عادي

وكالة غير المسلم

23:28 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
إذا كان غير المسلم وكيلاً عن غير المسلم، فلا شك في صحة ذلك، لأن الكفر ملة واحدة كما قال بعض الفقهاء، وعند بعضهم الكتابي مع الكتابي ملة واحدة، والوثني مع الوثني ملة واحدة وهكذا.

أما وكالة غير المسلم في معاملة تخص المسلم، ففي المسألة تفصيل يجب أن نبينها، وتعريف الوكالة بأنها تفويض شخص ماله فعله مما يقبل النيابة إلى غير، ليفعله في حال حياته.

إذن الوكالة عقد نيابة، شرعها الله تعالى للحاجة والضرورة، وكل ما كان للضرورة والمصلحة فإنه مشروع، لأن المشقة تجلب التيسير، والضرورات تبيح المحظورات.

وأجمع الفقهاء على على أنه يجوز للمسلم أن يوكل غير مسلم، كما يجوز لغير المسلم أن يوكل مسلماً عموماً، لأن الوكالة ليس من شروط صحتها العدالة/ انظر «فتح الباري» ج5 ص 386، و«المغني» لابن قدامة مع الشرح ج5 ص 214، 215 وص 245.

ثم فرقوا بين ما يكون المسلم وكيلاً فيه عن غير المسلم، وبين ما يكون غير المسلم وكيلاً فيه عن المسلم في أمور، فإذا كانت المسألة من قبيل الحوالة والرهن والضمان والكفالة والشركة والوديعة والمضاربة والجعالة والمساقاة والإجارة والقرض والوصية والهبة والصلح والصدقة والنسخ والنكاح والطلاق والإبراء، فإن وكالة المسلم فيها لغير المسلم جائزة/ انظر «المبسوط» للسرخسي ج19 ص14، 138، وانظر «روضة الطالبين» للنووي ج4 ص298، وانظر «المغني» لابن قدامة ج5 ص204.

نعم، تصح الوكالة فيما ذكرنا، لكن بشرط أن تكون المعاملة مما يباح للمسلم فعله؛ إذ لا يصح أن يكون المسلم وكيلاً لغير مسلم في بيع الخمر مثلاً.

كما يصح أن يكون غير المسلم وكيلاً عن مسلم في طلاق مسلمة أو كتابية عند الجمهور، ويرى أحمد بن حنبل ، رحمه الله تعالى، عدم صحة الوكالة إذا كانت المرأة مسلمة، لأن الطلاق من قبل الولاية، فلا ولاية لغير المسلم على المسلم، وهذا هو قول الشافعية في إحدى الروايات/ انظر «الفتاوى الهندية» ج3 ص613، و«حاشية الدسوقي» ج2 ص413، و«روضة الطالبين» ج4، ص299، و«المقنع» ج2 ص150.

وتصح وكالة غير المسلم عن المسلم في الأضحية أيضاً إذا كان كتابياً، إلا أن مالكاً رحمه الله تعالى قال بعدم الجواز، لأن القرب يشترط فيها الإسلام/ انظر «حاشية الدسوقي» ج3 ص386 - 387.

كما تصح وكالة غير المسلم عن المسلم في كل ما هو من قبيل حقوق العباد مثل البيع والشراء والحوالة والإجارة والقرض والوديعة والرهن والكفالة والشركة والهبة والصلح والضمان والمضاربة والمزارعة والمساقاة، إلا أن المالكية والشافعية كرهوا أن يكون غير المسلم وكيلاً عن المسلم في أمور البيع والشراء وغيرهما من حقوق العباد، لأن غير المسلم يجهل أحكام الشرع فيما يتعلق بالمعقود عليه، وقد لا يتورع من ممارسة الحرام في غياب الموكل المسلم.

ثم هل يجوز لغير المسلم أن يكون وكيلاً عن مسلم في نكاح مسلمة؟

يرى الحنفية والمالكية جواز ذلك، وحجتهم أن الملك فيه يحصل للزوج لا للوكيل، بخلاف المسائل الأخرى غير النكاح.

ويرى الشافعية والحنابلة أن وكالته لا تصح، لأن الوكالة فيه ولاية، ولا ولاية لكافر على مسلم، والنكاح وإن كان من المعاملات، إلا أنه مشترك بين العبادات والمعاملات، والعبادات يشترط فيها الإسلام/ انظر «بدائع الصنائع» ج7 ص3447، 3452 و«حاشية الدسوقي» ج2، ص231، ج3، ص386، و«حاشيتا القليوبي وعميرة»، ج2، ص372، و«المغني» ج5، ص202.

ومن هذا يتضح أن الإسلام مع التيسير، لكن الاحتياط واجب أيضاً، ففي بعض الأمور يجب الأخذ بالأحوط.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"