امتطاء الفرص

02:02 صباحا
قراءة دقيقتين

جميعنا منذ كنا صغاراً تم تعليمنا في البيت والمدرسة والمجتمع بأن علينا التحكم في مجرى حياتنا، وأن الحياة محض فرص علينا ترويضها وامتطاؤها، ثم توجيهها إلى حيث الوجهة التي نريدها، فلا ينبغي أن نترك شيئاً يمضي بلا تخطيط، أو نتقبل تقلبات الأحوال وعدم معرفتنا بما هو قادم، دائماً يجب أن يكون لدينا تصوّر كامل لما نريد تحقيقه، وكيف سنحققه، وما رأي الناس فيه، وكيف ستكون النتيجة النهائية، ولكن الإبداع يقول غير ذلك!
إن الإبداع لا يطالبنا بأن نعرف كل شيء، ولا أن نملك تصورات واضحة 100% عما نود إنجازه ونهاية الطريق ونحن لا نزال في بدايته، فلسنا في البداية أو النهاية سوى بشر يخفى علينا الكثير، ويبقى المستقبل مهما خططنا له بحكم المجهول، أما الطريق فمليء بالمفاجآت التي يمكن أن نخفق أحياناً في استيعابها وإيجاد الحلول لها، أو لربما لا يكون أمامنا في وقت ما سوى الاستسلام لحكم القدر، لا انهزاماً، بل لأن الحل أحياناً يكمن في التوقف عن ضرب رأسك في الحائط ظنّاً أنك ستكسره، فتكسر رأسك بدلاً منه.
تخيل معي الحياة كفرس وأنك إنسان مبدع استطاع امتطاء هذه الفرس، وقابلتك دروب عديدة توصل إلى النجاح، وكل درب منها توجد قبالته لافتة كُتب عليها: «الطريق الأكيد والمضمون إلى النجاح»، ثم تشيح بنظرك لترى دروباً أخرى لم تخطُ عليها قدم إنسان من قبل، وتجربة الذهاب في أحد تلك الدروب المغايرة أمر لا يرجع قراره إليك وحدك، فإذا كنت مبدعاً فمن المرجح أنك ستقبل التحدي وتختار المسير في الدرب الذي لم يسلكه أحد قط.
وبخوضك لتجربة جديدة غير واضحة المعالم بشكل تام فأنت تفتح آفاقاً جديدة لرحلة عجائبية لا تخلو من الإثارة، فإذا فشلت على طول الطريق فلن يضرك ذلك مادمت تؤمن بأن الفشل ما هو إلا محطة من محطات النجاح التي لا بد لنا جميعاً من التوقف عندها يوماً، غير أن المبدع هو الذي ينهض من جديد ويتعلم من أخطائه ليتابع المشوار وقد اكتسب المزيد من المعرفة والحكمة.
وفوق ذلك كله، عندما نسير في طريق جديد لا ندرك كنهه تماماً، فإننا قد نكتشف على جنبات هذا الطريق أو في آخره كنزاً لم يجده أحد من قبل، لأن الكل آثروا واختاروا أن يسلكوا الطرق الآمنة.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"