عادي
لا تواكب المرحلة وتحتاج للدقة في اختيار الخبرات والمهارات

إخطارات التعيين لكوادر المدارس الخاصة «روتين» ينشد التطوير

01:36 صباحا
قراءة 6 دقائق
74

تحقيق: محمد إبراهيم:

هل تصدق أن هناك كوادر تربوية، تشغل منصب مدير مدرسة خاصة، أو تعمل نائباً للمدير، وهذه الكوادر غير مؤهلة علمياً، وتفتقر إلى شرط تراكم الخبرات، وتعدد المهارات التي تحتاج إليها المرحلة الراهنة؟ فكيف لحاصل على بكالوريوس محاسبة، وليس له أية خبرة تربوية أن يكون مديراً أو نائب مدير مدرسة؟!، وكيف يحق لمعلم الحصول على الإخطار، وتخصصه لا يحاكي مهنة التدريس أساساً؟!

«الخليج» رصدت في الآونة الأخيرة، حالات كثيرة في عدد من المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة، تدعو إلى ضرورة الوقوف مع إجراء إصدار إخطار التعيين لكوادر المدارس الخاصة؛ إذ إن هناك معلمين يدرسون مواد لا تتوافق مع تخصصاتهم العلمية، إلى جانب آخرين حصلوا على الإخطار ولم يتمكنوا من تجديده بنفس المسمى، وفئة ثالثة لم تتمكن من استخراج الإخطار عند الانتقال للعمل في مدرسة أخرى، إضافة إلى مديري مدارس ونواب لا يحملون الدرجة العلمية التي تؤهلهم للقيام بهذه المهام، وليس لديهم الخبرات الكافية لتولي هذه المناصب، والأسباب ما تزال في علم الغيب.

المتغيرات المشهودة

يرى خبراء أن المتغيرات المشهودة في قطاع التعليم، تدعو الجميع في الميدان إلى إعادة هيكلة الكوادر وطرائق اختيارهم، وفق كفاءات ومهارات تحاكي الواقع التطويري الراهن، مؤكدين أن إجراء إصدار إخطارات التعيين لكوادر المدارس الخاصة؛ ينشد التطوير ويتطلب لجاناً متخصصة حازمة مؤهلة، عند إقرار من يستحق أن يكون معلماً ومن يستحق أن يكون مديراً أو نائباً؛ إذ إن الأمر ينعكس على المستوى المعرفي للمتعلمين في مختلف مراحل التعليم.

عدد من التربويين، أكدوا أن عملية التقدم للحصول على الإخطار لأحد الكوادر، يعد إجراء روتينياً، لا يواجه أية معوقات حتى لو كان الطلب منقوصاً من أحد الشروط؛ مثل: الخبرة أو مواءمة المؤهل الدراسي مع نوع المادة التي يدرسها المعلم أو المهام التي يقوم بها المدير أو نائبه.

في المقابل، أكد عدد من المعلمين أن هناك مديري مدارس هم من الحاصلين على بكالوريوس في المحاسبة إلى جانب نواب لا خبرة لهم ولا علاقة لهم بالعمل التعليمي، ومعلمين يعملون بالدبلوم وفي تخصصات أساسية، والأكثر خطورة أن هناك إداريين أصبحوا معلمين لمواد أساسية، بين عشية وضحاها، وتم استخراج الإخطار لهم.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، قضية من يستحق الحصول على إخطار التعيين في المدارس الخاصة بدءاً من المعلم وصولاً إلى مدير المدرسة، وأهم الاشتراطات الواجب توافرها للحصول على الإخطار، واستعراض ضرورة التطوير في هذا الإجراء لتحقيق مبدأ انتقاء كوادر التعليم في ميدان التعليم الخاص.

مؤهلات غير مناسبة

البداية كانت مع عدد من المعلمين، «إبراهيم.ق، ريبال.غ، ومراد.م، منى.ا، سامية.ح»؛ إذ أكدوا أن هناك بعض زملائهم من المعلمين يحملون مؤهلات علمية لا تناسب المواد الدراسية التي يقومون بتدريسها، فالبعض لديه دبلوم ويدرس مواد أساسية مثل الرياضيات والعلوم إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية، موضحين أنه مع الأسف تم استخراج إخطارات تعيين لهم؛ لتدريس تلك المواد المهمة.

وحول كيفية حصولهم على تلك الإخطارات، أفادوا بأن إدارات المدارس تعد المسؤول الأول، عن الترشيح سواء للمعلمين أو الكوادر الأخرى للحصول على الإخطار، الكل حسب تخصصه، وتتم المقابلة والتقييم والاعتماد لإصدار الإخطار من قبل لجنة مختصة في الهيئات أو المجالس التي تشرف على المدارس، وفق معايير واشتراطات محددة.

المحاباة والمحسوبية

الأمر لم يقتصر على إخطارات المعلمين فحسب؛ بل جاءت حالات القيادة المدرسية (حدث ولا حرج)؛ إذ إن هناك مديري مدارس لا علاقة لهم بالتعليم من قريب أو بعيد، فكيف يكون لمهندس لا خبرة له تربوياً أو إدارياً أن يكون مدير مدرسة، وكيف يصبح محاسب نائباً لمدير المدرسة، ويتم إصدار إخطار له أو لها ويصبح مديراً أو نائباً، على الرغم من افتقاره للخبرة التربوية والإدارة المدرسية.

في وقفة مع عدد من مديري المدارس، أكد كل من «مها.ا، سلمى.ع، خلدون.م، أشرف.ع» أن عملية الترشيح ترتبط في بعض المدارس، بالمحاباة والمحسوبية وأشياء أخرى، ولكن ينبغي أن تبقى الخبرات، والمعايير والضوابط، الفيصل الحاسم عند إقرار تعيين الكوادر بمختلف فئاتها.

وقالوا: إن هناك كوادر قيادية في بعض المدارس لا تربطها أية صلة بالتعليم، كما أن مؤهلاتهم العلمية لا ترتقي لتلك المناصب، وليس لديهم أي تراكم معرفي أو خبرات ومهارات تعينهم على مزاولة المهن التعليمية، مؤكدين أن هذا يؤثر سلباً في مسارات العملية التعليمية، وجودة المخرجات والمستوى المعرفي للمتعلمين، ودائماً ما تأتي القرارات غير الصحيحة في العديد من المدارس؛ نتيجة عدم تأهيل قيادتها وافتقار كوادرها لماهية العملية التعليمية.

وأكدوا ضرورة تطوير آليات إصدار الإخطارات، والارتقاء بمنظومة المعايير والاشتراطات؛ لترشيح الكوادر بدءاً من المعلم وصولاً إلى المدير؛ لضمان اختيار كوادر تربوية قادرة على مواكبة المرحلة ومتغيراتها، فضلاً عن ضمان وجود كفاءات وخبرات يمكن أن يستفيد منها الميدان.

دقة متناهية

ترى إيمان غالب خبيرة تطوير التعليم، أن اختيار الكوادر «التدريسية أو التربوية أو الإدارية» في المدارس الخاصة، أمر يحتاج إلى اهتمام خاص، ودقة عند النظر إلى المقومات وتراكم الخبرات وتعدد المهارات، فقوة القيادة المدرسية تقاس بجودة أدائها، وواقعية تخطيطها، وبمهارات المعلم وقدراته نرتقي بالمخرجات، وبفهم الإداري وعمق خبراته، نحظى بمرونة وسلاسة في الأداء.

وأضافت: إن الأهم من الاختيار، يأتي في دور اللجان المتخصصة بالجهات المعنية بالتعليم الخاص، التي تقرر صلاحية الكوادر المرشحة من عدمها؛ إذ إنها مخولة بمقابلة المرشحين من قبل المدارس الخاصة، لوظائف مثل «مدير مدرسة أو معلم أو إداري»، ومسؤولة عن تقييم المرشحين، وقياس معارفهم وقدراتهم ومهاراتهم وكفاءتهم، قبل منحهم إخطار التعيين، وتحديد من يستحق الإخطار.

ضوابط الإصدار

وحول ضوابط إصدار الإخطارات، أفادت بأنه من المفترض أن هناك معايير ممنهجة، وضوابط محددة، يتم من خلالها إصدار الإخطارات، وما يوجد من حالات في الميدان يعني أن هناك ضرورة ملحة لوضع آليات جديدة لتطبيق الاشتراطات والمعايير، فضلاً عن تطوير مهام اللجان المختصة بهذا الشأن وضوابط عملها، لاسيما أن هناك معلمين يدرسون مواد لا تتوافق مع تخصصاتهم العلمية، إلى جانب آخرين حصلوا على الإخطار، ولم يتمكنوا من تجديده بنفس المسمى، وفئة ثالثة لم تتمكن من استخراج الإخطار عند الانتقال للعمل في مدرسة أخرى، وهذا يعني أن هناك خللاً في مسألة إصدار الإخطارات.

وأوضحت أن اختيار المعلمين مسؤولية كبيرة، وترشيح مدير أو نائب مدير مدرسة، مسؤولية أكبر، فإذا كانت قدرات المعلم تقودنا إلى مخرجات عالية الجودة، تواكب الحاضر وتحاكي المستقبل، فإن كفاءة القيادة المدرسية تأخذنا لنرتقي بالمعلمين والإداريين والفنيين، ومن قبلهم بالمتعلمين، وتمتد فاعليتها إلى الارتقاء بالمنظومة، وهنا تكمن أهمية الدقة قبل إقرار عمل الكوادر التربوية المرشحة من عدمه.

وأفادت بأن مسألة إصدار إخطارات التعيين، تحتاج إلى مزيد من الرعاية، والنظر بجدية في أمر الكوادر الحالية، وأوصت بضرورة إعادة النظر في معايير وآليات وضوابط منح إخطارات المعلمين والقيادة المدرسية، نظراً لدورهم المحوري في صياغة مستقبل الأجيال، والارتقاء بمنظومة التعليم الخاص.

رخصة المهن

وفي قراءة متأنية ل«الخليج»، نجد أن الآمال تتشبث حالياً، بنظام رخصة المهن التعليمية؛ إذ تستهدف القيادة المدرسية والمعلمين والعاملين في الميدان التربوي بمختلف فئاتهم، فقد أصبحت الوسيلة التي نستطيع أن نعول عليها؛ لكشف قدرات وإمكانات الكوادر الحالية في الميدان، ومدى صلاحيتهم لاستكمال مسيرتهم في مجتمع التعليم.

وتسهم رخصة المهن التعليمية في اختيار العناصر التربوية الجديدة ذات الكفاءات العلمية والخبرات التي تسهم في الارتقاء بالعملية التعليمية ومخرجاتها، ومن الأفضل أن اعتماد الرخصة بدلاً عن جميع الإخطارات في المدارس سواء كانت حكومية أو خاصة؛ إذ تعد الضمانة الوحيدة لاختيار الكفاءات من الكوادر التربوية في الميدان، وباتت الرخصة جواز المرور إلى وظائف التعليم، بدءاً من العام الدراسي المقبل 2021-2022، ولن يُسمح للمعلمين والكوادر التربوية الأخرى، بممارسة المهنة في هذا القطاع، ومباشرة مهامهم وأدوارهم، من دون الحصول على الرخصة.

مؤهلات وخبرات

أكد عدد من أولياء الأمور أن جائحة كورونا كشفت قدرات المدارس، لاسيما التي استعانة بالإداريين لتدريس أبنائهم بدلاً من المعلمين، الأمر الذي نتج عنه مشاحنات غير مبررة بين الطالب والمعلم «الإداري»، ووجدت صعوبة في التواصل بين أولياء الأمور والمعلم.

تعديل المعايير

علمت «الخليج» أن مديرة مدرسة، ونائبة حصلتا على الإخطار، على الرغم من أن مؤهلاتهما العلمية لا تتناسب مع مواقعهن الوظيفية، فضلاً عن أنهما تفتقران لشرط الخبرة التي لا تقل عن عامين في العمل التربوي، فهل ستشهد الأيام المقبلة تعديل معايير وشروط الحصول على الإخطار؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"