عادي
عالم متجدد

مواقيت الصلاة في البلاد غير المعتدلة

23:50 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
مواقيت الصلاة محددة من قبل الشرع، فلا مجال لأحد أن يجتهد فيها، قال الله تعالى: «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً»، الآية: 103 من سورة النساء.

وفي الحديث أن سائلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً؛ بل قال له: صل معنا هذين (اليومين) فأقام النبي الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضاً.

ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً، فأقام الظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم.

ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقت غربت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق.

ثم آخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر حتى كان قريباً من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال: الوقت بين هذين (رواه مسلم).

هذه المواقيت التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم هي في البلاد المعتدلة كبلادنا؛ حيث إن الليل والنهار كل منهما يأخذ دورته الطبيعية من الشروق إلى الغروب، لكن هناك من البلاد ما ليست شهورها كشهورنا، ولا أيامها كأيامنا، فتلتبس على أهلها مواقيت الصلاة والصيام كذلك. كالجهات القطبية والاسكندنافية التي يطول نهارها صيفاً، ويقصر شتاء، والبلاد الشمالية التي لا تغيب عنها الشمس في الصيف، وفي الشتاء لا تطلع الشمس.

وفي بعض البلاد يتداخل فيها وقت العشاء ووقت الفجر في بعض الأشهر، كباريس ولندن وموسكو، فما موقفهم من هذا الحديث الذي ذكرناه آنفاً؟

نعم.. على الرغم من أن طلوع الفجر سبب لوجوب صلاة الفجر، وظهور الشفق الأحمر موجب لصلاة العشاء، إلا أن البلاد غير المعتدلة التي لا تخضع للمواقيت المضبوطة بزمن، لا يسقط عن أهلها فرض الصلاة.

وقد ورد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال، فقال الصحابة: وما لبثه في الأرض؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم مجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، فقيل: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، أقدروا له قدره (رواه مسلم).

والعجيب أن البقالي والزيلعي من الحنفية رحمها الله تعالى قالا إن أهل هذه البلاد التي لا يوجد عندهم وقت للعشاء لتداخله مع الفجر، يسقط عنهم فرض العشاء لعدم وجود السبب، وقد قاسوا ذلك على مقطوع اليدين من المرفق؛ إذ يسقط عنه غسل اليدين عند الوضوء.

وفي البحر الرائق مثل ذلك؛ حيث قال: كما لو كان في بلد يطلع فيه الفجر قبل أن يغيب الشقق كبلغاريا، فإنه لا تجب عليه العشاء، كما يسقط غسل اليدين من الوضوء على مقطوعهما من المرفقين.

لكن ابن الهمام وابن عابدين وآخرين قالوا بالوجوب، وعندئذ تجب الصلاة قضاء لا أداء.

ويقول القاضي عياض من المالكية رحمه الله تعالى عن حديث الدجال: لو وكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام، ومعنى «اقدروا» عنده أي إذا مضى بعد طلوع الفجر قدرها يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر هكذا، وعندئذ تقع الصلوات كلها أداء لا قضاء.

وعند الشافعية يقدرون بأقرب البلاد إليهم، يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في روضة الطالبين: أما الساكنون بناحية تقصر لياليهم ولا يغيب عنهم الشفق، فيصلون العشاء حينئذ إذا مضى من الزمان قدر ما يغيب فيه الشفق في أقرب إليهم.

وعند السادة الحنابلة أن الصلاة في أيام الدجال تقدر لها قدر المعتاد من نحو ليل أو شتاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"