«الاختيار 3» والمشككون

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

اعتدنا أن نسمع الأصوات المشككة تعلو مع ظهور أول حلقة، ثلاثة مواسم و«الاختيار» هو الشوكة العالقة في حلق جماعة «الإخوان» وكل من ينتمي إليها أو يتوافق مع فكرها. ولأن هذا الجزء هو الأكثر تعمقاً في الجانب السياسي والأكثر كشفاً بالصوت والصورة لما كان يدور في اجتماعات قيادات «الإخوان»؛ ورغم مقاطع الفيديو الحقيقية التي باتت المشهد الذي ننتظره جميعاً كل مساء ليكون مسك ختام كل حلقة، إلا أن هناك إصراراً من قبل المضللين على النفي ومحاولة اختلاق الأكاذيب وتكذيب الحقائق، ويشعلون السوشيال ميديا سخرية من المسلسل وشخصياته وأبطاله، كنوع من التمويه أو محاولة فاشلة لإضعاف المسلسل وإبعاد الناس عنه.

«الاختيار 3» أقل أجزاء هذه السلسلة تقديماً للعمليات العسكرية القتالية، والأقل تقديماً لسير الشهداء من الشرطة والجيش، يركز مؤلفه هاني سرحان على الجانب السياسي وكواليس وأسرار مرحلة حكم «الإخوان» في مصر، والجانب الاستخباراتي وعمليات إلقاء القبض على مسؤولين وعناصر من التنظيمات الإرهابية، قبل تنفيذ عمليات تهريب أسلحة أو تفجيرات واغتيالات..

صورة حية تعيد إلى الأذهان ما عاشته مصر من تخبط وإحباط خلال عام «الإخوان»، ولعل أهمية عرض مثل هذه الحقائق وفتح الملفات مع تقديم الأدلة موثقة بأصوات وصور أصحابها، هي تنشيط ذاكرة كل إنسان تناسى أو نسي صعوبة وخطورة المرحلة التي عانت منها مصر، والتي كانت ستؤثر بلا شك على المنطقة كلها. 

وصول جماعة «الإخوان» إلى رأس السلطة، والغضب الشعبي من ممارسات الجماعة ومحاولات قياداتها المستميتة لتغيير الدستور والتحكم بالقضاء، يقدمها المسلسل بالتزامن مع تحركات الأجهزة الأمنية والاستخبارات على أكثر من جبهة؛ لإمساك الخيوط والتوصل إلى كشف المخططات قبل فوات الأوان، فتشعر طوال الوقت بكمّ الضغط الذي واجهته تلك الأجهزة الأمنية، وصعوبة ودقة تلك المرحلة والذكاء الشديد في التعامل معها، والقدرة العالية على ربط المعلومات وسرعة التحرك. 

قد يأخذ البعض على المسلسل بطء إيقاعه في الجزء الثالث، خصوصاً أننا عشنا مع الجزأين الأول والثاني أجواء القتال، وتفاعلنا بالحماس مع كل عملية اقتحام أو إحباط خطة أو إلقاء القبض على خلية، وأبكانا المسلسل مع سقوط كل شهيد، وكانوا كثراً في الموسمين السابقين؛ لذلك يشعر المشاهد بهدوء المعركة هذا الموسم؛ لأنها معركة بقاء، أسلحتها تخطيط وحنكة وتحرك شعبي قبل ولادة ثورة 30 يونيو.

يحافظ هاني سرحان وبيتر ميمي على نفس مستوى الجودة في التأليف والإخراج، ويتألق ياسر جلال في شخصية الرئيس السيسي. الثلاثي كريم عبدالعزيز، وأحمد عز، وأحمد السقا ناجحون في الأداء كلٌّ من موقعه، وفي المشاهد التي تجمعهم، كما يتميز ميمي بالحرص على تلقائية كل الممثلين، فيزداد الإحساس بأن ما يشاهده الجمهور حقيقة وليست دراما تلفزيونية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"