عادي

آنخل جيندا يكتب القصيدة تحت شجرة سرية

22:43 مساء
قراءة دقيقتين
2403

يعتبر آنخل جيندا أحد أهم الشعراء الأحياء على الساحة الشعرية، وكما تقول الشاعرة والناشرة ترينيداد رويث مارثيّان - في تقديمها للمختارات الشعرية التي صدرت بالعربية لآنخل جيندا، وعنوانها «تحت الشجرة السرية للموت» بترجمة الشاعر أحمد يماني عن الإسبانية - فإن شخصية آنخل مصاغة من التناقضات تجاه الآخرين، يظهر بسيطاً وقريباً ومباشراً وشفافاً ومتحمساً ومتكلماً وعطوفاً وكريماً ومتسامحاً ومحباً للمتع وداعماً وفكاهياً، بينما يبدو تجاه نفسه مركباً ومتوحداً وقانعاً وحزيناً وبالغ التركيز وصارماً ومثابراً ومتطلباً ومأساوياً، لقد خيّم موت والدته أثناء ولادته على حياته وشعره.

شعر آنخل جيندا رصين وعميق في مضمونه وواضح وحكائي في شكله، فالشعر يولد من الإحساس العميق والتفكير المسؤول والتجارب القاسية والخيال المتجدد المقترن بحدس قوي وذكريات لا تمحى، إنه ينضح بالأصالة والمعرفة والتعليم والتوتر والكثافة، المراحل الرئيسية التي تشكل مشواره الشعري هي الواقعية المرة والوعي النقدي والتأمل النشط ونوع من الاستنارة.

إنه «صاحب صوت لا هوادة فيه» هكذا تصفه ترينيداد رويث مارثيان فقد حافظ على «تماسك جذري أثناء تطوره» بغض النظر عن الاتجاهات الجمالية السائدة في إسبانيا، انسجام ينشأ من هذا التدمير البنّاء، وهو «محارب ضد القوى السياسية والمالية» معارض للواقع، متمرد على العالم، يشعر بأنه منفي منه: «لا أريد أن أعيش في هذا العالم» هكذا يعترف.

وفيما يتعلق بالمرحلة الإبداعية الأولى للشاعر، يرى آنخل كريسبو أن شاعرنا اقتحم حفل الشعر الإسباني – بشكل مفاجئ للبعض - بصوت شخصي بقدر ما هو مزعج، وفاجأ النقد الأدبي الغارق في مراجعة قيم ما بعد الحرب الأهلية.

أنخل جيندا نفسه يشير إلى أن الشاعر «محكوم عليه بالوضوح والغناء»، فهو يبشر بالتغيير الذي يجب أن يسبق العالم الذي يحلم به، ويدرك المهمة التي يشعر بأنه منجذب إلى تحقيقها، من الظل ومن الهامش، مثل أولئك الكبار غير الراضين.

هذا الشاعر، الذي يعلن نفسه متفحماً، لأنه كان الوقود والنار، هو أحد أولئك الذين تمردوا في السبعينات من القرن الماضي، حيث تمرد السورياليون وما بعد السورياليين في الأربعينات والخمسينات ضد الأنواع الفرعية للواقعية، التي تشكل الجناح الأكثر تحفظاً في الشعر الإسباني، لما بعد الحرب الأهلية، يقول ذلك صراحة: «أنا أكتب ضد الواقع، وليس عنه».

لدى آنخل جيندا بساطة تعبيرية خاصة أنه يفتقر إلى الزهو الفلسفي: لا للبحث عن حيلة فلسفية؛ بل بالأحرى، البحث عن معطيات تجريبية جذرية، ويتناول شعره «الحياة والزمن والموت، منطلقاً من هم إنساني يتفاقم حتى التمزق، حتى انهيار الذات الشاعرة، ويستند إلى ثلاث أفكار أساسية: الشعر كعمل من أعمال التدمير، والاقتناع بأنه«يُكتب كما يُعاش» ووعي الهامش الذي يلعب فيه البحث عن غنائية عميقة دور البطولة، وبالتالي يحكم على نفسه بإيضاح العالم، يبدو من الصواب اعتبار هذه اللعنة ظلًا، يعكس على عمله إغراء التفكير العميق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"