عادي
حقوق الإنسان من القرآن والسنة

حرية المرأة مبدأ راسخ تحميه الشريعة

22:46 مساء
قراءة 4 دقائق

للمرأة حقوق، وعليها واجبات تكاملية مع الرجل، تجعل من حقوقهما وواجباتهما كلاً متكاملاً في وحدة واحدة، تصلح بها حياة الأسرة، والمرأة في الإسلام مكلفة مثل الرجل، بما أمر الله به، وما نهى عنه.

حسب د. أنور السيد يعقوب الرفاعي، فإن الإسلام لم يعرف حجْراً على أموال المرأة، ومنحها القرآن الكريم الحقوق المدنية الكاملة، كما جعل لها الحق في ما اكتسبته، إذ يقول: (لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً) (سورة النساء – الآية 7).

وساهمت المرأة العربية في ميدان الفكر ما لم يكن معروفاً للمجتمع الأوروبي، واشتهر من النساء العديدات في ميدان العلوم والآداب، فكانت عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، راجحة عقل، وواسعة إدراك وأفق، وكانت راوية الحديث عن الرسول الكريم، وكذلك عائشة بنت طلحة بن عبيدالله الصحابي، وهي ذات علم غزير بأخبار العرب، وسكينة بنت الحسين، وأسماء بنت أبي بكر، وكانت غاية في الشجاعة.

وعدَّد د.محمد الصادق عفيفي، في كتابه «المجتمع الإسلامي وحقوق الإنسان»، الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة، ومنها حق التربية، فللبنت حق التربية المنزلية، ما دامت في بيت والديها، وما دامت لم تبلغ الرشد، أو لم تتزوج، فهما وصيان عليها بحق الأبوّة، وحق الدّين، فالبيت الذي يقوم على تربية بناته تربية رشيدة، ويغرس فيهن محاسن الصفات، جدير بأن يلجأ إليه الرجل والشاب، ليبحث فيه عن شريكة حياته. وفي ذلك يقول الرسول صلوات الله عليه، في ما رواه ابن عباس: «من كانت له ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، فعلمهن وأدبهن، واتقى الله فيهن، حتى يغنيهن الله، فله الجنة، فسأله بعض الصحابة: أو بنتان أو أختان يا رسول الله؟ فأجاب: أو بنتان أو أختان».

وللمرأة كذلك، كما يؤكد عفيفي، حق النفقة والكفالة لكونها بكراً، من ولي أمرها، حتى زواجها، وحينئذ ينتقل هذا الحق إلى عنق الزوج، وفي حالة طلاقها، أو موت زوجها المعدم عنها، فإن هذا الحق يعود إلى ذمة أبيها، ولا يحق له أن يجبرها على العمل وطلب الرزق، حماية لشرفها، ورعاية لسلامة المجتمع. ونبه الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى هذا الباب، وبيّن فضله، فقال، «ألا أدلكم على أفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة إليك، ليس لها كاسب غيرك»، رواه ابن ماجة، فالرسول يوضح أن من أعظم الصدقات، وأفضل القربات، قيام الأب بأوجه الإنفاق على ابنته في حالة عودتها إلى بيته ثانية، أو وفاة زوجها.

أيضاً منحت المرأة حق الحرية والاختيار، ومن أشكال ذلك حق اختيار الزوج الذي تريده شريكاً لها في حياتها، أخذاً من ثبات حقّها المشروع في إبداء الرأي، وحرية التفكير، فلا حَجْر، ولا مصادرة لحريتها في الاختيار، وليس لوليها أن يختار لها شخصاً معيناً، حرصاً على مال، أو طمعاً في منصب رفيع، وإن كان له حق التحري والنصيحة والتوجيه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح البكر حتى تُستأذن، ولا الثيب حتى تُستأمر، قالوا وما إذنها يا رسول الله؟ قال: صمتها»، أي سكوتها، لأنها قد يغلبها الحياء والخجل، فتسكت عن إظهار رغبتها، وليس لوليها أن يجبرها على غير من ترضاه».

وجاء في كتاب المفكر الإسلامي د.محمد الغزالي «حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة»، أن المرأة تعيش مع زوجها حيث يعيش، قال تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) (سورة الطلاق الآية – 6)، وأن تأخذ من مطلقها نفقة من تحضنهم من أولاده منها، بما يتناسب مع كسب أبيهم.

وللمرأة أيضاً أن ينفق عليها زوجها بالمعروف طوال زواجهما، وخلال فترة عدتها إن طلقها، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِياًّ كَبِيراً) (سورة النساء – الآية 34)،

صورتان للطلاق

للمرأة أن تطلب من زوجها إنهاء عقد الزواج، ودياً، عن طريق الخلع: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (سورة البقرة – الآية 229)، كما أن النساء لهن أن يطلبن التطليق قضائياً في نطاق أحكام الشريعة.

وحق الميراث ثابت للمرأة، ومن زوجها، وأبيها، وأولادها، وذوي قرابتها، قال تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) (سورة النساء – الآية 12).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"