عادي
فريق التعويم الهولندي: العمل قد يستغرق أسابيع

توقّف الملاحة في قناة السويس يبطئ النقل البحري العالمي

21:16 مساء
قراءة 5 دقائق
1

ازدادت أعداد السفن المكدسة حول قناة السويس لليوم الثالث على التوالي، أمس الخميس، في الوقت الذي بدأت فيه فرق الإنقاذ والقاطرات بمواجهة التحدي الهائل المتمثل في تحرير سفينة الحاويات التي تسد الممر المائي العالمي، فيما تقدر حمولة السفن التي تعبر قناة يومياً بما يقرب من 10 مليارات دولار من النفط والسلع الاستهلاكية. 
ويظهر تقدير تقريبي أن الأزمة تتسبب بازدحام يكلف التجارة العالمية نحو 9.6 مليار دولار يومياً، استناداً إلى حسابات شركة «لويد»، التي تشير إلى أن حركة المرور المتجهة غرباً تبلغ قيمتها نحو 5.1 مليار دولار في اليوم، وحركة المرور المتجهة شرقاً تبلغ نحو 4.5 مليار دولار. 
إلى ذلك، قال مارتن شوتيفاير، المتحدث باسم شركة الخدمات البحرية الهولندية بوسكاليس، لرويترز إن وحدتها سميت لإنقاذ السفن كُلفت بالمشاركة في العملية. واتجه فريق من نحو 10 أفراد إلى مصر.

10 مليارات دولار يومياً التجارة عبر القناة

ووفقاً لبيانات الشحن التي جمعتها «بلومبيرج»، بلغ عدد السفن التي تنتظر العبور 237 سفينة، من ضمنها حصة كبيرة من سفن الحاويات التابعة لشركة «ميرسك»، أكبر شركة نقل بحري في العالم. 
وتسلط الأزمة الضوء على مخاطر كبيرة تواجه قطاع الشحن، مع تزايد عدد السفن العملاقة التي تمر بنقاط الاختناق البحرية، بما في ذلك السويس، وقناة بنما، ومضيق هرمز، ومضيق ملقا. 
من جهته، قال فرهاد باتيل، المدير في وكالة شرف للملاحة ومقرها دبي: «من المحتمل أن تكون السفينة الجانحة قد تضررت، وسيتعين سحبها. وقد لا تسمح القيود المفروضة بعودة حركة النقل إلى طبيعتها في القناة سريعاً». 

قاطرة بقوة شد 160 طناً 

وقالت هيئة قناة السويس، الخميس، إنها أوقفت حركة الملاحة في القناة مؤقتاً، بينما تستمر منذ ثلاثة أيام جهود تعويم سفينة حاويات عملاقة جانحة طولها 400 متر تعطل المرور، وتعمل ثمانية زوارق قطر على تعديل وضعها.
وقالت هيئة قناة السويس في بيان إن السفينة، إيفر جيفن، جنحت، صباح الثلاثاء الماضي، بسبب «يعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظراً لمرور البلاد بعاصفة ترابية... ما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها».
وتعوق السفينة الآن حركة الملاحة في كلا الاتجاهين، في واحد من أكثر ممرات شحن السلع والنفط والحبوب والمنتجات الأخرى ازدحاما في العالم، والذي يربط بين آسيا وأوروبا.
وقالت هيئة قناة السويس في بيان «تتم عمليات الإنقاذ الحالية من خلال إدارة التحركات في الهيئة وبواسطة 8 قاطرات أبرزها القاطرة بركة 1 بقوة شد 160 طناً، حيث يتم الدفع من جانبي السفينة وتخفيف حمولة مياه الاتزان لتعويم السفينة واستئناف حركة الملاحة بالقناة».
وأضافت الهيئة «حركة الملاحة في القناة شهدت، الأربعاء، عبور 13 سفينة من بورسعيد ضمن قافلة الشمال كان من المستهدف إكمال مسيرتها في القناة... إلا أنه مع تواصل أعمال تعويم السفينة كان لابد من التحرك وفق السيناريو البديل بالانتظار في منطقة البحيرات الكبرى لحين استئناف حركة الملاحة بشكل كامل بعد تعويم السفينة بمشيئة الله».

جنوح حوت 

وذكر بيتر بيردوفسكي الرئيس التنفيذي لشركة بوسكاليس الهولندية التي تحاول تعويم السفينة، أن من السابق لأوانه تحديد المدة التي قد تستغرقها المهمة.
وقال بيردوفسكي لبرنامج يبثه التلفزيون الهولندي «لا يمكننا استبعاد أن المسألة قد تستغرق أسابيع.. حسب الوضع». وأضاف أنه تم رفع مقدمة السفينة ومؤخرتها على جانبي القناة.
ومضى قائلاً «الأمر يشبه جنوح حوت ضخم على الشاطئ. إنه وزن هائل على الرمال. قد نضطر إلى الجمع (في مهمتنا) بين تقليل الوزن عن طريق نقل الحاويات والزيت والمياه من السفينة، إضافة إلى زوارق القطر وجرف الرمال».
وتتجمع عند طرفي القناة عشرات السفن، ومنها حاويات كبيرة أخرى، وناقلات نفط وغاز، وسفن نقل حبوب، ما خلق واحدة من أسوأ وقائع اختناق حركة الشحن في سنوات.
وقالت شركة برنارد شولت شيب مانجمنت (بي.إس.إم)، التي تتولى الإدارة الفنية للسفينة إيفر جيفن، إن الجرافات تعمل على إزالة الرمال والطين من حول السفينة لتعويمها، بينما تعمل زوارق القطر مع الرافعات الموجودة على السفينة لتحريكها. وأصدرت شركة وكالة الخليج مصر المحدودة للملاحة (جي.إيه.سي) مذكرة لعملائها الليلة الماضية قالت فيها إن جهود تعويم السفينة باستخدام زوارق قطر مستمرة، لكن ظروف الرياح وحجم السفينة الكبير «يعرقلان العملية».
واعتذرت شركة «شوي كيسن» اليابانية التي تملك سفينة حاويات عالقة في قناة السويس، أمس الخميس، وقالت إنها تعمل على حل الموقف. وأضافت الشركة أن عملية تحريك السفينة «بالغة الصعوبة» وتابعت أنه لم يتضح بعد متى يمكن تعويم السفينة.
ويظهر نظام تحديد المواقع (جي.بي.إس) الخاص بالسفينة أنه لم يطرأ سوى تغيرات طفيفة على وضع إيفر جيفن في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ويمر نحو 30 في المئة من حاويات الشحن في العالم يومياً عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومتراً، ونحو 12 في المئة من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع.

رأس الرجاء الصالح 

ويقول خبراء شحن إنه إذا لم يحل الاختناق في حركة الملاحة بالقناة خلال 24 إلى 48 ساعة، فقد تضطر بعض شركات الشحن إلى جعل سفنها تسلك طريق رأس الرجاء الصالح عبر حافة إفريقيا الجنوبية، وهو ما يطيل مدة الرحلة أسبوعا تقريباً. وقالت شركة الاستشارات وود ماكينزي إن الأثر الأكبر يقع على نقل الحاويات، لكن هناك أيضاً 16 ناقلة تحمل النفط الخام والمنتجات البترولية من المقرر أن تمر عبر القناة وتعطلت بسبب الحادث.
وقالت الشركة إن حمولة السفينة تبلغ 870 ألف طن من الخام، و670 ألف طن منتجات النفط مثل البنزين والنافتا والديزل.

مطالبات بالملايين على مالك السفينة الجانحة وشركات التأمين

قالت مصادر في قطاع التأمين، إن مالك السفينة يواجه هو وشركات التأمين مطالبات بملايين الدولارات حتى إذا أعيد تعويم السفينة سريعاً. وقال وكلاء تأمين وسماسرة إن الشركة اليابانية المالكة للسفينة، وشركات التأمين قد يواجهون مطالبات من هيئة قناة السويس عن فاقد الإيرادات ومن السفن الأخرى التي تعطلت حركتها.
وقال ديفيد سميث، مدير مكتب سمسرة التأمين البحري مكجيل وشركاه «كل الطرق تؤدي إلى السفينة».
وتقول مصادر قطاع التأمين إن سفن الحاويات من هذا الحجم تكون مؤمّناً عليها عادة ضد الأضرار التي قد تلحق بالهيكل والمعدات. وقال مصدران إن السفينة مؤمّن عليها في السوق اليابانية. وتتحمل الشركة المؤمّنة على الهيكل والمعدات كلفة عملية إنقاذ السفينة أيضاً. وقال محام في مجال الشحن البحري طلب عدم نشر اسمه «لعلها أكبر كارثة تحل بسفينة حاويات في العالم من دون أن تضيع السفينة نفسها».

مشاكل سلاسل الإمداد

من المرجح أن يطالب ملّاك حمولة السفينة وحمولات السفن الأخرى العالقة في القناة بتعويضات من الشركة المؤمّنة على السفينة عن أضرار بسلع قابلة للتلف، أو تأخر تسليمات. وقال ماركوس بيكر، رئيس النقل البحري والشحن لدى مارش للسمسرة التأمينية «استمرار تكدس السفن يفرز مشاكل هائلة في سلاسل الإمداد».
وقال نادي الحماية والتعويض البريطاني في بيان لرويترز، بالبريد الإلكتروني، إنه جهة الحماية والتعويض للسفينة إيفر جيفن، لكنه أحجم عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل. ويغطي هذا النوع من التأمين المطالبات المتعلقة بالتلوث والإصابات البشرية. 
وقال سميث من مكتب مكجيل، إن من المرجح أن يعاد التأمين على الجانب الأكبر من مطالبات التأمين هذه من خلال برنامج تديره مجموعة نوادي الحماية والتعويض العالمية.
وقالت مصادر محلية إن هناك 30 سفينة على الأقل عالقة إلى الشمال من إيفر جيفن، وثلاث سفن إلى الجنوب. وقد يكون هناك عشرات السفن المتوقفة أيضاً عند المدخلين الشمالي والجنوبي للقناة. وقالت شركة كبلر لتحليل البيانات إن التعطيلات تؤثر في أكثر من 20 ناقلة محملة بالنفط .(وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"