افتراض خاطئ

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

في عام 1976م، تمكن «ستيف جوبز» الذي لم يكتب سطراً واحداً من أكواد البرمجة طوال مسيرة حياته، من إطلاق شركة «أبل»، بالاشتراك مع «ستيف وزنياك» و«رونالد واين»، وهو لم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره، ليتربع مع مرور الوقت على عرش أبرز عمالقة التكنولوجيا في العصر الحديث، قبل أن يرحل تاركاً وراءه إرثاً عظيماً لا يُنسى.
وفي سنة 2019م استضافت «قمة المعرفة» في دبي الإيرلندي «جوردان كايسي»، احتفاء بحصوله على لقب أصغر رائد أعمال في العالم، عن عمر لا يتعدى ثمانية عشر عاماً. بدأ جوردان مشوار نجاحه وهو في سن التاسعة، حيث أولع بالبرمجة والألعاب الإلكترونية، فتعلمها ذاتيّاً، وأنشأ مدونة بدأ ينشر عبرها كل ما له علاقة بشغفه، ولما بلغ الثانية عشرة استطاع أن يطور تطبيقاً ذكيّاً حقق انتشاراً واسعاً ضمن متجر «أبل»، واستمر في الإبداع والابتكار إلى أن استطاع تأسيس شبكة إلكترونية متخصصة أطلق عليها اسم «Team Worldwide»، تُعنى بدعم حركة رجال الأعمال المراهقين، وتزويدهم بالموارد المجانية والمخفضة لدعم مشاريعهم الريادية.
اليوم، هناك عشرات النماذج الحية لشبان وشابات في مقتبل العمر حققوا ما حققه كل من «ستيف جوبز» و«جوردان كايسي» من نجاح، ومع ذلك لا يزال هناك بعض كبار الإداريين الذين يؤمنون بأنهم أذكى الموجودين وأخبر الحاضرين، ويعتقدون أن من يصغرونهم سنّاً لا يمكن بحال من الأحوال أن يرتقوا إلى مستواهم، فيسدون آذانهم عن سماع أي فكرة أو اقتراح جديد.
إن هذا الافتراض الخاطئ الذي يمكنك أن تجد ألف دليل ودليل على بطلانه، يمكن أن يكون سبباً في إخفاق العديد من المؤسسات التي تضع كل مواردها في يد قياديين يحتكرون السلطة، ويصدرون الأوامر، من دون أي اعتبارات أو قابلية لتعديل قراراتهم بناء على الوضع الراهن والمستجدات، أو المشكلات القائمة.
فكم من شركة أعلنت إفلاسها بسبب تعنّت مديرها ومنهجيته في التفكير، وكم من مؤسسة باءت مشاريعها بالفشل الذريع لأن كبار مسؤوليها لم يعيروا أدنى اهتمام لفكرة مبتكرة أدلى بها موظف يصغرهم سنّاً، وكم من صاحب عمل خسر أمواله لأنه لم يثق بعقول الشباب الذين يعملون لمصلحته.
لا جرم أن المعرفة والخبرة تحتاجان وقتاً طويلاً لصقلهما وتنميتهما، لكن الإبداع والحلول الذكية ليست حكراً على أحد، إذ بوسع شاب صغير أن يفاجئ أكثر إداري مخضرم في الشركة باقتراح لم يخطر على باله قط، وباستطاعة موظفة في مقتبل العمر أن تدلي برأي إذا تم الأخذ به فمن شأنه أن يحل المشكلة التي تبدو عصيّة على الحل.
لهذا، فالأولى بالإنسان أن يحترم الناس، كبيرهم وصغيرهم، والأجدر بكل إداري وقيادي أن يشجع موظفيه ويحفزهم على طرح أفكارهم بكل أريحية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"