أين الخلل؟

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

من صنع كل هذا، متى استعدوا، من أين جاء كل هؤلاء، كيف لم نشعر بأن هناك حدثاً بهذه العظمة يتم التحضير له في قلب العاصمة..؟ كثيرة هي الأسئلة التي مازالت تتوالى منذ أن شاهد العالم موكب المومياوات الذهبي الذي نقل 22 مومياء من المتحف المصري في ميدان التحرير بقلب القاهرة إلى المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط. لا شيء يصف الحالة التي كنا عليها سوى «الانبهار التام»، والجميل أن كل من يشاهد ولو مقطعاً من هذا الحدث التاريخي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يصاب بنفس الانبهار والدهشة، ما جعل المناسبة ملكية ذهبية عالمية بكل معنى الكلمة. 
التنظيم، التنسيق، الإخراج، الدقة في الحركة والانسجام التام في الأداء، الترابط بين ما يحصل داخل قاعة الاحتفال في المتحف القومي وما يحصل في المتحف المصري وفي الشوارع.. مقاطع مصورة ومسجلة وأخرى مباشرة كلها متداخلة متكاملة.. الأطفال، الإضاءة، خروج وتحرك الموكب، الديكور، الألوان، الملابس، الماكياج، ثبات الخطوات، الموسيقى، الأوركسترا، العزف خصوصاً العازفات، الغناء الأوبرالي، الأغنية الشديدة التميز والتفرد التي تبدأ بترانيم المهابة لإيزيس، وقد أتاحت لنا أن نسمع لأول مرة لغة الفراعنة منطوقة، أصوات المغنيات الثلاث المتناغمة.. كل شيء جعل المشهد مكتملاً مهيباً.. ما يعني أن هناك خلية عمل تضامنت وعملت على قلب واحد وقدم كل منهم أفضل ما عنده حتى يرى العالم صورة عن مصر تعيد إحياء سيرة الأجداد وتليق بهم وتؤكد أن الجذور ممتدة والفراعنة يكرمون على أرضهم من أحفادهم. 
يستحيل أن ينجح هكذا حدث لو لم يقف خلفه مجموعة من الأشخاص يتقنون عملهم باحترافية عالية، ومجموعة من المبدعين يتفننون ويقدرون قيمة التاريخ والحدث وأهميته، وأبعاد تأثيره على صورة مصر ومكانتها في الخارج، ويشكل عنصراً قوياً في تنشيط السياحة. هنا نصل إلى السؤال الأهم.. طالما هناك من الإبداع في مصر ما يضاهي الإبداع في الخارج، لماذا لم نشهد حتى اليوم عملاً سينمائياً يليق بعاصمة الفن وباسم مصر وتاريخها العريق؟ لماذا يطغى الغث ونرضى بالفتات والقليل وكأنه لا يمكن أن تصل السينما المصرية إلى ما هو أفضل من الأفلام المتوسطة والاستهلاكية ناهيك عن الرديئة والتافهة؟ 
أين الخلل، طالما هناك من يستطيع تقديم كل هذا الجمال وابتكار أفكار غير مسبوقة ومشاهد يتحدث عنها العالم كله؟ هل هو نقص في التأليف؟ وهل فعلاً حاول المخرجون تقديم قمة أفكارهم ولم يصلوا إلى ما يطمحون؟ أم هي مسألة إنتاج وتمويل؟ علماً أن هناك من يملك القدرة على تمويل عمل ناجح ومبهر، بدل توزيع أموال الإنتاج على كم من الأعمال التي تبقى دون المستوى والطموح، أم أن عيون صناع السينما المصرية مازالت تنظر للداخل فقط، ولا تشغل بالها بالعالم والعالمية؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"