اختيار الشريك المصرفي المناسب

فرانسوا فرج الله *

حلت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بحسب التقرير الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال (Global Entrepreneurship Monitor) في عام 2022. ورغم المتعارف عليه بأن دولة الإمارات تستحق هذا التصنيف، إلا أنه من غير المستغرب حصولها عليه نظراً للمكانة التي تحتلها الإمارات في منطقة تعتبر مقصداً جاذباً للشركات الناشئة. وفي العام 2020، استقطبت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا رؤوس أموال جديدة بقيمة مليار دولار، على الرغم من القيود المالية نتيجة جائحة كوفيد-19. وخلال السنوات الأربع الماضية، ارتفع عدد رواد الأعمال الذين قاموا بتنفيذ مشاريع لإنشاء متاجر بنسبة 600 %، وفقا للأرقام الصادرة عن المجلس الأطلسي. وستستمر حركة النمو في التصاعد على المدى المنظور، حيث تم تحديد حجم السوق المتوقع للشركات الناشئة الإقليمية بقيمة 3.45 مليار دولار بحلول العام 2026.
ستستمر حركة ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط في التوسع وتحقيق المزيد من النمو. وقد أثبتت الشركات الناشئة المنتشرة في الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية قدراتها الواضحة على ابتكار منتجات وخدمات رائدة. وبفضل الإقبال المتنامي الذي تشهده المنطقة على استخدام الحلول الرقمية من قبل المستهلكين من فئة الشباب، واتساع نطاق برامج الدعم الحكومي الذي يحظى به رواد الأعمال ذوي الأفكار المبتكرة، ليس من المستغرب أن تستمر منطقة الشرق الأوسط في كونها المحور الرئيسي لاستقطاب رواد الأعمال من حول العالم.
وعلى الرغم من الفرص الهائلة التي توفرها المنطقة، إلا أن مؤسسي الشركات الناشئة في المراحل المبكرة قد يواجهون مجموعة من التحديات الأساسية عند الشروع في إقامة مشروع جديد. ويتمثل أحد التحديات في إيجاد الشريك المصرفي المناسب، باعتبار ذلك من الخطوات المعقدة التي تتطلب جهداً كبيراً. فقد يجد رواد الأعمال أن البنك كبير الحجم بالمقارنة مع أعمالهم في المراحل الأولى من دورة حياة مشروعهم. وخلال المراحل المبكرة من تأسيس المشروع والتي تتطلب الكثير من الدعم والتوجيه من قبل البنك، قد يكتشف رائد الأعمال أن الشريك المصرفي لا يملك آليات لتوفير خدمة العملاء المناسبة لدعم نمو الشركات الناشئة.
ومن ناحية أخرى، قد تواجه الشركات الناشئة بعض التحديات في التعامل مع شريكها المصرفي ولا سيما عندما تبدأ أعمالها بالنمو وتصبح بحاجة إلى شريك مصرفي قادر على التوسع معها. فبعد إرساء أسس الأعمال وتحقيق الاستقرار، تتوقع الشركة الناشئة من شريكها المصرفي المساهمة في تعزيز نجاحها ودعم مسيرة نموها. وإذا كان هذا الشريك المصرفي غير قادر على تلبية متطلباتها، فإنه يصبح بمثابة عائق أمام قدرتها على تحقيق مزيد من التطور.
تحتاج الشركات الناشئة أيضاً إلى التأكد من قدرة شريكها المصرفي على مساندتها في مجموعة من الظروف التي قد تواجه أعمالها في المستقبل. فعلى سبيل المثال، يجب التأكد من قدرة الشريك المصرفي على دعم خططها التوسعية في دول أخرى، وكذلك من استعداده لتوفير التوجيه اللازم إذا واجهت الشركة تغييرات تنظيمية، سواء في مسار الأعمال أو بسبب المناطق الجغرافية. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من أن الشريك المصرفي سيستمر في تقديم الدعم في حال إجراء أي تغييرات على هيكل الشركة.
إنها مجموعة معقدة وغامضة من الاعتبارات التي يجب على رواد الأعمال مراعاتها عند تأسيس أعمالهم. إنها أيضاً سلسلة من الاعتبارات الخاصة بمسرعات الأعمال وصناديق التمويل. ويحتاج كلا الطرفين إلى التأكد من أن الأعمال التي استثمرا فيها الكثير من الوقت والمال لديها شريك مصرفي موثوق به وقادر على تقديم الدعم بشكل مباشر.
إن الدخول في شراكة استراتيجية مع بنك خاص يساعد أصحاب المشاريع على الاستفادة من الخيارات المصممة لتتناسب مع خطط أعمالهم والقابلة للتطوير والتي يمكن أن تساعد على تنمية أعمالهم بنجاح. تقدم البنوك الخاصة مجموعة من الخدمات لعملائها من الشركات الناشئة، وتدعمهم في كل خطوة في مسيرة أعمالهم. وانطلاقاً من قدرة هذه البنوك على تقديم المشورة المتعلقة بإدارة الأعمال في بيئات تنظيمية مختلفة، فإن البنوك الخاصة هي بمثابة الشريك الأفضل لأي رائد أعمال.
وفضلًا عن ذلك، فإن الشريك المصرفي القوي الذي يبحث عنه أي رائد أعمال هو عبارة عن كيان مالي يتمتع بالريادة في منهجية عمله وتعامله مع العملاء. يحتاج رائد الأعمال إلى التأكد من أن مصرفه مدرك لاحتياجاته ومصمم على التعاون معه بشكل فعال، وأنه قادر على انتهاج أسلوب استباقي في مواجهة المشاكل وتلبية الاحتياجات في كل مرحلة من مراحل تطور الأعمال. فمن خلال الشراكة مع أحد البنوك الخاصة التي تشاطره روح المبادرة، يرسي مؤسس الشركة الناشئة ركائز أمنه المالي على المدى الطويل.
* رئيس منطقة الشرق الأوسط وتركيا 
في إي إف جي إنترناشيونال