الجانب الخفي من الاقتصاد

22:05 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم محمود حنفي*

تسببت جائحة كورونا في تعطيل الآلة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي أدى إلى تقلص النمو في العديد من أجزاء العالم. ورغم بدايات تعافي الاقتصاد العالمي وإن بسرعات متفاوتة. فقد أظهرت الجائحة بجلاء الجانب الخفي من الاقتصاد العالمي والمخاطر والأخطار للآثار الضارة للعولمة المنظمة تنظيماً فضفاضاً. فخلال العقد الأول من القرن العشرين كانت الكوارث الطبيعية والإرهاب والأمراض والمنتجات الخطيرة بمثابة تحديات جديدة لسلامة النقل وشبكات المعلومات العالمية. وبينما استفادت الاقتصادات القومية من وفرة المنتجات التي يمكن تحمل ثمنها والمتاحة في نظام عالمي منفتح نسبياً، فقد كانت كذلك عرضة لخطر متزايد. ذلك أنه في عام 2010 أدت ثورة البراكين في آيسلندا إلى انقطاع الرحلات الجوية وشحن البضائع من منطقة شمال الأطلسي، كما أبرزت هشاشة شبكات التوريد العالمية، مع بقاء الشحنات الجوية على الأرض، وامتلاء المستودعات، ووجود المخزون من البضائع المصنعة في المصانع، واجه تجار التجزئة انقطاعاً دام ستة أسابيع لسلاسل التوريد. وخسر منتجو المنتجات القابلة للتلف، كصناعة الزهور المقطوفة حديثاً في كينيا، ملايين الدولارات في الشحنات. وأعلنت شركات الطيران العالمية عن خسائر قدرها 1.7 مليار دولار. ومع أن معظم البضائع تنتقل عن طريق البحر، فإن المواد الثمينة تنتقل بالجو. وبسبب انقطاع الشحن الجوي، اضطرت شركة نيسان لصنع السيارات اليابانية إلى وقف خطوط الإنتاج في المصانع باليابان عندما لم تصل الحساسات الهوائية من إيرلندا في الوقت المناسب.

كان النقل الجوي والبحري يمثلان أهدافاً مغرية للإرهابيين. وبعد الهجمات على نيويورك ولندن ومدريد ومومباي، تيقظت بلدان كثيرة لهذه الأخطار، وكان العالم التجاري يشعر بالقلق من احتمال نقل حاويات شحن الصلب القياسية الضرر مثلما تنقل القيمة للمواطنين والمستهلكين في أنحاء العالم. فقد كانت الحاوية القياسية 20 أو 40 قدماً غير المتميزة قادرة على حمل الإلكترونيات، أو الأحذية، أو الملابس، أو أسلحة الدمار الشامل – وربما جميعها في ذلك الصندوق الكبير نفسه. في الاقتصاد العالمي المعاصر، «الحاوية الصندوق» موجودة في كل مكان. وفي يوم نمطي يتم تحميل أو تفريغ 1,3 مليون حاوية في موانئ حول العالم، ويمكن للسفن ذات البدن العريض تفريغ حاويات سعتها 14500 وحدة تساوي 20 قدماً في أقل من يوم. وتحمل تلك الصناديق المعدنية حوالي 60 % من التجارة المحمولة بحراً. ويتحرك الباقي في ناقلات أو سفن الدوكمة التي تنقل النفط والغاز ومعدات السيارات الثقيلة.

تسافر الحاويات خلال فسيفساء نقل معقدة تضم أكثر من 700 ميناء ومن بين 8,486 مليون حاوية قياسية جرى تحميلها أو تفريغها في الموانئ خلال عام 2008 – على سبيل المثال – مر 115 مليون (28,7%) عبر الصين وهونج كونج، وستة من هذه الموانئ من بين أعلى عشرة موانئ في العالم. وفي كل دقيقة من اليوم يجري تحميل أو تفريغ 926 حاوية في المتوسط - في العقد الأول من القرن العشرين – في مكان ما من العالم.

تعتمد الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة - خاصة شركات التجزئة – على سلامة توصيل الحاويات ودقة توقيتها لدعم نماذجها التجارية. وهي تعرف، من خلال البطاقات الإلكترونية والمراقبة باستعمال النظام العالمي للاتصالات المتنقلة. كما تصل الحاويات كذلك إلى الموانئ من مواقع بعيدة حيث الأمن سيئ. نتيجة لذلك فإن لدى الموظفين المسؤولين عن الأمن مهمة ملحة في البلدان التي يستهدفها الإرهاب.

في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، أخذت الولايات المتحدة الأمريكية زمام المبادرة في تعزيز أمن الحاويات. وأصدر الكونجرس مرسوماً يقضي بضرورة أن تحمل كل الحاويات التي تدخل الولايات المتحدة أختام أمن غير قابلة للعبث بها بحلول 2008 وأن يجري عمل مسح لها بحلول عام 2012.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"