عن هذا الفعل، وستقتصر العقوبة فقط على تناول الخمور، أو تقديمها، أو بيعها، لشخص يقل عمره عن 21 عاماً، وعلى أولئك الذين اشتروا الخمور نيابة عن شخص أقل من 21 عاماً.
ونصت التعديلات على رفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير، وهو توجه محمود، ومن شأنه أن يخفف من وطأة القانون بفرض عقوبات على أفعال ليس من شأنها إلحاق الضرر بأحد، ومن أمثلة ذلك الانتحار، فوفقاً للتغييرات الجديدة، تُمنح المحكمة حرية التصرف في إرسال الشخص المدان بمحاولة الانتحار إلى مؤسسة علاجية بدلاً من معاقبته، ومع ذلك، فإن أي شخص يساعد شخصاً آخر بأي وسيلة على الانتحار سيعاقب بالسجن، وينص تغيير آخر في القانون على أن الشخص لن يتحمل المسؤولية إذا ارتكب فعلًا ضاراً بشخص آخر بنية حسنة، بهدف مساعدة، أو إنقاذ ذلك الشخص الذي يحتاج إلى مساعدة عاجلة.


ضمان سيادة القانون فوق كل اعتبار 


من أبرز ما تطرقت إليه التعديلات إلغاء المادة ٣٤٤ من قانون العقوبات التي كانت تخفف ما يسمى ب «جرائم الشرف». وكانت هذه المادة تعاقب بالسجن المؤقت من فوجئ بمشاهدة زوجته، أو ابنته، أو أخته، حال تلبسها بجريمة مخلة بالآداب فقتلها أو قتل من هو معها، أو قتلهما معاً في الحال، وكذلك كانت تعاقب بالسجن المؤقت الزوجة التي فوجئت بمشاهدة زوجها حال تلبسه في مسكن الزوجية فقتلته، أو قتلت من معه، أو قتلتهما معاً في الحال، وكانت هذه المادة تعد من مواد الشرف كون عقوبتها السجن المؤقت، والسجن المؤقت عقوبة مخففة لجريمة جسيمة مثل القتل، وبحسب التعديلات الجديدة فإن هذه الجريمة ستعامل على أنها جريمة قتل، وتعاقب بالمواد قانونية ذات الصلة في قانون العقوبات، وهذا تحول قانوني مهم يؤكد التزام دولة الإمارات بحماية حقوق المرأة، وضمان سيادة القانون لأنها فوق كل اعتبار.
وجملة القول إن هذه التعديلات تعكس التوجه الاقتصادي، والثقافي، والاجتماعي، الذي تبنته دولة الإمارات، وتمشي عليه، وتهدف إلى ترسيخ التزام دولة الإمارات بتوفير بيئة تشريعية تتوافق مع تعددية الثقافات، والالتزام ببناء بيئة اجتماعية، واقتصادية تنافسية وآمنة، فبعض هذه التعديلات إنما يراعى التطبيق الموجود أصلاً على أرض الواقع، فرفع بذلك الازدواجية بين النص والممارسة الفعلية.


حبيب الملا: استقرار مصالح المستثمرين الأجانب


في توضيح شامل للانعكاسات الإيجابية المترتبة على التعديلات التي طرأت على عدد من التشريعات، جاء قول سابق من الدكتور حبيب الملا، من بعضه: صدرت مؤخراً تشريعات أقرت آليات جديدة للإقامة للمستثمرين، والمفكرين، والمبدعين، وأصحاب الكفاءات عبر منحهم إقامات طويلة الأجل، لإضفاء الاستقرار على أوضاعهم، واستقطاب الجدد منهم بما يعزز مكانة الإمارات كدولة جاذبة للاستثمار والمستثمرين، كما صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم ٣ لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 72 في شأن الجنسية وفتح الباب أمام إمكانية التقدم بطلبات الحصول على جنسية الإمارات وفقاً لشروط معينة. 
ويضيف: لذلك جاءت التعديلات التشريعية الأخيرة في قوانين العقوبات، والأحوال الشخصية، لتصب في هذا الاتجاه، وتعكس هذا التوجه، فإقرار مبدأ حرية غير المواطنين للاحتكام إلى القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شؤون الميراث، والتركات، من شأنه أن يحقق استقرار المصالح المالية للمستثمرين الأجانب، ويعزز من جاذبية الإمارات في استقطاب هؤلاء المستثمرين، وتوطين أموالهم فيها، علماً بأن قانون المعاملات المدنية الإماراتي الصادر عام 1985 كان أقر مبدأ الاحتكام إلى الجنسية في المسائل المتعلقة بالحالة المدنية للأشخاص، وأهليتهم، وذلك في المواد من 10 إلى 17، وكانت المحاكم تطبق هذا المبدأ فجاءت التعديلات الأخيرة لتؤكد هذا الحق وتشدد عليه، وهذا ما ينص عليه أيضاً قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، فقد نصت المادة الأولى من القانون على أنه تسري أحكامه على مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، ما لم يكن لغير المسلمين منهم أحكام خاصة بطائفتهم وملتهم، كما لا تسري أحكامه على غير المواطنين إذا تمسك أحدهم بتطبيق قانونه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"