هل يخاطر الفيدرالي بالركود لترويض التضخم؟

21:36 مساء
قراءة 3 دقائق
1

ديفيد براون *

لا يزال الاقتصاد العالمي في حالة تعافٍ هش من جائحة «كوفيد-19»، وآخر ما يحتاج إليه هو صدمة الصراع الخطير في أوكرانيا. فالمخاطر كبيرة والتوترات تتزايد والضرر الذي يلحق بالثقة الاقتصادية العالمية لا يُحصى.

يتباطأ النمو العالمي، والتضخم آخذ في الارتفاع، والأسواق المالية العالمية في خطر. وقد يكون للتهديد بالعمل العسكري وخطر العقوبات الانتقامية على روسيا من قبل الناتو تداعيات كبيرة على الاقتصاد. وفي السيناريو الأسوأ، يمكن أن يُلقى بالعالم في أتون الركود، وتُترك أسواق الأسهم مدمرة، وأسواق السندات عالقة في مرمى النيران.

في الجانب الأمريكي، قد يخسر الاحتياطي الفيدرالي معركة منحنى فيليبس، وهي العلاقة العكسية بين التضخم ومعدلات البطالة التي تنتج داخل الاقتصاد الذي يعاني مرحلة ساخنة أو أخرى شديدة البرودة. وفي الوقت الحالي، يتعرض الاقتصاد الأمريكي لخطر الإنهاك، أو المرحلة الأولى، حيث بلغ التضخم 7.5% في كانون الثاني/يناير الماضي، وسط العديد من المؤشرات الخارجية إلى أن المعدل قد يتضاعف مع مرور الوقت لهذا العام، وهو أمر لم تشهده أمريكا منذ أكثر من 40 عاماً. في الوقت نفسه، قد تنساق الولايات المتحدة إلى بطالة على غرار الخمسينيات، مع احتمال انخفاض معدلاتها إلى أقل من 3% هذا العام.

بكل المقاييس، يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تخلف بشدة عن المنحنى ولديه القليل من الفرص للحاق بالركب، مما يزيد من احتمالات رفع أسعار الفائدة الأمريكية بمجرد عقد الاجتماعات المقبلة للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في الخامس عشر والسادس عشر من مارس/آذار المقبل.

تتمحور توقعات السوق حول ارتفاع بنسبة ربع نقطة مئوية، ولكن هل يمكن أن يفاجئ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسواق ومستثمريها بحركة أكبر تعادل نصف نقطة؟ ربما الوقت قد حان للمركزي للمجازفة وأخذ الأفضلية من معدلات التضخم قبل أن يفوت الأوان وتخرج الأرقام عن السيطرة.

ظل بنك الاحتياطي الفيدرالي يتصرف بسرعة وبشكل تيسيري مع السياسة النقدية الأمريكية لفترة طويلة، منذ الانهيار العالمي لعام 2008، بحيث سيكون من الصعب على المستهلكين والشركات والمستثمرين التكيف مع الحياة الطبيعية. فقد اعتادوا على الأموال الوفيرة والسهلة لدرجة أنه سيكون هناك تصفية حسابات معقدة للاقتصاد إذا ما تم فرض سياسة أكثر صرامة. ويدرك الاحتياطي الفيدرالي الخطر جيداً، وفي حال ازدادت سخونة الاقتصاد بالقرب من الانهيار، فسيتعرض لضربة قوية من مطرقة التضخم الثقيلة.

وإذا كان الفيدرالي يأمل في استعادة النظام إلى منحنى فيليبس بمقايضة أكثر استدامة بين التضخم والوظائف، فإن هدفه المتوسط الأجل البالغ 2.5% لأسعار الفائدة الأمريكية لا يفي أبداً بهذا الغرض. وقد تتجه الأسعار نحو ضعف هذا المستوى لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح. وبالنظر إلى توسع الاقتصاد الأمريكي بنسبة 5.7 في المئة في عام 2021، وهو أقوى معدل نمو منذ عام 1984، فلا عجب أن يرى بنك الاحتياطي الفيدرالي أن الوقت قد حان لتقليص الحوافز الفائقة التي كانت تُغرق الاقتصاد لسنوات.

ليست أسعار الفائدة القريبة من الصفر فحسب هي التي تحتاج إلى المراجعة، ولكن الفيدرالي نفسه يحتاج أيضاً إلى إعادة ميزانيته العمومية المتضخمة إلى السيطرة بعد سنوات من عمليات إعادة شراء الأصول وتسييل الديون في إطار برنامج التيسير الكمي. وتعتبر الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أكبر بنحو 10 مرات مما كانت عليه قبل انهيار عام 2008 وحوالي ضعف الحجم الذي كان سائداً قبل جائحة كورونا.

يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إلى كبح جماح الاقتصاد، مع الأخذ في الاعتبار مقدار التحفيز المالي الذي تم ضخه للتعافي من قبل حكومة الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. ومع ازدياد هذا التعافي في ظل توقع وصول عجز الميزانية الفيدرالية إلى 13.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، وبعد نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الميزانية بنسبة 14.9% في عام 2020، يكمن الخطر في التحفيز المفرط للاقتصاد، الأمر الذي يتبعه مزيد من ضغوط الإنهاك.

يجب أن يبقي الفيدرالي مخاطر التضخم المحتملة تحت السيطرة، خاصة بعد ارتفاع التكلفة، وارتفاع أسعار الطاقة مؤخراً. 

* الرئيس التنفيذي لشركة «نيو فيو إيكونوميكس»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"