عادي

«قطار الساحل الأزرق» الفرنسي ينطلق مجدداً

22:44 مساء
قراءة دقيقتين

من مرسيليا، عاد «قطار الساحل الأزرق» يشق طريقه على جرف البحر الأبيض المتوسط، إذ إن خط السكك الحديد هذا الذي تولى بناءه قبل نحو قرن عمال معظمهم من المهاجرين، عاد إلى الحياة بفضل أشغال إعادة تأهيل بدت أشبه بالبهلوانيات.

منذ نهاية أبريل الماضي، وبعد ثمانية أشهر من التوقف بسبب الأشغال، عاد صوت مذيعة الإعلانات في الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديد، يعدد أسماء البلدات الساحلية التي ألهمت أعمال كبار الرسامين والأدباء والسينمائيين كسيزان وجان رينوار ومارسيل بانيول، ومنها ليستاك ونيولون وأنسوييه لا رودون وسواها.

ينطلق القطار الإقليمي السريع ذو اللونين الأزرق والأبيض من مرسيليا، مبتعداً عن المباني والاختناقات المرورية والحاويات في ميناء ثاني أكبر مدن فرنسا، لتبدأ رحلته وسط مشهد طبيعي صافٍ من مكوّنين: البحر من جهة، وسلسلة جبال نيرت من الجهة الثانية. وما يتخلل الرحلة من «تناوب بين الأنفاق، ومشهد البحر الأبيض المتوسط، والقرى التي تتوزع في الجبال»، يشكّل نوعاً من «السحر» يُذهل النحال المقيم في هامبورج (شمال ألمانيا) بنوا لارشيه الذي قرر مع صديقه الألماني فيبكي دوشر زيارة الساحل الغربي لمرسيليا من دون سيارة.

أما إريك بارون، المدير التنفيذي لشركة السكك الحديد التي تتولى منذ أعوام تدريب سائقي هذا الخط البالغ طوله 32 كيلومتراً بين مرسيليا وميراما، فيقول: «أكثر ما يثير إعجابي هو التباين في الأضواء والألوان، بين اللون الأبيض للحجر الجيري في بداية ليستاك ثم اللون البرتقالي في أنسوييه لا رودون، فزرقة البحر والسماء».

أسس بارون أيضاً جمعية «صوت الساحل الأزرق» التي تعنى بالدفاع عن هذا الخط الذي تنقل قطاراته يومياً ما بين 1300 و 1500 راكب، 62 منهم سياح، بينما الآخرون يتوجهون من مقار عملهم إلى منازلهم، إذ تشكل رحلات هذا الخط مناطق صناعية.

على مدى قرن، شهدت فرنسا التي كانت في ثلاثينات القرن العشرين تمتلك واحدة من أكثر شبكات السكك الحديد كثافة في أوروبا، توقف نحو 20 ألف كيلومتر من الخطوط عن الخدمة، على ما يوضح الباحث في الجغرافيا إتيان أوفان.

ويتألف المسار من 23 نفقاً و18 جسراً. وكانت ورشة إنشائه عملاً جباراً نظراً إلى موقعها بين صخور الجبل ومياه البحر. ويروي المؤرخ لوي روبو في كتابه «خط السكة الحديد من الساحل الأزرق إلى سهل كرو» أن عمالاً كثراً قتلوا جرّاء حوادث سقوط الصخور والحجارة أو السقالات.

وتتخلل الخط الذي أُنجِز بناؤه عام 1915 «روائع من الحجر» مثل جسر «أو ساليه» الذي يربط تلين بفضل قوس فريد نصف دائري بطول 50 متراً صممه بول سيجورنيه، مهندس ومصمم جسر أدولف الضخم في لوكسمبورج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"