اللقاح قاهر الوباء

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تصدر منظمة الصحة العالمية البيان تلو البيان لتهدئة المخاوف من متحور «كورونا» الجديد «أوميكرون»، ويفعل الشيء نفسه كبار العلماء، مع توصيات مشتركة بضرورة الرهان على التلقيحات بقطع النظر عن مصدرها وهويتها، لأنها الأداة الوحيدة التي مكنت العالم من السيطرة نسبياً على الوباء والحد من خطورته، بل إنها أنقذته من مصير مجهول كان ماثلاً قبل نحو عامين.

«أوميكرون»، وبحسب النتائج الأولية لمحاولات تقصّي مساره، ليس خطيراً إلى درجة الذعر، ولكنه «مثير للقلق»، مثلما أكدت ذلك منظمة الصحة العالمية. ومع الحذر الواجب مع انتشار المتحورات، يفترض أن يركز الجميع على استنباط الوسائل الممكنة لامتصاص أجواء الرعب وتحرير العقول من كوابيس الجائحة التي خنقت العالم لنحو عامين. ولكنها حتماً في طريقها إلى النهاية قريباً مع اقتراب دخولها العام الثالث. فما تحقق من إنجازات على مستوى التطعيمات وفّر حصانة لا بأس بها. وبمقاييس منظمة الصحة، فإن تلقيح 70 في المئة من المجتمع يوفر مناعة كبيرة، أما الدول التي تمكنت من تطعيم جميع المؤهلين لديها، مثل الإمارات العربية المتحدة، فإنها حققت النصر على الجائحة ودخلت بقوة في مرحلة التعافي. أما المشكلة التي تواجه العالم اليوم، فلا تتعلق بظهور المتحورات الجديدة ومخاطر انتشارها السريع، وإنما تتصل بإنجاح استراتيجيات التطعيم العالمية في الدول النامية والفقيرة، وهذا التحدي يمكن كسبه في أشهر معدودات إذا تعزز التضامن الدولي، وأصبح اللقاح في متناول كل الناس، دون تفريق أو تمييز، وآنذاك ستصبح الجائحة ذكرى سيئة من الماضي، ولكن الدروس منها كانت بليغة.

المناعة بالتطعيم هي الحصن الحصين ضد «كورونا» ومتحوراته وآخرها «أوميكرون» الذي لا يبدأ صناعة الوباء من العدم، ولكنه جزء من مسار تطويق الجائحة، فالمتحور، في جانب منه، شكل من أشكال التطور الذاتي للفيروس في مواجهة مضاداته. وفي كل مرة تظهر فيها طفرة جديدة، يتعجل بعض العلماء في التحذير من أن الطارئ قد يكون مقاوماً للقاح، ولكن التجارب أثبتت العكس تماماً مثل ما كان عليه الحال مع متحوري «ألفا» و«دلتا» والشيء نفسه سيثبت على الأرجح مع «أوميكرون»، الذي بدأت تتراجع حدة المخاوف منه، ليصبح واحداً من التطورات المزعجة لهذه الجائحة.

بفضل التلقيحات والإجراءات الوقائية التي اتخذتها جميع الدول، تمكن العالم من بناء مناعته وقهر الجائحة، وسيتعزز هذا التوجه في ظل الجهود المتعددة لإنتاج أدوية أكثر فاعلية ضد هذا الفيروس وغيره. وبعيداً عن منطق المغالبة والتسييس الذي تنتهجه بعض الدول الكبرى من خلال تعظيم لقاح وتبخيس آخر، هناك إجماع على أن كل اللقاحات فعالة واستطاعت أن تنقذ ملايين البشر من الهلاك، لو استمر الوضع الوبائي كما كان في بداية 2020. أما في هذه المرحلة فإن العالم سيكون أفضل، وماهي إلا أشهر حتى يتم الإعلان عن نهاية هذه الجائحة، التي حفلت بالكثير من العبر والدروس، وأولها ألاّ شيء مستحيل مادامت هناك إرادة علمية لحفظ الحياة وضمان الصحة التي ارتقت بها الجائحة لتصبح من أقدس حقوق الإنسان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"