غزة وجولة الحسم في القاهرة

01:45 صباحا
قراءة دقيقتين
2

يسود تفاؤل نسبي باحتمال التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، في ضوء «الأجواء الإيجابية» التي سادت جولة «سد الفجوات» في الدوحة، وعلى أمل أن تحمل المحادثات المرتقبة في القاهرة قبل نهاية الأسبوع بشائر حقيقية لاختراق في جدار الأزمة المعقدة، بعدما وصلت إلى مفترق طرق صعب بين إمكانية التهدئة أو جر المنطقة إلى انفجار شامل.
التصريحات التي رافقت اختتام جولة المحادثات في الدوحة شابها كثير من الحذر، رغم إجماع الدول الوسيطة، قطر ومصر والولايات المتحدة، في بيانها، على أن المحادثات كانت جادة وبناءة بعد تقديم «اقتراح جديد»، وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الاتفاق يلوح في الأفق الآن، وبات «أقرب بكثير مما كان عليه قبل أيام»، لكنه نبه إلى أن الأمر «لم ينته بعد»، فيما أكد مسؤول أمريكي آخر أن ما تم التوصل إليه ليس مثالياً، ولكنه الأفضل حتى الآن. وبالمقابل، اعتبرت حركة «حماس» أن المقترح الأمريكي الجديد «يستجيب لشروط إسرائيل ويتماهى معها». وما يثير القلق من هذه المواقف أن هذه المفاوضات مازالت تدور في حلقة مفرغة، ولم تصدر عنها إشارات حاسمة تؤكد أنها تسير تماماً في الاتجاه الصحيح.
إذا كان هناك من تقدم في محادثات الدوحة، فإن الجولة المقبلة في القاهرة يجب أن تتوصل إلى نتيجة إيجابية، لأن الوضع العام لم يعد يسمح بخيار آخر، وقد عبر عن ذلك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لدى لقائه وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، قائلاً إن «استمرار الحرب في القطاع يجر المنطقة إلى دائرة مفرغة وخطيرة من عدم الاستقرار».
ويبدو أن هذا التحذير المصري له ما يبرره، إذ إن العدوان الإسرائيلي لا يعطي مؤشرات على احتمال توقفه، بل إن ما حملته الساعات الماضية من ارتكاب مجازر وتدمير مربعات سكنية وأوامر إجلاء للمهجرين أصلاً في وسط القطاع وجنوبه، يؤكد أن الأوضاع مازالت بعيدة عن الهدنة، وهذا يعني أن إسرائيل لا تريدها أصلاً، وبعثت بوفدها إلى الدوحة من أجل كسب الوقت والمناورة استعداداً لجولة تصعيد في ظل تهديدات إيرانية، وهو ما قد يضع المنطقة على شفير الهاوية.
التوصل إلى الهدنة المنتظرة وتجنيب الشرق الأوسط ما لا يحمد عقباه، لن يتم من دون ممارسة ضغوط مباشرة على إسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو من أجل تحقيق وقف إطلاق النار وإتمام صفقة تبادل الأسرى والرهائن في غزة، وهذه مسؤولية الوسيط الأمريكي حصراً الذي يريد لعب دورين معاً، «الوسيط النزيه» والحامي لإسرائيل، وهو لا يستقيم ما لم تتوافر الإرادة الفعلية لفصل هذا الازدواج، لاسيما أن الوضع الإنساني في غزة بات فوق الاحتمال، وأوضاع النازحين، ولاسيما الأطفال منهم، باتت عاراً على جبين المجتمع الدولي الذي يدعي التحضر، ولم يستجب بسرعة إلى نداء الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لتوقف القتال سبعة أيام لتطعيم أطفال قطاع غزة البالغ عددهم 640 ألفاً ضد شلل الأطفال، الذي ينتشر هناك ويهدد بالقضاء على النسل.
ولو كانت هناك إنسانية فعلاً وعدالة قائمة، لكان هذا النداء وحده كافياً لفرض الهدنة، من دون انتظار جولات المفاوضات، وآخرها المنتظرة في القاهرة، وليتها تكون الحاسمة فعلاً ونقطة النهاية لهذه المأساة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3b575cv9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"